آيات من القرآن الكريم

مَلْعُونِينَ ۖ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا
ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﰿ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿ ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

فأمر الحرائر بأخذ الجلباب. وقال الحسن: كن النساء والإماء بالمدينة. يقال لهن: كذا وكذا يخرجن، فيتعرض لهن السفهاء فيؤذونهن، فكانت الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة ويؤذونها، فأمر الله تعالى المؤمنات أن يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ. وقال القتبي: يلبسن الأردية.
ويقال: يعني: يرخين الجلابيب على وجوههن. وقال مجاهد: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ يعني: متجلببين ليعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة.
قوله: وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ يعني: أحرى فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً إذا تابوا ورجعوا، ثم وعد المنافقين وخوّفهم لينزجروا عن الحرائر أو الإماء.
[سورة الأحزاب (٣٣) : الآيات ٦٠ الى ٦٨]
لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلاَّ قَلِيلاً (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً (٦١) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً (٦٢) يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤)
خالِدِينَ فِيها أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (٦٦) وَقالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (٦٧) رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (٦٨)
فقال عز وجل: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ عن نفاقهم وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني:
الميل إلى الزنى إن لم يتوبوا عن ذلك وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ يعني: الذين يخبرون بالأراجيف. وكانوا يخبرون المؤمنين بما يكرهون من عدوهم. والأراجيف: هي أول الاختيار. وأصل الرجف هو الحركة. فإذا وقع خبر الكذب فإنه يقع الحركة بالناس فسمي إرجافاً. ويقال: الأراجيف تلقح الفتنة. يعني: إن لم ينتهوا عن النفاق وعن الفجور وعن القول بالأراجيف.
لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ يعني: لنسلطنك عليهم، ويقال: لنحملنك على قتلهم. وروى سفيان

صفحة رقم 73

عن منصور بن زرين قال: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ هذا كله شيء واحد. يعني: أنه نعتهم بأعمالهم الخبيثة.
ثُمَّ لاَ يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا يعني: لا يساكنوك في المدينة إلا قليلاً حتى أهلكهم.
ويقال: إلا جواراً قليلاً. ويقال: إلا قليلاً منهم. وقال قتادة: إن أناساً من المنافقين أرادوا أن يُظْهِرُوا نفاقهم فنزلت هذه الآية.
ثم قال عز وجل: مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا يعني: يجعلهم ملعونين أينما وجدوا. فأوجب الله تعالى لهم اللعنة على كل حال أينما وجدوا وأدركوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا فلما سمعوا بالقتل، انتهوا عن ذلك.
قوله عز وجل: سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ يعني: سنة الله في الزناة القتل.
ويقال: هذا سنة الله في الذين مضوا من قبل. يعني: الذين أضمروا النفاق بأن يسلط الله عليهم الأنبياء بالقتل سُنَّةَ اللَّهِ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا يعني: مبدلا ومغيرا.
قوله عز وجل: يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ يعني: عن قيام الساعة وذلك أن رجلاً جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فسأله: متى الساعة؟ فقال- عليه السلام-: «مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ». فنزل قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ يعني: علم قيام الساعة عند الله وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً يعني: سريعاً. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: من أشراط الساعة أن يفتح القول، ويحزن الفعل، وأن ترفع الأشرار، وتوضع الأخيار. ومعنى يفتح الأقوال: أن يقول أفعل غداً فإذا جاء غداً، خالف قوله وقت الفعل. وأصل الفتح الابتداء، وهو أن يعد لأخيه عدة حسنة ثم يخالفه. وقال عطاء بن أبي رباح: من اقتراب الساعة مطر ولا نبات، وعلو أصوات الفساق في المساجد، وظهور أولاد الزِّنى، وموت الفجأة، وانبعاث الدويبضة يعني: السفلة من الناس. وقوله: لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً ولم يقل قريبة، لأنها جعلت ظرفاً وبدلاً ولم تجعل نعتاً وصفة.
ثم قال عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ يعني: خذلهم وطردهم من رحمته وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً يعني: جهنم. ويقال: لعن الكافرين في الدنيا بالقتل، وفي الآخرة أعد لهم سعيراً خالِدِينَ فِيها أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيًّا يعني: قريباً ينفعهم وَلا نَصِيراً أي: مانعاً يمنعهم من العذاب، والسعير في اللغة هو النار الموقدة.
ثم قال عز وجل: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يعني: تحول. يقول: هذا العذاب في يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يعني: تحول عن الحسن إلى القبح من حال البياض إلى حال السواد وزرقة الأعين. ويقال: تُقَلَّبُ يعني: تجدد كقوله: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً

صفحة رقم 74
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية