
قال تعالى ذكره: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً﴾، أي واذكر يا محمد يوم نحشر من كل قرن وملة فوجاً، أي جماعة منهم وزمرة ﴿مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا﴾، أي يجحدها ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ أي يحبس أولهم على آخرهم فيجتمع جميعهم ثم يسافرون إلى النار.
قال ابن عباس: يوزعون: يدفعون.
قال مجاهد: يحبس أولهم على آخرهم.
وقال قتادة: لهم وزعة: ترد أولهم على آخرهم.
قال تعالى: ﴿حتى إِذَا جَآءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي﴾، أي جاء الأفواج واجتمعوا، قال لهم الله جل ذكره: ﴿أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي﴾، أي بحججي وأدلتي ﴿وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً﴾، أي ولم تعرفوها حق معرفتها أماذا ﴿كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ فيها من تصديق أو تكذيب. وقوله: ﴿وَلَمْ تُحِيطُواْ﴾، معطوف

على ﴿أَكَذَّبْتُم﴾ فيه معنى التوبيخ والتقدير. على معنى: ﴿وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً﴾ " أي أكذبتم بها وقد أحطتم بها علماً، لأن الألف إذا دخلت على النفي نقلته إلى الإيجاب بمنزلة ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ [الشرح: ٧] أي قد شرحناه لك، ودل على حذف الألف من ولم تحيطوا. قوله: " أما ذا كنتم ". ولو لم تقدر الألف ويجري على معنى الإيجاب الذي أصله النفي وردته الألف إلى الإيجاب لكان ذلك عذراً لهم إنهم إنما كذبوا لما لم يحيطوا بعلمها، وليس الأمر كذلك بل كذبوا بعد إحاطتهم بعلمها ونزولها، والدعوة إلى الإيمان بها.
وقد قيل إنه لا إضمار ألف في هذا، والمعنى: أنهم كذبوا وهم غير محيطين