آيات من القرآن الكريم

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ

أعدائه. وقال مقاتل: يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار، فلا يجتمعون أبدًا (١). وقال الحسن: لئن كانوا اجتمعوا في الدنيا ليتفرقُن يوم القيامة؛ هؤلاء في أعلى عليين، وهؤلاء في أسفل السافلين (٢). وكان قتادة يقول: فُرْقَةٌ والله لا اجتماع بعدها (٣).
وقال أبو علي: يصيرون فرقة بعد فرقة من قوله: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ﴾ [الشورى: ٧] وهذا إخبار عن الخلق المذكور في قوله: ﴿يَبْدَأُ الْخَلْقَ﴾ لأنه أراد المسلمين والكافرين جميعًا؛ يدل على ذلك أنه أخبر بمنزلة الفريقين فقال:
١٥ - ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾ (٤) قال الأخفش: يقال حَبَّره الله يُحَبِّره حَبْرًا، وهو محبور: مُكَرَّمٌ مُنَعَّمٌ (٥).
قال ابن السكيت: يُسَرُّون (٦). والحَبْرَة والحَبُور: السُّرور، وأنشد:
الحمد لله الذي أعطى الحَبْرَ (٧)

(١) "تفسير مقاتل" ٧٧ ب.
(٢) "الدر المنثور" ٦/ ٤٨٦، ونسبه لابن أبي حاتم ٩/ ٣٠٨٩.
(٣) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٢٧.
(٤) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٨٠، حيث قال: وفيما بعده دليل على أن التفرق للمسلمين والكافرين، فقال: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ ثم بين على أي حال يتفرقون فقال: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ﴾.
(٥) لم أجد قول الأخفش في كتابه المعاني عند هذه الآية، ولا عند قوله تعالى: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ﴾ [الزخرف: ٧٠]. ولم أجده في "تهذيب اللغة".
(٦) ذكره عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" ٥/ ٣٤ (حبر). وذكره ابن قتيبة، "غريب القرآن" ٣٤٠، ولم ينسبه.
(٧) قول ابن السكيت مع إنشاد البيت ونسبته للعجاج في "إصلاح المنطق" ٢٥٢. =

صفحة رقم 26

وقال الليث: يُنَعَّمُون، والحَبْرَة: النعمة، وقد حُبِرَ الرجلُ حَبْرَة فهو: مَحْبُور، وأنشد للمرار (١)، فقال:

قَد لَبِسْتُ الدهر من أفنانه كلَّ فان ناعمٍ منه حَبِر (٢)
وقال المبرد: الحبرة والحبور والحبر: التنعم والفرح، ومنه المثل السائر: ما دار ملئت حَبْرة إلا وستملأُ عَبْرة (٣).
وقال أبو عبيدة: ﴿يُحْبَرُونَ﴾ يُسَرُّون ويُفرَحون (٤). قال ابن عباس: يريد في رياض الجنة ينعمون (٥). وهو قول مجاهد وقتادة (٦).
وقال مقاتل: يُكرمون بالتحف ونحوه (٧).
= ونقله عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" ٥/ ٣٤ (حبر)، مقتصرًا على صدره، ولم ينسبه. وأنشده كاملًا أبو عبيدة، "مجاز القرآن" ٢/ ١٢٠، ونسبه للعجاج، وهو في ديوانه ٣٤، وعجزه:
موالي الحق إنِ المولى شكر
(١) المَرَّار العدوي، زياد بن منقذ بن عمرو، وسماه ابن قتيبة: المرَّار بن منقذ من صدي ابن مالك بن حنظلة، وأم صدي من جَلّ بن عدي فيقال له ولولده: بنو العدوية. والمرار من شعراء الدولة الأموية، كان معاصرًا للفرزدق وجرير. ت: ١٠٠ هـ. "الشعر والشعراء" ص ٤٦٩، و"خزانة الأدب" ٥/ ٢٥٣، و"الأعلام" ٣/ ٥٥.
(٢) كتاب "العين" ٣/ ٢١٨ (حبر)، ونقله عنه الأزهري، "تهذيب اللغة" ٥/ ٣٤، وفيهما نسبة البيت للمرار العدوي.
(٣) "غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٣٤٠، بلفظ: كل حَبرة تتبعها عَبرة. لم أجده في كتب الأمثال التي اطلعت عليها.
(٤) "مجاز القرآن" ٢/ ١٢٠.
(٥) أخرجه ابن جرير ٢١/ ٢٧، بلفظ: يكرمون. وذكره عنه الثعلبي ٨/ ١٦٦ أ.
(٦) أخرجه عنهما ابن جرير ٢١/ ٢٨، بلفظ: ينعمون. وذكره عنهما الثعلبي ٨/ ١٦٦ أ.
(٧) "تفسير مقاتل" ٧٧ ب، ولفظه: في البساتين يكرمون وينعمون فيها وهي: الجنة.

صفحة رقم 27
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية