آيات من القرآن الكريم

وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ
ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪ ﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ

بسبب كفركم لا بسببنا أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ دخلت همزة الاستفهام على حرف الشرط وفي الكلام حذف تقديره: أتطيرون أن ذكرتم يَسْعى أي يسرع بجده ونصيحته، وقيل: اسمه حبيب النجار اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ أي هؤلاء المرسلون لا يسألونكم أجرة على الإيمان، فلا تخسرون معهم شيئا من دنياكم، وترجون معهم الاهتداء في دينكم وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي المعنى أي شيء يمنعني من عبادة ربي؟ وهذا توقيف سؤال وإخبار عن نفسه قصد به البيان لقومه، ولذلك قال: وإليه ترجعون فخاطبهم إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ هذا وصف للآلهة، والمعنى: كيف أتخذ من دون الله آلهة لا يشفعون ولا ينقذونني من الضر إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: إن اتخذت آلهة غير الله فإني لفي ضلال مبين إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ خطاب لقومه أي: اسمعوا قولي واعملوا بنصيحتي، وقيل: خطاب للرسل ليشهدوا له.
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قيل: هنا محذوف يدل عليه الكلام، وروي في الأثر وهو أن الرجل لما نصح قومه قتلوه فلما مات قيل له: ادخل الجنة، واختلف هل دخلها حين موته كالشهداء؟ أو هل ذلك بمعنى البشارة بالجنة ورؤيته لمقعده منها؟ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي تمنّى أن يعلم قومه بغفران الله له على إيمانه فيؤمنون، ولذلك ورد في الحديث أنه نصح لهم حيا وميتا، وقيل: أراد أن يعلموا ذلك فيندموا على فعلهم معه وينفعهم ذلك وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ المعنى أن الله أهلكهم بصيحة صاحها جبريل، ولم يحتج في تعذيبهم إلى إنزال جند من السماء، لأنهم أهون من ذلك، وقيل: المعنى ما أنزل الله على قومه ملائكة رسلا كما قالت قريش: لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً [الفرقان: ٧] ولفظ الجند أليق بالمعنى الأول، وكذلك ذكر الصيحة بعد ذلك وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ ما كنا لننزل جندا من السماء على أحد فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أي ساكنون لا يتحركون ولا ينطقون.
يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ نداء للحسرة كأنه قال: يا حسرة احضري فهذا وقتك، وهذا التفجع عليهم استعارة في معنى التهويل والتعظيم لما فعلوا من استهزائهم بالرسل، ويحتمل أن يكون من كلام الملائكة، أو المؤمنين من الناس، وقيل: المعنى يا حسرة العباد على أنفسهم أَلَمْ يَرَوْا الضمير لقريش أو للعباد على الإطلاق، والرؤية هنا بمعنى العلم وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا

صفحة رقم 181

مُحْضَرُونَ
قرئ لما بالتخفيف وهي لام التأكيد دخلت على ما المزيدة وإن على هذا مخففة من الثقيلة، وقرئ بالتشديد وهي بمعنى إلا «١»، وإن على هذا نافية وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ما معطوفة على ثمره أي ليأكلوا من الثمر وما عملته أيديهم بالحرث والزراعة والغراسة، وقيل ما نافية وقرئ ما عملت من غير هاء «٢» وما على هذا معطوفة الْأَزْواجَ يعني أصناف المخلوقات ثم فسرها بقوله: مما تنبت الأرض وما بعده، فمن في المواضع الثلاثة للبيان وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ يعني أشياء لا يعلمها بنو آدم كقوله: وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ [النحل: ٨].
نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أي نجرده منه وهي استعارة وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها أي لحد موقت تنتهي إليه من فلكها، وهي نهاية جريها إلى أن ترجع في المنقلبين الشتاء والصيف، وقيل: مستقرها: وقوفها كل وقت زوال، بدليل وقوف الظل حينئذ، وقيل:
مستقرها يوم القيامة حين تكوّر، وفي الحديث: مستقرها تحت العرش تسجد فيه كل ليلة بعد غروبها»، وهذا أصح الأقوال لوروده عن النبي ﷺ في الحديث المروي في البخاري عن أبي ذر «٣»، وقرئ لا مستقر لها أي لا تستقر عن جريها وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ قرأ نافع «٤» بالرفع على الابتداء أو عطف على الليل، وآخرون بالنصب على إضمار فعل، ولا بد في قدّرناه من حذف تقديره: قدرنا سيره منازل، ومنازل القمر ثمانية وعشرون ينزل القمر كل ليلة واحدة منها من أول الشهر، ثم يستتر في آخر الشهر ليلة أو ليلتين، وقال الزمخشري: وهذه المنازل هن مواضع النجوم وهي السرطان، البطين، الثريا، الدبران، الهقعة الهنعة، الذراع، النثرة، الطرف، الجبهة، الزبرة الصرفة، العوى، السماك، الغفر، الزباني، الإكليل، القلب، الشولة، النعائم، البلدة، سعد بلع، سعد الذابح، سعد السعود، سعد الأخبية، فرغ الدلو المقدم، فرغ الدلو المؤخر، بطن الحوت حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ العرجون هو غصن النخلة شبه القمر به إذا انتهى في نقصانه، والتشبيه في ثلاثة

(١). قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي: لمّا بالتشديد وقرأها الباقون بدون تشديد.
(٢). قرأها حمزة والكسائي وأبو بكر: ما عملت، وقرأ الباقون: وما عملته أيديهم.
(٣). انظر الجامع الصحيح للبخاري كتاب بدء الخلق ج ٤ ص ٧٥.
(٤). نافع وابن كثير وأبو عمرو والباقون: والقمر بالنصب.

صفحة رقم 182
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية