آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۚ أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

وأما النواهي: فهي النهي عن الشرك، والنهي عن تصعير الخد (الإعراض عمن تكلم تكبرا) والنهي عن المشي مرحا (اختيالا وتبخترا).
والتعليلات أو الأسباب هي:
١- وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ.
٢- إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ.
٣- إِلَيَّ الْمَصِيرُ، إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
٤- إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.
٥- إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ.
٦- إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ.
٧- إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ.
توبيخ المشركين على الشرك مع مشاهدة دلائل التوحيد
[سورة لقمان (٣١) : الآيات ٢٠ الى ٢١]
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١)
الإعراب:
نِعَمَهُ ظاهِرَةً أراد: نعم الله، جمع نعمة، وظاهِرَةً حال. وقرئ: نعمة، ونعمته.

صفحة رقم 157

البلاغة:
ظاهِرَةً وَباطِنَةً بينهما طباق.
أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إنكار وتوبيخ، مع الحذف، أي: أيتبعونهم ولو كان الشيطان. إلخ...
المفردات اللغوية:
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ أي ألم تعلموا أيها المخاطبون أن الله ذلل لكم جميع ما في السموات من الشمس والقمر والنجوم والسحاب وغير ذلك، بأن جعله أسبابا محصلة لمنافعكم.
وَما فِي الْأَرْضِ بأن مكنكم من الانتفاع به، كالثمار والأنهار والدواب والمعادن وما لا يحصى.
وَأَسْبَغَ أكمل وأوسع وأتمّ. نِعَمَهُ جمع نعمة: وهي كل نفع قصد به الإحسان. ظاهِرَةً وَباطِنَةً محسوسة ومعقولة، ما تعرفونه وما لا تعرفونه، فالظاهرة: كل ما يعلم بالمشاهدة كحسن الصورة وتسوية الأعضاء، والباطنة: ما لا يعلم إلا بدليل، أو لا يعلم أصلا، فكم في بدن الإنسان من نعمة لا يعلمها، ولا يهتدي إلى العلم بها!! وَمِنَ النَّاسِ بعض الناس كأهل مكة في صدر الإسلام. مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ في توحيده وصفاته. بِغَيْرِ عِلْمٍ مستفاد من دليل أو بغير حجة. وَلا هُدىً أي ولا هداية من رسول. وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أنزله، بل بالتقليد. بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي ما سار عليه الأسلاف، وهو منع صريح من التقليد في الأصول كالاعتقاد. أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ أي أيتبعونهم، ولو دعاهم الشيطان إلى موجبات عذاب جهنم، وهو الإشراك أو التقليد، وجواب لَوْ محذوف، أي لا تبعوه، والاستفهام للإنكار والتعجيب.
المناسبة:
بعد أن استدل الله تعالى بقوله: خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ على الوحدانية وذكر أن لقمان عرف ذلك بالحكمة، لا بالنبوة، عاد إلى توبيخ المشركين على إصرارهم على الشرك، مع مشاهدتهم دلائل التوحيد عيانا في عالم السموات والأرض، وتسخير ما فيها لمنافعهم، وإنعامه عليهم بالنعم المحسوسة والمعقولة، المعروفة لهم وغير المعروفة.

صفحة رقم 158

التفسير والبيان:
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً أي ألم تعلموا أيها الناس دلائل التوحيد الناطقة بوحدانية الله سبحانه في كل شيء، وإنعامه عليكم، فهو الذي ذلل لكم جميع ما في السموات من شمس وقمر ونجوم، تستضيئون بها في الليل والنهار، وما خلق فيها من سحاب ينزل منه المطر، لسقي الإنسان والحيوان والنبات، ويسر لكم جميع ما في الأرض من قرار ومعادن، وأنهار وبحار، وأشجار وزروع، وثمار، ونحو ذلك من المنافع الغذائية، وأكمل وأتم عليكم نعمه الظاهرة والباطنة أي المحسوسة والمعقولة، المعروفة وغير المعروفة، ومنها إنزال الكتب وإرسال الرسل، وإزالة الشّبه والعلل والأعذار.
وقيل: الظاهرة: الإسلام، والباطنة: الستر
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لابن عباس- وقد سأله عن هذه الآية-: «الظاهرة: الإسلام وما حسن من خلقك، والباطنة: ما ستر عليك من سيء عملك».
وقيل: الظاهرة: ما يرى بالأبصار من المال والجاه والجمال في الناس، وتوفيق الطاعات، والباطنة: ما يجده المرء في نفسه من العلم بالله، وحسن اليقين، وما يدفع عن العبد من الآفات.
ومع هذا كله، ما آمن الناس كلهم، فقال تعالى:
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَلا هُدىً، وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ أي وبالرغم من ثبوت الألوهية بالخلق والإنعام، فهناك فريق من الناس يجادل في توحيد الله وصفاته وإرساله الرسل، كزعماء الوثنية في مكة وغيرها، بغير دليل معقول، ولا مستند أو حجة صحيحة على يد رسول، ولا كتاب مأثور صحيح ينير الطريق الحق.

صفحة رقم 159

فقوله: بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ معناه: لا من علم واضح، من هدى أتاه من هاد، ولا من كتاب مبين واضح.
وإنما حجتهم الوحيدة هو التقليد الأعمى، واتباع الهدى والشيطان، لذا تعالى:
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ: اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ، قالُوا: بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أي وإذا قيل لهؤلاء المجادلين في توحيد الله: اتبعوا ما أنزل الله على رسوله من الشرائع المطهرة، لم يكن لهم حجة إلا اتباع الآباء الأقدمين فيما اعتقدوه من دين. وهذا في غاية القبح، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم يدعوهم إلى كلام الله الهادي إلى الحق والخير، وهم يأخذون بكلام آبائهم.
وهذا منع صريح من التقليد في أصول العقيدة، لذا وبخهم الله على سوء مقالتهم فقال:
أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ؟ أي أيتبعونهم بلا دليل، ولو كان اعتقادهم قائما على الهوى وتزيين الشيطان الذي يدعوهم إلى عذاب جهنم، والله يدعو إلى النجاة والثواب والسعادة؟! وهذا كقوله تعالى:
أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ [البقرة ٢/ ١٧٠] أي ولو كان آباؤهم المحتجون بصنيعهم على ضلالة، فلا عقل عندهم ولا هداية معهم؟! وهم خلف فيما كانوا فيه.
وهذا استفهام على سبيل التعجب والإنكار، يتضمن التهكم عليهم، وتسفيه عقولهم، والسخرية من آرائهم.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:

صفحة رقم 160
التفسير المنير
عرض الكتاب
المؤلف
وهبة بن مصطفى الزحيلي الدمشقي
الناشر
دار الفكر المعاصر - دمشق
سنة النشر
1418
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية