آيات من القرآن الكريم

قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ

فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (٦٩)
شرح الكلمات:
من في السموات والأرض: الملائكة والناس.
الغيب إلا الله: أي ما غاب عنهم ومن ذلك متى قيام الساعة إلا الله فإنه يعلمه.
أيَّان يبعثون: أي متى يبعثون.
بل ادّارك علمهم في الآخرة: أي تلاحق وهو ما منهم أحد إلا يظن فقط فلا علم لهم بالآخرة بالمرة.
بل هم منها عمون: أي في عمى كامل لا يبصرون شيئا من حقائقها.
أئنا لمخرجون: أي أحياء من قبورنا.
لقد وعدنا هذا: أي البعث أحياء من القبور.
أساطير الأولين: أي أكاذيبهم التي سطروها في كتبهم.
كيف كان عاقبة المجرمين: أي المكذبين بالبعث كانت دمارا وهلاكاً وديارهم الخاوية شاهدة بذلك.
معنى الآيات:
قوله تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ﴾ لما سأل المشركون من قريش النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الساعة أمره تعالى أن يجيبهم بهذا الجواب ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ﴾ الخ.. والساعة من جملة الغيب بل هي أعظمه. ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ من الملائكة ﴿وَالْأَرْضِ﴾ من الناس ﴿إِلَّا (١) اللهُ﴾ أي لكن

١- أخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قولها: من زعم أن محمدا يعلم ما في غد فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول: ﴿قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله﴾ وذكر القرطبي ما خلاصته: أن منجما أتي به إلى الحجاج فاعتقله ثم أخذ حصيات فعدّها وقال للمنجّم: كم من حصيات في يدي فأخبره بعددها، ثم أخذ أخرى ولم يعدها وسأل المنجم عنها فلم يعرف عددها وكرر هذا ثلاث مرات فلم يعرف المنجم فسأله كيف عرفت في الأولى ولم تعرف في غيرها؟ قال: لأنك لما عددتها خرجت من الغيب فعلمتها أمّا الغيب فلا يعلمه إلا الله.

صفحة رقم 37

الله تعالى يعلم غيب السموات والأرض أما غيره فلا يعلم إلا ما علمه الله علام الغيوب. وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ أي وما يشعر أهل السموات وأهل الأرض متى يبعث الأموات من قبورهم للحساب والجزاء وهذا كقوله تعالى في سورة الأعراف: ﴿يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾.
وقوله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ (١) عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ قرئ ﴿بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ أي بلغ حقيقته يوم القيامة إذ يصبح الإيمان بها الذي كان غيبا شهادة ولكن لا ينفع صاحبه يومئذ. وقرئ ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ﴾ أي علم المشركين بالآخرة. أي تلاحق وأدرك بعضه بعضا وهو أنه لا علم لهم بها بالمرة. ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ (٢) ﴾ أي لا يرون شيئا من دلائلها، ولا حقائقها بالمرة ويدل على هذا ما أخبر به تعالى عنهم من أنهم لا يؤمنون بالساعة بالمرة قي قوله ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا (٣) كُنَّا تُرَاباً وَآبَاؤُنَا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ﴾ أي من قبورنا أحياء. والاستفهام للإنكار الشديد ويؤكدون إنكارهم هذا بقولهم:
﴿لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ﴾ أي من قبل أن يعدنا محمد. ﴿إِنْ هَذَا﴾ أي الوعد بالبعث والجزاء ﴿إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ أي أكاذيبهم وحكاياتهم التي يسطرونها في الكتب ويقرأونها على الناس. وقوله تعالى في آخر آية من هذا السياق (٦٩) ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أي قل لهم يا رسولنا سيروا في الأرض جنوبا أو شمالا أو (٤) غربا ﴿فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ﴾ أي أهلكناهم لما كذبوا بالبعث كما كذبتم، فالقادر على خلقهم ثم إماتتهم قادر قطعا على بعثهم وإحيائهم لمحاسبتهم وجزائهم بكسبهم. فالبعث إذاً ضروري لا ينكره ذو عقل راجح أبدا.

١- أصل: (ادّارك) تدارك فسكنت التاء وأدغمت في الدال وجلبت همزة الوصل فصارت: ادّارك.
٢- (عمون) أصلها: عميون: حذفت الياء وضمت الميم تخفيفا، والمفرد عم.
٣- قرأ نافع: (إذا كنا) بدون همزة استفهام، وبتسهيل همزة أينا، وقرأ حفص بهمزتين محققتين أإذا وإئنا.
٤- جنوبا حيث ديار عاد، وشمالا حيث ديار ثمود، وغربا حيث مدين والمؤتفكات.

صفحة رقم 38
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية