آيات من القرآن الكريم

وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ ۖ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ
ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ ﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽ

قَالَ: فِي دارِهِمْ فَنَقُولُ الْمُرَادُ مِنَ الدَّارِ هُوَ الدَّيَّارُ، وَالْإِضَافَةُ إِلَى الْجَمْعِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، وَأَنْ تَكُونَ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ إِذَا أُمِنَ الِالْتِبَاسُ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ لِلَطِيفَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الرَّجْفَةَ هَائِلَةٌ فِي نَفْسِهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مُهَوِّلٍ، وَأَمَّا الصَّيْحَةُ فَغَيْرُ هَائِلَةٍ فِي نَفْسِهَا لَكِنَّ تِلْكَ الصَّيْحَةَ لَمَّا كَانَتْ عَظِيمَةٌ عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى مُعَظِّمٍ لِأَمْرِهَا، وَقِيلَ إِنَّ الصَّيْحَةَ كَانَتْ أَعَمَّ حَيْثُ عَمَّتِ الْأَرْضَ وَالْجَوَّ، وَالزَّلْزَلَةُ لَمْ تَكُنْ إِلَّا فِي الْأَرْضِ فَذَكَرَ الدِّيَارَ هُنَاكَ غَيْرَ أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الدَّارَ وَالدِّيَارَ مَوْضِعُ الْجُثُومِ لَا مَوْضِعُ الصَّيْحَةِ وَالرَّجْفَةِ، فَهُمْ مَا أصبحوا جاثمين إلا في ديارهم.
[سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]
وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩)
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَعاداً وَثَمُودَ أَيْ وَأَهْلَكْنَا عَادًا وَثَمُودَ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ دَلَّ عَلَى الْإِهْلَاكِ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ الْأَمْرُ وَمَا تَعْتَبِرُونَ مِنْهُ، ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ مَا جَرَى عَلَيْهِمْ فَقَالَ: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَقَوْلُهُ: وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ يَعْنِي عِبَادَتَهُمْ لِغَيْرِ الله وفَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ يَعْنِي عِبَادَةَ اللَّهِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ
يَعْنِي بِوَاسِطَةِ الرُّسُلِ يَعْنِي فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ عُذْرٌ فَإِنَّ الرُّسُلَ أَوْضَحُوا السُّبُلَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ عَطْفًا عَلَيْهِمْ أَيْ: وَأَهْلَكْنَا قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ كَمَا قَالَ فِي عَادٍ وَثَمُودَ: وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ أَيْ بِالرُّسُلِ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: فَاسْتَكْبَرُوا أَيْ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَرْضِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يُوَضِّحُ قِلَّةَ عَقْلِهِمْ فِي اسْتِكْبَارِهِمْ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ فِي الْأَرْضِ أَضْعَفُ أَقْسَامِ الْمُكَلَّفِينَ، وَمَنْ فِي السَّمَاءِ أَقْوَاهُمْ، ثُمَّ إِنَّ مَنْ فِي السَّمَاءِ لَا يَسْتَكْبِرُ عَلَى اللَّهِ وَعَنْ عِبَادَتِهِ، فَكَيْفَ [يَسْتَكْبِرُ] مَنْ فِي الْأَرْضِ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَما كانُوا سابِقِينَ أَيْ مَا كَانُوا يَفُوتُونَ اللَّهَ لِأَنَّا بَيَّنَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ [الْعَنْكَبُوتِ: ٢٢] أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَقْطَارَ الْأَرْضِ فِي قَبْضَةِ قدرة الله. ثم قال تعالى:
[سورة العنكبوت (٢٩) : آية ٤٠]
فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)
ذَكَرَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ الْعَذَابُ بِالْحَاصِبِ، وَقِيلَ إِنَّهُ كَانَ بِحِجَارَةٍ مُحْمَاةٍ يَقَعُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَنْفُذُ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى النَّارِ وَالْعَذَابُ بِالصَّيْحَةِ وَهُوَ هَوَاءٌ مُتَمَوِّجٌ، فَإِنَّ الصَّوْتَ قِيلَ سَبَبُهُ تَمَوُّجُ الْهَوَاءِ وَوُصُولُهُ إِلَى الْغِشَاءِ الَّذِي عَلَى مَنْفَذِ الْأُذُنِ وَهُوَ الصِّمَاخُ فَيَقْرَعُهُ فَيُحِسُّ، وَالْعَذَابُ بِالْخَسْفِ وَهُوَ الْغَمْرُ في

صفحة رقم 56
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية