آيات من القرآن الكريم

وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

فى اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
وفضلا عن ذلك فالمداران السالفا الذكر ليسا في مستوى واحد، بل يميل أحدهما على الآخر، ولولا ذلك لتكرر كل من الكسوف والخسوف مرة في كل شهر، وهكذا يتبين كيف إن لكل من: الشمس والقمر فلكا أو مدارا مستقلا يسبح فيه اهـ.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٤١ الى ٤٤]
وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ (٤٢) وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ (٤٣) إِلاَّ رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ (٤٤)
تفسير المفردات
الذرية: أصلها صغار الأولاد، ثم استعملت في الصغار والكبار، ويقع على الواحد والجمع وهى من ذرأ الله الخلق فتركت همزته نحو بريّة، الفلك: السفينة، المشحون: المملوء، ما يركبون: هى الإبل فإنها سفائن البر لكثرة ما تحمل، فلا صريخ:
أي فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه على سبيل المنة على عباده أنه أحيا الأرض وهى مكان الحيوان- أردف ذلك ذكر نعمة أخرى على الإنسان، وهى أنه جعل له طريقا يتخذه في البحر ويسير فيه كما يسير في البر جلبا لأرزاقه وتحصيلا لأقواته من أقاصى البلاد فى أنحاء المعمورة.

صفحة رقم 14

الإيضاح
(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) أي ومن آيات قدرته الدالة على رحمته بعباده أن جعل أولادهم يركبون السفن الموقرة بسائر السلع التي ينقلونها من بلد إلى آخر ليستفيدوا مما تحمله من الأقوات وسائر حاجهم المعيشية، ولولا ذلك لما بقي للآدمى نسل ولا عقب من بعده.
ونحو الآية قوله: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ».
(وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) أي وخلقنا من مثل تلك السفن البحرية سفنا برية، وهى الإبل التي تسير في الصحارى كما قال شاعرهم:
سفائن برّ والسراب بحارها
ونحوها قطر السكك الحديدية والسفن الهوائية من مطاود وطائرات تسير في الجوّ حاملة للناس السلع المختلفة والذخائر الحربية، ومن جرّاء هذا لم يعين الكتاب الكريم ما يركبون لما سيظهر في عالم الوجود مما هو مخبّأ في صحيفة الغيب، وهذا من إعجاز الكتاب الكريم.
ونحو الآية: «وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً، وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ».
ثم ذكر لطفه بعباده حين ركوبهم تلك السفن فقال:
(وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) أي وإن نشأ إغراقهم في الماء مع ما حملته السفن والزوارق فلا مغيث لهم يحفظهم من الغرق وينجيهم من الموت، ولكن رحمة منّا بهم وتمتيعا لهم إلى حين بلذات الحياة الدنيا أبقيناهم وحفظناهم من الغرق، وإلى هذا أشار بقوله:
(إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا وَمَتاعاً إِلى حِينٍ).

صفحة رقم 15
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية