آيات من القرآن الكريم

۞ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
ﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫ ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂ ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

شعيب.
﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرض﴾ قال ابن عباس وقتادة: هو قارون. ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا﴾ قال ابن عباس: هم قوم نوح. وقال قتادة هم قوم فرعون.
﴿وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ﴾ أي: وما كان الله ليهلك هذه الأمم بغير ذنب.
﴿ولكن كانوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ أي: بعبادتهم غير من ينعم عليهم ويرزقهم.
ثم قال تعالى: ﴿مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بَيْتاً﴾ أي مثل من اتخذ من دون الله آلهة في ضعف ما يرجون منها كمثل العنكبوت في ضعفها وقلة حيلتها اتخذت بيتاً ليُكِنّها، فلم يغن عنها شيئاً عند حاجتها، فكذلك هؤلاء الذين عبدوا الأوثان لتنفعهم عند حاجتهم إليها. قال ابن عباس: هو مثلٌ ضربه الله لمن عبد غيره.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ البيوت لَبَيْتُ العنكبوت لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ أي: إن أضعف البيوت لبيت العنكبوت لو علموا ذلك يقيناً.
قوله تعالى ذكره: ﴿إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ﴾ إلى قوله: ﴿إِذاً لاَّرْتَابَ المبطلون﴾.
أي: يعلم حال ما تعبدون من دون الله أنه لا ينفعكم ولا يضركم، وأن مثله في

صفحة رقم 5630

قلة غنائه عنكم مثل بيت العنكبوت في قلة غنائه عنها. ﴿وَهُوَ العزيز﴾ أي: في انتقامه ممن كفر به. ﴿الحكيم﴾ في تدبيره. و " من " في قوله: " من شيء " للتبعيض، ولو كانت زائدة للتوكيد بعد النفي لا نقلب المعنى. فما ليست نفياً، وهي بمعنى الذي.
ثم قال: ﴿وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ﴾ أي: وتلك الأشباه والنظائر نضربها للناس، أي: نمثلها للناس وتحتج بها عليها. ﴿وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون﴾ أي: وما يعقل الصواب لما ضرب له من الأمثال إلاّ العالمون بالله وآياته. ثم قال تعالى: ﴿خَلَقَ الله السماوات وَالأَرْضَ بالحق﴾ أي: انفرد بخلق ذلك للحق.
﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: لعلامة وحجة على خلقه في توحيده وعبادته لمن آمن به. ثم قال تعالى: ﴿اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ﴾ أي: اقرأ يا محمد ما أنزل عليك من القرآن. ﴿وَأَقِمِ الصلاة﴾ أي: أدّها بفروضها وفي وقتها. ﴿إِنَّ الصلاة تنهى عَنِ الْفَحْشَآءِ والمنكر﴾.
قال ابن عباس: في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله جلّ ذكره. وقال ابن مسعود: من لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهه عن المنكر لم يزدد بها إلاّ بعداً من الله جلّ ذكره.

صفحة رقم 5631

وروى الحسن عن النبي ﷺ مثل قول ابن مسعود. وهو قول قتادة وغيره. وقيل: المعنى: إن الصلاة تنهى من كان فيها عن الفحشاء والمنكر فتحول بينه وبين ذلك لشغله بها.
وروي عن ابن عمر أنه قال: الصلاة هنا: القرآن. قال: القرآن الذي يقرأ في المساجد ينهى عن الفحشاء والمنكر. والفحشاء الزنى، والمنكر المعاصي.
ثم قال: ﴿وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ﴾ قال ابن عباس في معناه: ولذكر الله أكبر إذا ذكرتموه عندما أمركم به، ونهى عنه أكبر من ذكركم إياه. وهو قول مجاهد وعكرمة وغيرهما. وروي ذلك عن أبي الدرداء. وقيل: المعنى: ولذكر الله إياكم أفضل من

صفحة رقم 5632

ذكركم أياه. وهو اختيار الطبري.
وقيل: المعنى: ولذكركم الله أفضل من كل شيء. أي: ذكركم الله في الصلاة والدعاء وغير ذلك أفضل من الصلاة وسائر العبادات بلا ذكر.
وروي عن النبي ﷺ أنه قال: " ليس يتحسَّرُ أهلُ الجنّة على شيءٍ إلاّ على ساعاتٍ مرّت بهم لم يذكُروا الله تعالى فيها " وقال ثبت البُناني: " بلغني أن أهل ذكر الله يجلسون إلى ذكر الله وإن عليهم من الآثام مثل الجبال، وإنهم ليقومون منها عطلاً ما عليهم منها شيء ".
وسئل سلمان عن أيّ الأعمال أفضل؟ فقال: أما تقرأ القرآن،

صفحة رقم 5633

﴿وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ﴾ لا شيءَ أفضل من ذكرِ الله.
وقالت أم الدرداء: إن صليت فهو من ذكر الله، وإن صمتَ فهو من ذكر الله، وكل خير فعلته فهو من ذكر الله، وكل شيء تجنبته لله فهو من ذكر الله، وأفضل من ذلك تسبيح الله جلّ وعزّ.
وقال قتادة: ولذكر الله أكبر، لا شيء أكبر من ذكر الله. وقيل: المعنى: ولذكر الله العبد في الصلاة أفضل من الصلاة. قاله السدي.

صفحة رقم 5634

وقيل: المعنى: والصلاة التي أنت فيها، وذكرى الله فيها أكبر مما نهتك الصلاة عنه من الفحشاء والمنكر. وقيل: المعنى: ولذكر الله الفحشاء والمنكر كبير.
﴿والله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ أي: ما تفعلون في صلاتكم من إقامة حدودها وغير ذلك من ترككم الفحشاء والمنكر.
ثم قال تعالى: ﴿وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أي: لا تجادلوا أيها المؤمنون اليهود والنصارى إلاّ بالجميل من القول، وهو الدعاء إلى الله والتنبيه على حججه.
﴿إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ﴾ هذا بدل من " أهل "، ويجوز أن يكون استثناء.
والمعنى: إلاّ الذين امتنعوا من إعطاء الجزية ونصبوا دونها الحرب فلكم قتالهم حتى يسلموا أو يعطوا الجزية. قاله مجاهد وغيره، وهو اختيار الطبري.

صفحة رقم 5635

وقال ابن جبير: هم أهل الحرب ومن لا عهد له، فلك أن تجادله بالسيف.
وقيل المعنى: لا تجادلوا من كفر منهم بمحمد ﷺ فيما يخبرونكم به من نص كتابهم إلاّ بالقول الجميل، وأن تقولوا آمنا بما أنزل إلينا وأنزل إليكم، إلاّ الذين ظلموا منهم. يعني الذين لم يؤمنوا بمحمد ﷺ، وأقاموا على كفرهم.
فالآية محكمة على هذا القول. روي هذا القول عن ابن زيد.
وقال قتادة: هي منسوخة بالأمر بالقتال لأنها مكية.
وقال أبو هريرة: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال النبي ﷺ: " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذّبهم، وقولوا آمنّا بالَّذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا.. " الآية.

صفحة رقم 5636

ومعنى: ﴿إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ﴾ أي: ظلموكم في منعهم الجزية ومحاربتكمم. والكل ظالمون لأنفسهم بكفرهم من أدى الجزية ومن لم يؤد.
﴿وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ﴾ أي: معبودنا ومعبودكم واحد.
﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ أي: خاضعون ومتذللون بالطاعة له.
ثم قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب﴾ أي: وكما أنزلنا الكتاب على من قبلك يا محمد، كذلك أنزلنا إليك الكتاب.
﴿فالذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ يعني: من كان من بني إسرائيل قبل محمد ﷺ.
﴿ وَمِنْ هؤلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ﴾ يعني: الذين كانوا من أهل الكتاب على عهد النبي عليه السلام، منهم من لم يؤمن بما أنزل على محمد.
﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ﴾ أي: بأدلتنا وحججنا، ﴿إِلاَّ الكافرون﴾ أي: إلاّ الذين جحدوا نعمتنا بعد معرفتهم بها.
قال قتادة: إنما الجحود بعد المعرفة.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ﴾ أي: ما كنت يا محمد تقرأ قبل هذا الكتاب كتاباً آخر. ﴿وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ﴾ أي: تكتبه، بل كنت أمياً لا علم عندك من ذلك حتى أنزل الله عليك الكتاب وعلمك ما لم تكن تعلم، ولو كنت تقرأ قبل ذلك كتابا وتخطّه بيمينك. ﴿إِذاً لاَّرْتَابَ المبطلون﴾ أي: لشكّ فيك من أجل ذلك القائلون إنه سجع

صفحة رقم 5637
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية