
لا ينفد. وإما آجلا بالثواب الذي كل خلف دونه. وعن مجاهد: من كان عنده من هذا المال ما يقيمه فليقتصد، فإنّ الرزق مقسوم، ولعل ما قسم له قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه، فينفق جميع ما في يده ثم يبقى طول عمره في فقر، ولا يتأولن: وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه، فإن هذا في الآخرة. ومعنى الآية: وما كان من خلف فهو منه خَيْرُ الرَّازِقِينَ وأعلاهم رب العزة، بأن كل ما رزق غيره: من سلطان يرزق جنده، أو سيد يرزق عبده، أو رجل يرزق عياله: فهو من رزق الله، أجراه على أيدى هؤلاء، وهو خالق الرزق وخالق الأسباب التي بها ينتفع المرزوق بالرزق. وعن بعضهم: الحمد لله الذي أوجدنى «١» وجعلني ممن يشتهى، فكم من مشته لا يجد، وواجد لا يشتهى.
[سورة سبإ (٣٤) : الآيات ٤٠ الى ٤١]
وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)
هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار، وارد على المثل السائر:
إيّاك أعنى واسمعي يا جاره «٢»
ونحوه قوله تعالى أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وقد علم سبحانه كون
(٢).
يا أخت خير البدو والحضاره | كيف ترين في فتى فزاره |
أصبح يهوى حرة معطاره | إياك اعنى فاسمعي يا جاره |
إنى أقول يا فتى فزاره | لا أبتغى الزوج ولا الدعارة |
ولا فراق أهل هدى الحاره | فارحل إلى أهلك باستحاره |
كثيرة التعطر، ولحاق تاء التأنيث لمفعال شاذ- إن كانت للفرق بين المذكر والمؤنث كما هنا- ويمكن أنها لزيادة المبالغة، لا للتأنيث. والدعارة: الفسق والخبث والفساد. وهذى: اسم إشارة. وقولها: باستحارة، أى بكمال وعدم نقص. أو بتحير وعدم اهتداء. يقال: استحار الإناء، إذا امتلأ وتكامل. واستحار الرجل: إذا تحر في رأيه.