آيات من القرآن الكريم

وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي ۖ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ

(وكذب الذين من قبلهم) أي من كفار القرون الخالية (وما بلغوا معشار ما آتيناهم) أي ما بلغ أهل مكة من مشركي قريش وغيرهم من العرب عشر ما آتينا من قبلهم من القوة والنعمة وكثرة المال والأولاد وطول الأعمار فأهلكهم الله كعاد وثمود وأمثالهم، ولم تنفعهم قوتهم شيئاًً في دفع الهلاك عنهم حين كذّبوا رسلهم فهؤلاء أولى بأن يحل بهم العذاب لتكذيبهم رسولهم والمعشار لغة في العشر قال الجوهري: معشار الشيء عشره وفي البحر المعشار: مفعال من العشر ولم يبن على هذا الوزن من ألفاظ العدد غيره وغير المرباع.
ومعناهما العشر والربع وقيل: المعشار عشر العشر والأول أولى. وقيل: إن المعنى: ما بلغ من قبلهم معشار ما آتينا هؤلاء من البينات والهدى.
وقيل: ما بلغ من قبلهم معشار شكر ما أعطيناهم، وقيل: ما أعطى الله من قبلهم معشار ما أعطاهم من العلم والبيان والحجة والبرهان، والأول أولى، وقيل: المعشار عشر العشير، والعشير هو عشر العشر، فيكون جزءاً من ألف جزء، قال الماوردي: وهو الأظهر لأن المراد به المبالغة في التقليل.
قلت: مراعاة المبالغة في التقليل لا يسوغ لأجلها الخروج عن المعنى العربي

صفحة رقم 206

وقال ابن عباس في الآية: يقول من القوة في الدنيا، وعن ابن جريج نحوه.
(فكذبوا رسلي) عطف على: (كذب الذين من قبلهم) على طريقة التفسير كقوله: (كذبت قوم نوح فكذبوا عبدنا) الآية والأولى أن يكون من عطف الخاص على العام لأن التكذيب الأول لما حذف منه المتعلق للتكذيب أفاد العموم فمعناه: كذبوا الكتب المنزلة والرسل المرسلة والمعجزات الواضحة وتكذيب الرسل أخص منه وإن كان مستلزماً له فقد روعيت الدلالة اللفظية لا الدلالة الالتزامية، وما بينهما حال أو اعتراض، وقال البيضاوي: لا تكرير لأن الأول للتكثير، والثاني للتكذيب، ونحوه في الكشاف، وبمثله قال الكرخي.
(فكيف كان نكير)؟ أي فكيف كان إنكاري لهم بالعذاب والعقوبة؟ فليحذر هؤلاء من مثل ذلك، قيل والتقدير فأهلكناهم فكيف نكيري، والنكير اسم بمعنى الإنكار ثم أمر الله سبحانه رسوله - ﷺ - أن يقيم عليهم حجة ينقطعون عندها فقال:

صفحة رقم 207
فتح البيان في مقاصد القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي
راجعه
عبد الله بن إبراهيم الأنصاري
الناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
15
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية