آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ ۗ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ

وَنَقُولُ) : بِالنُّونِ وَالْيَاءِ.
قَالَ تَعَالَى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذَلِكَ) : مُبْتَدَأٌ، وَ «بِمَا» خَبَرُهُ ; وَالتَّقْدِيرُ: مُسْتَحَقٌّ بِمَا قَدَّمَتْ.
وَ (ظَلَّامٍ) : فَعَّالٍ مِنَ الظُّلْمِ. فَإِنْ قِيلَ: بِنَاءُ فَعَّالٍ لِلتَّكْثِيرِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الظُّلْمِ الْكَثِيرِ نَفْيُ الظُّلْمِ الْقَلِيلِ، فَلَوْ قَالَ بِظَالِمٍ لَكَانَ أَدَلَّ عَلَى نَفْيِ الظُّلْمِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ.
فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ فَعَّالًا قَدْ جَاءَ لَا يُرَادُ بِهِ الْكَثْرَةُ كَقَوْلِ طَرَفَةَ.
وَلَسْتُ بِحَلَّالِ التِّلَاعِ مَخَافَةً وَلَكِنْ مَتَى يَسْتَرْفِدُ الْقَوْمُ أَرْفُدِ.
لَا يُرِيدُ هَاهُنَا أَنَّهُ قَدْ يَحُلُّ التِّلَاعَ قَلِيلًا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: مَتَى يَسْتَرْفِدُ الْقَوْمُ أَرْفُدِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْبُخْلِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَلِأَنَّ تَمَامَ الْمَدْحِ لَا يَحْصُلُ بِإِرَادَتِهِ الْكَثْرَةَ، وَالثَّانِي: أَنَّ ظَلَّامٍ هُنَا لِلْكَثْرَةِ، لِأَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْعِبَادِ، وَفِي الْعِبَادِ كَثْرَةٌ، وَإِذَا قُوبِلَ بِهِمُ الظُّلْمُ كَانَ كَثِيرًا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا نَفَى الظُّلْمَ الْكَثِيرَ انْتَفَى الظُّلْمُ الْقَلِيلُ ضَرُورَةً ; لِأَنَّ الَّذِي يَظْلِمُ إِنَّمَا يَظْلِمُ لِانْتِفَاعِهِ بِالظُّلْمِ، فَإِذَا تَرَكَ الظُّلْمَ الْكَثِيرَ مَعَ زِيَادَةِ نَفْعِهِ فِي حَقِّ مَنْ يَجُوزُ عَلَيْهِ النَّفْعُ وَالضُّرُّ، كَانَ لِلظُّلْمِ الْقَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ أَتْرَكَ.
وَفِيهِ وَجْهٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّسَبِ ; أَيْ لَا يُنْسَبُ إِلَى الظُّلْمِ فَيَكُونُ مِنْ بَزَّازٍ وَعَطَّارٍ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٨٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ قَالُوا) : هُوَ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ: (الَّذِينَ قَالُوا) [آلِ عِمْرَانَ: ١٨١] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَصْبًا بِإِضْمَارِ أَعْنِي، وَرَفْعًا عَلَى إِضْمَارِ «هُمْ». (

صفحة رقم 316
التبيان في إعراب القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو البقاء محبّ الدين عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبريّ البغدادي
الناشر
عيسى البابي الحلبي وشركاه
عدد الأجزاء
1
التصنيف
إعراب القرآن
اللغة
العربية