على انه حال من المفعول او حال كونه غائبا عن عيون الناس فى خلوته ولم يغتر برحمته فانه منتقم قهار كما انه رحيم غفار وكيف يؤمن سخطه وعذابه بعد ان قال (إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ) ومن كان نعمته بسبب رحمته اكثر فالخوف منه أتم مخافة ان يقطع عنه النعم المتواترة فظهر وجه ذكر الرحمن مع الخشية مع ان الظاهر ان يذكر معها ما ينبئ عن القهر وفى التأويلات النجمية (وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) اى بنور غيبتى يشاهد وخامة عاقبة الكفر والعصيان ويتحقق عنده بشواهد الحق كمالية حلاوة الايمان ورفعة رتبة العرفان فَبَشِّرْهُ اى من اتبع وخشى وحد الضمير مراعاة للفظ من بِمَغْفِرَةٍ عظيمة لذنوبه وَأَجْرٍ كَرِيمٍ حسن مرضى لاعماله الصالحة لا يقادر قدره وهو الجنة وما فيها مما أعده الله لعباده الجامعين بين اتباع ذكره وخشيته والفاء لترتيب البشارة او الأمر بها على ما قبلها من اتباع الذكر والخشية يقول الفقير رتب التبشير بمثنى على مثنى فالتأمل فى القرآن او التأثر من الوعظ يؤدى الى الايمان المؤدى الى المغفرة لان الله تعالى يغفر ما دون الشرك لمن يشاء والخشية تؤدى الى الحسنات المؤدية الى الاجر الكريم لانه تعالى قال (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) قال بعضهم الانذار لا يؤثر الا فى اصحاب الذكر لانهم فى مشاهدة عظمة المذكور فبركة موعظة الصادق تزيد لهم تعظيم الله تعالى وإجلاله وإذا زاد هذا المعنى زادت العبودية وزال التعب وحصل الانس مع الرب واعلم ان الجنة دار جمال وانس وتنزل الهى لطيف. واما النار فهى دار جلال وجبروت فالاسم الرب مع اهل الجنة والاسم الجبار مع اهل النار ابد الآبدين ودهر الداهرين وقد قال تعالى (هؤلاء للجنة ولا أبالي وهؤلاء للنار ولا أبالي) وانما كان الحق تعالى لا يبالى بذلك لان رحمته سبقت غضبه فى حق الموحدين او فى حق المشركين ويكون المراد بالرحمة رحمة الإيجاد من العدم لانها سابقة على سبب الغضب الواقع منهم فلذلك كان تعالى لا يبالى بما فعل بالفريقين. ولو كان المراد من عدم المبالاة ما توهمه بعضهم لما وقع الاخذ بالجرائم ولا وصف الحق نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد هذا كله من المبالاة والتهم بالمأخوذ كذا فى الفتوحات المكية إِنَّا من مقام كمال قدرتنا والجمع للتعظيم ولكثرة الصفات وقال بعضهم لما فى احياء الموتى من حظ الملائكة وينافيه الحصر الدال عليه قوله نَحْنُ قال فى البحر كرر الضمير لتكرير التأكيد نُحْيِ الْمَوْتى
نبعثهم بعد مماتهم ونجزيهم على حسب أعمالهم فيظهر حينئذ كمال الإكرام والانتقام للمبشرين والمنذرين من الأنام والاحياء جعل الشيء حيا ذا حس وحركة والميت من اخرج روحه وقد اطلق النبي عليه السلام لفظ الموتى على كل غنى مترف وسلطان جائر وذلك فى قوله عليه السلام (اربع يمتن القلب الذنب على الذنب وكثرة مصاحبة النساء وحديثهن وملاحاة الأحمق تقول له ويقول لك ومجالسة الموتى قيل يا رسول الله وما مجالسة الموتى قال كل غنى مترف وسلطان جائر) وفى التأويلات النجمية نحيى قلوبا ماتت بالقسوة بما نمطر عليها من صوب الإقبال والزلفة انتهى فالاحياء إذا مجاز عن الهداية وَنَكْتُبُ اى نحفظ ونثبت فى اللوح المحفوظ يدل عليه آخر الآية او يكتب رسلنا وهم الكرام الكاتبون وانما أسند
اليه تعالى ترهيبا ولانه الآمر به ما قَدَّمُوا اى اسلفوا من خير وشر وانما اخر الكتابة مع انها مقدمة على الاحياء لانها ليست مقصودة لذاتها وانما تكون مقصودة لامر الاحياء ولولا الاحياء والاعادة لما ظهر للكتابة فائدة أصلا وَآثارَهُمْ اثر الشيء حصول ما يدل على وجوده اى آثارهم التي ابقوها من الحسنات كعلم علموه او كتاب الفوه او حبيس وقفوه او بناء شىء من المساجد والرباطات والقناطر وغير ذلك من وجوه البرّ: قال الشيخ سعدى
| نمرد آنكه ماند پس از وى بجاى | پل ومسجد وخان ومهمان سراى |
| هر آن كو نماند از پسش يادگار | درخت وجودش نياورد بار |
| ور كرفت آثار خيرش نماند | نشايد پس از مرك الحمد خواند |
اى بما قدم من اعماله واخر من آثاره: وفى المثنوى
| هر كه بنهد سنت بد اى فتى | تا در افتد بعد او خلق از عمى |
| جمع كردد بر وى آن جمله بزه | كو سرى بودست وايشان دم غزه |
| از مكافات عمل غافل مشو | كندم از كندم برويد جو ز جو |
| كين چنين كفتست پير معنوى | كاى برادر هر چهـ كارى بدروى |
دون ثواب المصلين فى المسجد بالجماعة وفى الحديث (صلاة الرجل فى جماعة تضعف على صلاته فى بيته وفى سوقه (خمسة وعشرين ضعفا) وفى رواية (سبعة وعشرين) وذلك لان فرائض اليوم والليلة سبع عشرة ركعة والرواتب عشر فالجميع سبع وعشرون واكثر العلماء على ان الجماعة واجبة وقال بعضهم سنة مؤكدة وفى الحديث (لقد هممت ان آمر رجلا يصلى بالناس وانظر الى أقوام يتخلفون عن الجماعة فاحرّق بيوتهم) وهذا يدل على جواز إحراق بيت المتخلف عن الجماعة لان الهم على المعصية لا يجوز من الرسول عليه السلام لانه معصية فاذا جاز إحراق البيت على ترك الواجب او السنة المؤكدة فما ظنك فى ترك الفرض وفى الحديث (بشروا المشائين فى الظلم الى المساجد بالنور التام يوم القيامة) وفيه اشارة الى ان كل ظلمة ليست بعذر لترك الجماعة بل الظلمة الشديدة واطلاق اللفظ يشعر بان المتحرى للافضل ينبغى ان لا يتخلف عن الجماعة بأى وجه كان الا ان يكون العذر ظاهرا والاعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة هى المرض الذي يبيح التيمم ومثله كونه مقطوع اليد والرجل من خلاف او مفلوجا او لا يستطيع المشي او أعمى والمطر والطين والبرد الشديد والظلمة الشديدة فى الصحيح وكذا الخوف من السلطان او غيره من المتغلبين جعلنا الله وإياكم ممن قام بامره فى جميع عمره وَكُلَّ شَيْءٍ من الأشياء كائنا ما كان سواء كان ما يصنعه الإنسان او غيره وهو منصوب بفعل مضمر يفسره قوله أَحْصَيْناهُ ضبطناه وبيناه قال ابن الشيخ اصل الإحصاء العد ثم استعير للبيان والحفظ لان العد يكون لاجلهما وفى المفردات الإحصاء التحصيل بالعدد يقال أحصيت كذا وذلك من لفظ الحصى واستعمال ذلك فيه لانهم كانوا يعتمدون عليه فى العد اعتمادنا فيه على الأصابع فِي إِمامٍ مُبِينٍ اصل عظيم الشان مظهر لجميع الأشياء مما كان وما سيكون وهو اللوح المحفوظ سمى اماما لانه يؤتم به ويتبع قال الراغب الامام المؤتم به إنسانا كان يقتدى بقوله وبفعله او كتابا او غير ذلك محقا كان او مبطلا وجمعه ائمة نحو قوله تعالى (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) اى بالذي يقتدون به وقيل بكتابهم (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) فقد قيل اشارة الى اللوح المحفوظ انتهى. وفى الإحصاء ترغيب وترهيب فان المحصى لم يصح منه الغفلة فى حال من الأحوال بل راقب نفسه فى كل وقت ونفس وحركة وسكنة وخاصية هذا الاسم تسخير القلوب فمن قرأه عشرين مرة على كل كسرة من الخبر والكسر عشرون فانه يسخر له الخلق فان قلت ما فائدة تسخير الخلق قلت دفع المضرة او جلب
المنفعة وأعظم المنافع التعليم والإرشاد واختار بعض الكبار ترك التصرف والالتفات الى جانب الخلق بضرب من الحيل فان الله تعالى يفعل ما يريد والا هم تسخير النفس الامارة حتى تنقاد للامر وتطيع للحق فمن لم يكن له امارة على نفسه كان ذليلا فى الحقيقة وان كان مطاعا فى الظاهر وفى التأويلات النجمية (وَكُلَّ شَيْءٍ) مما يتقربون به إلينا (أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) اى أثبتنا آثاره وأنواره فى لوح محفوظ قلوب احبابنا انتهى واعلم ان قلب الإنسان الكامل امام مبين ولوح الهى فيه أنوار الملكوت منتقشة واسرار الجبروت منطبعة مما كان فى حد البشر دركه وطوق العقل الكلى كشفه وانما يحصل هذا بعد التصفية بحيث لم يبق فى القلب
للروم مثل مدينة فرانسة للافرنج كرسى ملكهم ومجتمع أمرهم وبيت ديانتهم وفتحها من اشراط الساعة إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ بدل من اصحاب القرية بدل الاشتمال لاشتمال الظروف على ما حل فيها كأنه قيل واجعل وقت مجيىء المرسلين مثلا او بدل من المضاف المقدر كأنه قيل واذكر لهم وقت مجيىء المرسلين وهم رسل عيسى عليه السلام الى اهل انطاكية إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ بدل من إذ الاولى اى وقت ارسالنا اثنين الى اصحاب القرية وهما يحيى ويونس ونسبة إرسالهما اليه تعالى بناء على انه بامره تعالى فكانت الرسل رسل الله. ويؤيده مسألة فقهية وهى ان وكيل الوكيل بإذن الموكل بان قال الموكل له اعمل برأيك يكون وكيلا للموكل لا للوكيل حتى لا ينعزل بعزل الوكيل إياه وينعزل إذا عزله الموكل الاول فَكَذَّبُوهُما اى فاتياهم فدعواهم الى الحق فكذبوهما فى الرسالة بلا تراخ وتأمل وضربوهما وحبسوهما على ما قال ابن عباس رضى الله عنهما وسيأتى فَعَزَّزْنا اى قوينا هما فحذف المفعول لدلالة ما قبله عليه ولان القصد ذكر المعزز به وبيان تدبيره اللطيف الذي به عز الحق وذل الباطل يقال عزز المطر الأرض إذا لبدها وسددها وارض عزاز اى صلبة وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى هزاز يصعب الوصول اليه وفى تاج المصادر [التعزيز والتعزة: ليرومند كردند] ومنه الحديث (انكم لمعزز بكم) اى مشدد [وفرو نشاندن باران زمين را] انتهى بِثالِثٍ هو شمعون الصفار ويقال له شمعون الصخرة ايضا رئيس الحواريين وقد كان خليفة عيسى عليه السلام بعد رفعه الى السماء قال فى التكملة اختلف فى المرسلين الثلاثة فقيل كانوا أنبياء رسلا أرسلهم الله تعالى وقيل كانوا من الحواريين أرسلهم عيسى بن مريم الى اهل القرية المذكورة ولكن لما كان إرساله إياهم عن امره أضاف الإرسال اليه انتهى علم منه ان الحواريين لم يكونوا أنبياء لا فى زمان عيسى ولا بعد رفعه واليه الاشارة بقوله عليه السلام (ليس بينى وبينه نبى) اى بين عيسى وان احتمل ان يكون المراد النبي الذي يأتى بشريعة مستقلة وهو لا ينافى وجود النبي المقرر للشريعة المتقدمة فَقالُوا اى جميعا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ مؤكدين كلامهم لسبق الإنكار لما ان تكذيبهما تكذيب للثالث لاتحاد كلمتهم قال فى كشف الاسرار [قصه آنست كه رب العالمين وحي فرستاد بعيسى عليه السلام كه من ترا بآسمان خواهم برد حواريان را يكان يكان ودوان دوان بشهرها فرست تا خلق را بدين حق دعوت كنند عيسى ايشانرا حاضر كرد ورئيس ومهتر ايشان شمعون وايشانرا يكان يكان ودوان دوان قوم بقوم فرستاد وشهر شهر ايشانرا نامزد مى زد وايشانرا كفت چون من بآسمان رفتم شما هر كجا كه معين كرده ام ميرويد ودعوت ميكنيد واگر زبان آن قوم ندانيد در آن راه كه ميرويد شما را فرشته پيش آيد جامى شراب بر دست نهاده از ان شراب نورانى باز خوريد تا زبان ان قوم بدانيد ودو كس را بشهر أنطاكية فرستاد] وكانوا عبدة أصنام وقال اكثر اهل التفسير أرسل إليهم عيسى اثنين قبل رفعه ولما أمرهما ان يذهبا الى القرية قالا يا نبى الله انا لا نعرف لسان القوم فدعا الله لهما فناما بمكانهما فاستيقظا وقد حملتهما الملائكة والقتهما الى ارض انطاكية فكلم كل واحد صاحبه بلغة القوم فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار الذي ينحت الأصنام وهو صاحب
صفحة رقم 378
يس لان الله تعالى ذكره فى سورة يس فى قوله تعالى (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) فسلما عليه فقال من أنتما فاخبراه بانهما من رسل عيسى [آمده ايم تا شما را بر دين حق دعوت كنيم وراه راست وملت پاك شما نماييم كه دين حق توحيد است وعبادت خداى يكتا پير كفت شما را بر راستى اين سخن هيچ معجزه هست كفتند آرى] نحن نشفى المريض ونبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله وكان للرسل من المعجزة ما للانبياء بدعاى عيسى [پير كفت مرا پسريست ديوانه ويا خود دير كاه تا وى بيمار است ودرد وى علاج اطبا نپذيرد خواهم كه او را به بينيد ايشانرا بخانه برد] فدعوا الله تعالى ومسحا المريض فقام بإذن الله صحيحا
| قدم نهادى وبر هر دو ديده جا كردى | بيكنفس دل بيمار را دوا كردى |
خلق كثير وبلغ حديثهما الى الملك واسمه بحناطيس الرومي او انطيخس او شلاحن فطلبهما فاتياه فاستخبر عن حالهما فقالا نحن رسل عيسى ندعوك الى عبادة رب وحده فقال ألنا رب غير الهتنا قالا نعم وهو من او جدك وآلهتك من آمن به دخل الجنة ومن كفر به دخل النار وعذب فيها ابدا فغضب وضربهما وحبسهما فانتهى ذلك الى عيسى فارسل ثالثا وهو شمعون لينصرهما فانه رفع بعده كما قاله البعض فجاء القرية متنكرا اى لم يعرف حاله ورسالته وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا حديثه الى الملك فانس به وكان شمعون يظهر موافقته فى دينه حيث كان يدخل معه على الصنم فيصلى ويتضرع وهو يظن انه من اهل دينه كما قال الشيخ سعدى فى قصة صنم سومنات لما دخل الكنيسة متنكرا وأراد ان يعرف كيفية الحال
| بتك را يكى بوسه دادم بدست | كه لعنت برو باد وبر بت پرست |
| بتقليد كافر شدم روز چند | برهمن شدم در مقالات زند |
| چوبينى كه جاهل بكين اندر است | سلامت بتسليم دين اندر است |