آيات من القرآن الكريم

قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼ ﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐ ﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘ

ثم قال تعالى: ﴿فأولئك لَهُمْ جَزَآءُ الضعف بِمَا عَمِلُواْ﴾ أي: إلا من آمن وعمل صالحاً وأنه تقربه أمواله وأولاده بطاعتهم لله في ذلك وأدائهم حق الله فيه دون أهل الكفر، فيضاعف لهم الحسنة بعشرة أمثالها وفي سبيل الله إلى سبع مائة ضعف.
وقال ابن زيد: إلا من آمن فلن تضره أمواله ولا أولاده في الدنيا، وقرأ: ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]. وقال: الحسنى: الجنة والزيادة: ما أعطاهم الله في الدنيا لا يحاسبهم كما يحاسب الكفار.
ثم قال تعالى: ﴿وَهُمْ فِي الغرفات آمِنُونَ﴾ أي: من العذاب، ومعنى " زلفى " قربى، قاله مجاهد وغيره.
قوله تعالى ذكره: ﴿والذين يَسْعَوْنَ في آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ﴾ إلى قوله: ﴿عَلاَّمُ الغيوب﴾.
أي: والذين سعوا في إبطال حجج الله وأدلته معاجزين، أي: يظنون أنهم يفوتون الله ويعجزونه فلا يجازيهم على فعلهم.
﴿أولئك فِي العذاب مُحْضَرُونَ﴾ أي: في عذاب جهنم يوم القيامة.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ أي: يوسع في الرزق لمن يشاء ويضيق على من يشاء، وليس ذلك لفضل في أحد ولا لنقص ولا لمحبة ولا لبغض.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾ أي: ما أنفقتم في طاعة الله فإن الله يخلفه عليكم.

صفحة رقم 5932

قال ابن جبير: ما كان في غير إسراف ولا تقتير.
قال ابن عباس: في غير إسراف ولا تقتير.
وقال الضحاك: يعني النفقة على العيل وعلى نفسه، وليس النفقة في سبيله الله.
قال مجاهد في قوله: ﴿فَهُوَ يُخْلِفُهُ﴾: أي: إن كان خالفاً فمنه، وربما أنفق الرجل ماله كله ولم يخلف حتى يموت.
قال مجاهد: إذا كان بيد الرجل ما يقيمه فليقتصد في النفقة، ولا تؤوَّلُ هذه الآية فإن الرزق مقسوم، ولا يدري لعل رزقه قليل. يعني: وأجله قريب.
ثم قال تعالى: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الرازقين﴾ أي: خير من يرزق. وجاز ذلك لأن من الناس من يسمى برازق على المجاز، أي: رزق غيره مما رزقه الله، والله يرزق عباده لا من رزق رزقه غيره، فليس رازق مرزوق كرازق غير مرزوق.
ثم قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ﴾ الآية أي: واذكر يا محمد يوم نحشر هؤلاء الكفار، ثم نقول للملائكة: أهؤلاء الكفار كانوا يعبدونكم من دوني؟ فتبرأ منهم الملائكة، فقالوا: ﴿قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ﴾ أي: تنزيهاً لك وبراءة من السوء الذي أضافه هؤلاء إليك، " أنت ولينا من دونهم " أي: لا نتخذ ولياً من دونك.

صفحة رقم 5933

﴿بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن أَكْثَرُهُم بِهِم﴾ أي: بالجن.
﴿مُّؤْمِنُونَ﴾ أي: مصدقون، أي بعبادتهم.
وقيل: المعنى: أكثر هؤلاء الكفار بالملائكة مصدقون أنهم بنات الله.
قال قتادة في قوله تعالى للملائكة: ﴿أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ﴾ هو كقوله لعيسى: ﴿أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ الله﴾ [المائدة: ١١٦].
ثم قال تعالى/: ﴿فاليوم لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً﴾ أي: لا تملك الملائكة للذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ضراً ولا نفعاً.
ثم قال: ﴿وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ أي: عبدوا غير الله.
﴿ذُوقُواْ عَذَابَ النار التي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ﴾ أي: في الدنيا.
ثم قال تعالى: ﴿وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ﴾ أي: وإذا تقرأ على هؤلاء الكفار آيات القرآن ظاهرات الدلائل والحجج في توحيد الله وأنهن من عنده.
﴿قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ﴾ أي: قالوا: لا تتعبدوا محمداً فما هو إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان آباؤكم يعبدون من الأوثان ويغير دينكم.
ثم قال تعالى: ﴿وَقَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى﴾ أي: وقال بعضهم ما هذا الذي أتانا به محمد إلا كذب مختلف متخرص.

صفحة رقم 5934

ثم قال تعالى: ﴿وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ﴾ يعني به محمداً ﷺ وما جاء به: هذا سحر مبين، أي: ما جاء إلا بسحر ظاهر.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ آتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا﴾ أي: لم يعط هؤلاء الكفار كتباً قبل كتابك يا محمد يقرؤونها وفيها ما يقولون لك من البهتان.
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ﴾ أي: لم نبعث إليهم قبلك من ينذرهم من عذاب الله.
قال قتادة: ما أنزل الله جل ذكره على العرب كتاباً من قبل القرآن ولا بعث إليهم رسولاً قبل محمد ﷺ.
ثم قال تعالى: ﴿وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ﴾ يعني من الأمم الماضية كعاد وثمود كذبت رسلها، ولم يبلغوا هؤلاء معشار ما أوتي إليك من القوة والبطش والنعم أي عشر ذلك.
وقيل عشر عشر ذلك.
والمِعْشَارُ قيل هو عشر العشر جزء من مائة.
أي: لم يبلغ قومك يا محمد في القوة والبطش والأموال عشر عشر من كان قبلهم، فقد أهلك من كان قبلهم بكفرهم، فكيف تكون حال هؤلاء الذين هم أقل قوة وبطشاً من أولئك. وهذا كله تهديد ووعيد وتنبيه لقريش، فالمعنى: فلم ينفع

صفحة رقم 5935

أولئك ذلك وأهلكهم الله بكفرهم وتكذيبهم الرسل.
فإذا كان أولئك الأمم على ما فضلهم الله به من القوة والبطش والأموال والدنيا قد أهلكوا لما كذبوا الرسل، فكيف تكون حال هؤلاء على ضعفهم وقلة أموالهم وَوَهَنِهِمْ إذا كذبوا الرسل.
وقوله: ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾ أي: كيف كان إنكاري لهم بالهلاك والاستئصال.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار من قومك: إنما أعظكم بواحدة.
قال مجاهد: " " بواحدة " بطاعة الله.
وروى ليث عنه " بواحدة ": بلا إله إلا الله.
وقيل: المعنى: إنما أعظكم بخصلة واحدة، وهي: " أن تقوموا لله مثنى وفرادى " أي: اثنين اثنين وواحداً واحداً، فأن بدل من واحدة، وهو قول قتادة واختيار الطبري.

صفحة رقم 5936

قال قتادة: الواحدة التي أعظكم بها أن تقوموا لله.
وقيل: " أنْ " في موضع رفع على معنى: وتلك الواحدة أن تقوموا لله بالنصيحة وترك الهوى اثنين اثنين وواحداً واحداً، أي: يقوم الرجل منكم مع صاحبه، ويقوم الرجل وحده فيتصادقوا في المناظرة فيقولوا: هل علمتم بمحمد صلى الله عليه جنوناً قط؟ [هل علمتموه ساحراً قط؟]، هل علمتموه كاذباً قط؟
وقيل: " مثنى "، أي: يقوم كل واحدة مع صاحبه فيعتبرا هل علما بمحمد جنوناً أو سحراً أو كذباً؟.
ومعنى " فرادى ": أي ينفرد كل واحد بعد قيامه مع صاحبه فيقول في نفسه هل علمت بمحمد شيئاً من جنون أو سحر أو كذب؟ فإنكم إذا فعلتم ذلك وتصادقتم علمتم أن الذي ترمونه به من الجنون والسحر والكذب باطل، وأن الذي أتى به حق، فاعتبروا ذلك وتفكروا فيه فتعلموا حينئذ أنه نذير لكم لا جنون به.
وقوله: ﴿ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ﴾ أي: تفكروا فيه في أنفسكم فتعلموا - إذا أعطيتكم الحق من أنفسكم - أنه ليس به جنون، وأنكم مبطلون في قولكم إنه مجنون.
ثم قال: ﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ﴾ أي: ما محمد إلا ينذركم على كفركم بالله عقابه.
وروي عن نافع أنه وقف " بواحدة ".

صفحة رقم 5937

وهو جائز على معنى: وتلك الواحدة أن تقوموا، أو هو أن تقوموا، ولا يجوز على غير هذا التقدير/.
والوقف عند أبي حاتم " ثم تتفكروا ".
وخولف في ذلك لأن المعنى: ثم تفكروا هل جربتم على محمد كذباً أو رأيتم به جنة، فتعلمون أنه نبي.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّن أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ﴾ أي: قل يا محمد لهؤلاء الذين ردوا إنذارك: الذي سألتكم - على إنذاري لكم عذاب الله - هو لكم لا حاجة بي إليه، إني لم أسألكم جُعْلاً على ذلك فتتهموني وتظنوا أني إنما أنذركم لِمَا آخذه منكم من الجُعْل. قال قتادة: المعنى: لم أسألكم على الإسلام جُعْلاً.
ثم قال تعالى: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الله﴾ أي: ما ثوابي على إنذاري لكم إلا على الله.
﴿وَهُوَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ أي: والله على حقيقة ما أقول لكم شهيد، شهد به لِي وعليَّ غير ذلك من الأشياء كلها.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بالحق﴾ أي: يأتي بالحق وهو الوحي ينزله من السماء فيقذفه إلى نبيه.

صفحة رقم 5938
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية