آيات من القرآن الكريم

إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ ﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ

المرور. وإن لم يكن مبصرا محسوسا، لكن ما ينبعث منه تبدل الأحوال، بما يطرأ من تعاقب الليل والنهار وغيره، بمنزلة المحسوس المبصر فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ [الحشر: ٢]، فيكون هذا معجزة للنبيّ صلى الله عليه وسلم، مخصوصة به، إذ لم يخبر به غيره من الأنبياء.
فليس بممكن حمل الآية على تسيير الجبال الواقع عند قيام الساعة ووفاء النشأة الآخرة. إذ ليس هو من (الصنع) في شيء. بل هو إفساد أحوال الكائنات، وإخلال نظام العالم، وإهلاك بني آدم. كلام المرجانيّ.
مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ أي لا يعتريهم ذلك الفزع الهائل. وقرئ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ بالإضافة وكسر الميم وفتحها. وفزع منونا وفتح الميم، على أنه ظرف (لآمنون) أو المحذوف هو صفة للفزع. والتنوين في (يومئذ) عوض عن جملة محذوفة، أي يوم إذا جاءوا بالحسنة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النمل (٢٧) : الآيات ٩٠ الى ٩٣]
وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠) إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٩١) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (٩٢) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٩٣)
وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي من الشرك والمعاصي إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ أي مكة الَّذِي حَرَّمَها أي جعلها حرما آمنا لا يسفك فيها دم، ولا يظلم فيها أحد ولا يصاد صيدها ولا يختلى خلاها. وفيه تعريض بجحدهم نعمته تعالى في ذلك، حيث آمنهم من خوف، وأجلّهم في أعين القبائل، ووقاهم من الفتن المنتشرة عند غيرهم، إجلالا لهذا البيت. وهم لم يرعوا هذه النعمة بالقيام بواجب شكرها، من عبادته تعالى وحده، وسعيهم بالإصلاح وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ أي خلقا وملكا. فهو خالق كل شيء ومليكه وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي ممن أسلم وجهه لله، لا لغيره.
وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ أي عليكم، تلاوة الدعوة إلى الإيمان به، لما اشتمل عليه من سعادة الدارين فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ أي فمن اتبع ما فيه من توحيد

صفحة رقم 511

الله، ونفي الأنداد عنه، والدخول في الملة الحنيفية، واتباع ما أنزل عليّ من الوحي، فمنفعة اهتدائه راجعة إليه، لا إليّ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ أي ومن ضل عن الإيمان وأخطأ بزيغه طريق الهدى، ولم يتبعني، فلا عليّ. وما أنا إلا رسول منذر، وما على الرسول إلا البلاغ المبين وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أي على ما هدانا لهذا الدين، ومنّ علينا بصراطه المستقيم سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها كقوله تعالى سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت: ٥٣]، وقوله وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص: ٨٨]، وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ أي من الشرك والتكذيب ونصب المكايد. بل هو شهيد رقيب، جل جلاله وعظم نواله، ولا إله غيره.

صفحة رقم 512

بسم الله الرّحمن الرّحيم

سورة القصص
سميت به لاشتمالها على قوله تعالى: فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: ٢٥]، الدالة على أن من هرب من مكان الأعداء، إلى مكان الأنبياء اعتبارا بقصصهم الدالة على نجاة الهاربين، وهلاك الباقين بمكان الأعداء- أمن من الهلاك. وهذا أيضا من أعظم مقاصد القرآن، مع اشتمالها على ما لا يشتمل عليه غيرها من أنباء موسى، أفاده المهايميّ.
والسورة مكية كلها. وقيل إلّا من قوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ إلى قوله الْجاهِلِينَ [القصص: ٥٢- ٥٥]، فقد أخرج الطبرانيّ عن ابن عباس أنها نزلت هي وآخر الحديد في أصحاب النجاشيّ الذين قدموا وشهدوا وقعة أحد.
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ [القصص: ٨٥] الآية، لما روي من نزولها بالجحفة حين الهجرة إلى المدينة. والله أعلم. وهي ثمان وثمانون آية، بالاتفاق.

صفحة رقم 513
محاسن التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم الحلاق القاسمي
تحقيق
محمد باسل عيون السود
الناشر
دار الكتب العلميه - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية