وَ (لِي وَلَكَ) : صِفَتَانِ لِقُرَّةٍ؛ وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى «لَا» وَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَقَالَ: تَقْتُلُونَهُ؛ أَيْ أَتَقْتُلُونَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَلَا جَازِمَ عَلَى هَذَا.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَارِغًا) : أَيْ مِنَ الْخَوْفِ.
وَيُقْرَأُ: «فِرْغًا» بِكَسْرِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ؛ كَقَوْلِهِمْ: ذَهَبَ دَمُهُ فِرْغًا؛ أَيْ بَاطِلًا؛ أَيْ أَصْبَحَ حَزْنُ فُؤَادِهَا بَاطِلًا. وَيُقْرَأُ: «فَرِعًا» وَهُوَ ظَاهِرٌ.
وَيُقْرَأُ: «فَرِغًا» أَيْ خَالِيًا مِنْ قَوْلِهِمْ: فَرِغَ الْفِنَاءُ، إِذَا خَلَا.
وَإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ، وَقِيلَ: بِمَعْنَى مَا، وَقَدْ ذُكِرَتْ نَظَائِرُهُ.
وَجَوَاب لَوْلَا مَحْذُوف دلّ عَلَيْهِ إِن كَادَت
و ﴿لتَكون﴾ اللَّام مُتَعَلقَة بربطنا
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (١٢) فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣) وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤) وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (عَنْ جُنُبٍ) : هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ إِمَّا مِنَ الْهَاءِ فِي «بِهِ» أَيْ بَعِيدًا، أَوْ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «بَصُرَتْ» أَيْ مُسْتَخْفِيَةً.
وَيُقْرَأُ: عَنْ جُنُبٍ، وَعَنْ جَانِبٍ وَالْمَعْنَى: مُتَقَارِبٌ.
وَ (الْمَرَاضِعَ) : جَمْعُ مُرْضِعَةٍ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ مُرْضِعٍ الَّذِي هُوَ مَصْدَرٌ.
وَ (لَا تَحْزَنْ) : مَعْطُوفٌ عَلَى «تَقَرَّ».
وَ (عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ) : حَالٌ مِنَ الْمَدِينَةِ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْفَاعِلِ؛ أَيْ مُخْتَلِسًا.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ) : الْجُمْلَتَانِ فِي مَوْضِعِ نَصْبِ صِفَةٍ لِرَجُلَيْنِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) أَيْ مِنْ تَحْسِينِهِ، أَوْ مِنْ تَزْيِينِهِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِمَا أَنْعَمْتَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَسَمًا، وَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ.
وَ (فَلَنْ أَكُونَ) : تَفْسِيرٌ لَهُ؛ أَيْ لَأَتُوبَنَّ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعْطَافًا؛ أَيْ كَمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَاعْصِمْنِي فَلَنْ أَكُونَ.
وَ (يَتَرَقَّبُ) : حَالٌ مُبْدَلةٌ مِنَ الْحَالِ الْأُولَى، أَوْ تَأْكِيدًا لَهَا، أَوْ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «خَائِفًا».
وَ (إِذَا) : لِلْمُفَاجَأَةِ، وَمَا بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ، وَ «يَسْتَصْرِخُهُ» الْخَبَرُ، أَوْ حَالٌ؛ وَالْخَبَرُ «إِذَا».
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (٢٣) فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)).