
﴿وله من في السماوات والأرض كل له قانتون وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم﴾ قوله: ﴿... كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ﴾ فيه ستة تأويلات: أحدها: مطيعون، قاله مجاهد. روى أبو سعيد الخدري عن النبي ﷺ قال: كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة.
صفحة رقم 308
الثاني: مصلون، قاله ابن عباس. الثالث: مقرون بالعبودية، قاله عكرمة وأبو مالك والسدي. الرابع: كل له قائم يوم القيامة، قاله الربيع بن أنس. الخامس: كل له قائم بالشهادة أنه عبد له، قاله الحسن. السادس: أنه المخلص، قاله ابن جبير. قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ أما بدء خلقه فبعلوقه في الرحم قبل ولادته، وأما إعادته فإحياؤه بعد الموت بالنفخة الثانية للبعث فجعل ما علم من ابتداء خلقه دليلاً على ما خفي من إعادته استدلالاً بالشاهد على الغائب. ثم أكد ذلك بقوله: ﴿وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: إن إعادة الخلق أهون من ابتداء إنشائهم لأنهم ينقلون في الابتداء نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم يعود رضيعاً ثم فطيماً، وهو في الإعادة يصاح به. فيقوم سوياً وهذا مروي عن ابن عباس. الثالث: معناه وهو هين عليه فجعل ﴿أهْونُ﴾ مكان ﴿هَيِّنٌ﴾ كقول الفرزدق:
(إن الذي سمك السماء بنى لنا | بيتاً دعائمه أعز وأطول) |

(وهان على أسماءَ أن شطت النوى | يحن إليها والهٌ ويتوق) |