
﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) ﴾
﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ أَيْ: فَأَقِمْ وَجْهَكَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ لِأَنَّ مُخَاطَبَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ مَعَهُ فِيهَا الْأُمَّةُ، كَمَا قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ" (الطَّلَاقِ-١)، ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ أَيْ: رَاجِعِينَ إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ مُقْبِلِينَ إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ، ﴿وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ﴿مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا﴾ أَيْ: صَارُوا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى (١). وَقِيلَ: هُمْ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ (٢)، ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ أَيْ: رَاضُونَ بِمَا عِنْدَهُمْ. قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ﴾ قَحْطٌ وَشِدَّةٌ، ﴿دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ مُقْبِلِينَ إِلَيْهِ بِالدُّعَاءِ، ﴿ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً﴾ خِصْبًا وَنِعْمَةً ﴿إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ﴾ ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ ثُمَّ خَاطَبَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فَعَلُوا هَذَا خِطَابَ تَهْدِيدٍ فَقَالَ: ﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ حَالَكُمْ فِي الْآخِرَةِ.
(٢) وهو قول عائشة وأبي هريرة وأبي أمامة رضي الله عنهم. القرطبي: ١٤ / ٣٢.