آيات من القرآن الكريم

بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ ۚ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا ۖ بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ

قال ابن عباس: يريد: هم ولا من اتخذوه عن دوني أولياء ﴿أَيَّانَ يُبْعَثُونَ﴾ متى يكون البعث (١). وهذا احتجاج عليهم بأن الله هو الذي يعلم ما غاب عن العباد، وأنه هو الذي يعلم متى البعث، لا غيره.
٦٦ - قوله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾ ﴿ادَّارَكَ﴾ معناه: تدارك، فأدغم التاء في الدال لمقاربتها لها، وكونها من حيزها، فلما سكنت للإدغام اجتلبت لها همزة الوصل، كما اجتلبت في قوله: ﴿فَادَّارَأْتُمْ﴾ [البقرة: ٧٢]، و ﴿اطَّيَّرْنَا﴾ [النمل: ٤٧]، ونحوه. ومنه قوله: ﴿حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا﴾ [الأعراف: ٣٨]، أي: تلاحقوا (٢).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿بَلْ أَدْرَكَ﴾ (٣).

= استأثر الله بعلمه، وحجب عنه خلقه.. والساعة من ذلك. وجعل ابن جرير قوله تعالى: ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ عامًا فقال: وما يدري من في السموات والأرض مِن خلقه، متى هم مبعوثون من قبورهم لقيام الساعة؟
(١) "تنوير المقباس" ٣٢٠. وهو في "مجاز القرآن" ٢/ ٩٥. و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٦. و"تفسير الهواري" ٣/ ٢٦٢. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٧، ولم ينسبوه.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠١. و"تأويل مشكل القرآن" ٣٥٤. وذكر نحوه النحاس، "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٨. وابن جني في "المحتسب" ٢/ ١٤٣. قال ابن الجزري:
والطاءُ والدالُ وتا منه ومِن عُليا الثنايا والصفيرُ مستكنْ
"متن الجزرية في معرفة تجويد الآيات القرآنية" ١٠.
قوله: منه، أي: من طرف اللسان، ومن أصول عليا الثنايا، وهي الأسنان المتقدمة، اثنتان فوق، واثنتان تحت. وأما قوله: (والصفير مستكن) فهو وصف لما ذكره بعد ذلك من الحروف. "الدقائق المحكمة في شرح المقدمة"، لأبي زكريا الأنصاري ١٠. ويسمى إدغام متقاربين. "منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال" ٨٣.
(٣) قرأ ابن كثير وأبو عمرو: ﴿بَلْ أَدْرَكَ﴾ خفيفة لغير ألف، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي: ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ بالألف ممدودة. وروى المفضل عن =

صفحة رقم 280

[ومعنى أدرك:] (١) بلغ ولحق، يقال: فلان أدرك الحسن، إذا لحق أيامه. وتقول على هذا: أدركه علمي، أي: بلغه ولحقه (٢).
وقال شمر: أدرك، وتدارك، وادَّارك، وادَّرَك، واحد؛ يقال: أَدْرَكته، وتدارَكته، وادَّارَكته، وادَّرَكته (٣)، وأنشد لزهير:
تداركتما عَبْسًا وذُبيانَ بعدما (٤)
وأنشد للطِرمَّاح:
فلما أدركناهن أبدينَ للَّهوى (٥)
قال ابن عباس: يريد ما جهلوا في الدنيا، وسقط علمه عنهم علموه في الآخرة (٦).

= عاصم. (بَلْ أَدرَكَ) مثل أبي عمرو، وروى الأعشى عن أبي بكر عن عاصم ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ على وزن: افتعل. "السبعة في القراءات" ٤٨٥، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٠. و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٩.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة: (ب).
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٠.
(٣) في "تهذب اللغة" ١٠/ ١١٣ (درك) عن شمر: أدرك الشيء وأدركته وتدارك القوم، واداركوا، وأدركوا، إذا أدرك بعضهم بعضًا. ويقال: تداركته، وادّاركته، وادّركته.
(٤) شطر بيت من معلقة زهير، يقول: تلافيتما أمر هاتين القبيلتين بعدما أفنى القتال رجالهما، ويعني بهما: هرم ابن سنان، والحارث بن عوف. "ديوان زهير" ٧٩. وأنشد البيت الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٣ (درك).
(٥) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٣ (درك). وعجز البيت:
محاسن واستولين دون محاسن
وهو في "ديوان الطرماح" ٢٦٧.
(٦) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٧، عن ابن عباس، من طريق عطاء الخراساني: بصرهم في الآخرة حين لم ينفعهم العلم والبصر. ومن طريق علي بن أبي طلحة، بلفظ: غاب =

صفحة رقم 281

وقال مقاتل: يقول: بل علموا في الآخرة حين عاينوها ما شَكُّوا وعموا عنه في الدنيا (١).
وقال السدي: اجتمع عليهم يوم القيامة فلم يَشُكُّوا ولم يختلفوا (٢).
قال أبو معاذ النحوي: من قرأ: ﴿بَلْ أدْرَكَ﴾ أو قرأ: في ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾ فمعناهما واحد؛ يقول: هم علماءُ في الآخرة، [ومعناها عنده: علموا في الآخرة أن الذي] (٣)، كقوله تعالى: ﴿أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا﴾ [مريم: ٣٨] (٤).
وروى (٥) أبو تراب عن أبي سعيد الضرير (٦) أنه قال: أما أنا فأقرأ: (بَلْ أدرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الأَخِرَةِ) ومعناها عنده: علموا في الآخرة أن الذي

= علمهم. وأخرج عن ابن زيد: ضل علمهم في الآخرة فليس لهم فيها علم. واختار ابن جرير رواية عطاء. وذكر الثعلبي ٨/ ١٣٤ أ، عن ابن عباس، أنه قال: أي: لم يدركه.
(١) تفسير مقاتل" ٦١ ب.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩١٥.
(٣) هكذا في نسخة: (أ)، (ب)، وهو ساقط من نسخة (ج). ولعل ما بعده هو: أن الذي كانوا يوعدون حق.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك)، و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢٤٤. قال الواحدي في تفسير هذه الآية: قال قتادة: ذلك والله يوم القيامة، سمعوا حين لم ينفعهم السمع، وأبصروا حين لم ينفعهم البصر. وقال الحسن: لئن كانوا في الدنيا صُمًا عُميًا عن الحق، فما أبصرهم وأسمعهم يوم القيامة. "الوسيط" ٣/ ١٨٤.
(٥) في نسخة: (ب): قال أبو تراب.
(٦) أحمد بن خالد، أبو سعيد البغدادي، الضرير، اللغوي، لقي ابن الأعرابي، وأبا عمرو الشيباني، قدم نيسابور، وأقام بها، وأملى بها كتبًا في معاني الشعر والنوادر، وأخذ عن ابن قتيبة. "إنباه الرواة على أنباه النحاة" ١/ ٧٦، و"بغية الوعاة" ١/ ٣٠٥.

صفحة رقم 282

كانوا يوعدون حق (١).
وأنشد للأخطل:

وأدْركَ علمي في سواءةَ أنها تُقيم على الأوتار والمشربِ الكَدْر (٢)
أي: أحاط علمي بها أنها كذلك (٣).
وأما الفراء وكثير من المفسرين وأهل المعاني فقد تخبطوا في هذه الآية [وذهبوا إلى ما لا وجه له (٤)؛ قال الأزهري: والقول في أدرك، وادارك، في هذه الآية] (٥) ما قال السدي وأبو معاذ (٦). ولا معنى لما قال الفراء، ولم أحك قوله، ولا قول من حذا حذوه، لتشوشه واضطرابه. وروي عن مجاهد أنه قال: بل تواطأ علمهم في الآخرة (٧).
(١) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك)، وفيه: روى ابن الفرج. و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢٤٤، وليس فيه: وروى أبو تراب. وهو قول الهواري ٣/ ٢٦٢، قال: أي: علموا في الآخرة أن الأمر كما قال الله، فآمنوا حين لم ينفعهم علمهم، ولا إيمانهم.
(٢) بيت من قصيدة له في هجاء قبائل قيس، وسواءة: من قيس عيلان، مراده أن بني سواءة يرضون بما قد يصيبهم من الذل، والهوان. "شرح ديوان الأخطل" ١٥٦. وذكر البيت الأزهري، "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك)، من إنشاد أبي سعيد الضرير.
(٣) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك)، و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢٤٤، من إنشاد أبي سعيد الضرير.
(٤) قال الفراء ٢/ ٢٩٩: معناه: لعلهم تدارك علمهم. يقول: تتابع علمهم في الآخرة. يريد: بعلم الآخرة أنها تكون أو لا تكون. وذكر نحوه ابن قتيبة غريب القرآن ٣٢٦، وابن جرير ٢٠/ ٦. وذكر الهواري ٣/ ٢٦٢، عن الحسن: أي: لم يبلغ علمهم في الآخرة، أي: لو بلغ عحهم أن الآخرة كائنة لآمنوا بها في الدنيا كما آمن المؤمنون.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ج).
(٦) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك). و"معاني القراءات" للأزهري ٢/ ٢٤٤.
(٧) أخرج ابن جرير ٢٠/ ٧: بلفظ: أم أدرك علمهم من أين يدرك علمهم. وأخرجه =

صفحة رقم 283

قال الأزهري: وهذا يوافق قول السدي؛ لأن معنى: تواطأ تحقق واتفق حين لا ينفعهم (١).
وقال أبو إسحاق: من قرأ: (بَلِ ادَّارَكَ) وهو الجيد؛ فعلى معنى: بل تدارك، أي: بل تكامل علمهم يوم القيامة بالبعث، وبأن كلَّ ما وعدوا حق. قال: ومن قرأ: (بَلْ أدْرَكَ) فهو على معنى: التقرير والاستخبار؛ كأنه قيل: لم يُدرك علمهم بالآخرة، أي: ليس يقفون في الدنيا على حقيقتها، ثم بيَّن ذلك في قوله: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾ وقالوا في تفسير: (بَلْ أدرَكَ) أم أدرك. هذا كلامه (٢).
وقد فَصَل الزجاج بين القراءتين، فجعل القراءة الثانية استفهامًا بمعنى الإنكار، وحرف الاستفهام: (بل)، الذي هو بمعنى: (أم)، وبهذا قال جماعة، وأنشدوا أبياتًا؛ منها قوله:
أمِ النومُ أمْ كلٌّ إليَّ حبيبُ (٣)

= ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩١٤، بلفظ: لم يدرك علمهم في الآخرة. وفي "تفسير مجاهد" ٢/ ٤٧٥ في قول الله تعالى: ﴿بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ﴾ يقول الله: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا﴾.
(١) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٣ (درك).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٧. وذكر نحوه النحاس، "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٨.
(٣) أنشده الفراء، "معاني القرآن" ٢/ ٢٩٩، كاملًا، ولم ينسبه، وصدره:
فواللَّه ما أدري أسلمى تغولت
يقال: تغولت المرأة: إذا تلونت. "تهذيب اللغة" ٨/ ١٩٣ (غال). وأنشده كذلك ابن جرير ٢٠/ ٨. وذكره الأزهري من إنشاد الفراء، "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٢ (درك). ولم ينشده الزجاج عند هذه الآية. وأنشده الثعلبي ٨/ ١٣٤ أ، ولم ينسبه. ونسب لعقبة المضرب برواية:

صفحة رقم 284

بمعنى: بل، وقالوا: إن أحدهما يقوم مقام الآخر (١).
وإلى هذا ذهب أبو علي؛ فقال: المعنى: إنهم لم يدركوا علم الآخرة، أي: لم يعلموا حدوثها وكونها، ومعنى قوله: ﴿فِي الْآخِرَةِ﴾ معنى الباء، أي: علمهم بالآخرة، قال: وهذا كما تقول: أجئتني بالأمس أي: لم تجئ، والمعنى: لم يدرك علمهم بحدوث الآخرة (٢).
وهذا الوجه غير ما حكينا عن مقاتل وابن عباس والسدي، ولم يَفصل أبو علي بين القراءتين -كما فصل أبو إسحاق- وأجراهما على الاستفهام الذي معناه الإنكارة ويؤكد هذا الوجه قراءة ابن عباس: ﴿بَلى أدَّارَكَ﴾ بالاستفهام (٣).
قال الأزهري: هو استفهام فيه رد وتهكم، ومعناه: لم يدرك علمهم في الآخرة (٤).

(١) وهذا قول الفراء. "معاني القرآن" ٢/ ٢٩٩. ورجحه ابن جرير ٢٠/ ٨، على قراءة: ﴿بَلِ ادَّارَكَ﴾.
(٢) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٠.
(٣) أخرج هذه القراءة ابن جرير ٢٠/ ٦، من طريق أبي حمزة، وقال ابن جرير في ضبطها: وكان ابن عباس فيما ذكر عنه يقرأ بإثبات ياء في: بل، ثم يبتدئ: أدَّارك، بفتح ألفها على وجه الاستفهام، وتشديد الدال. ثم قال بعد ذلك: فأما القراءة التي ذكرت عن ابن عباس، فإنها وإن كانت صحيحة المعنى والإعراب فخلاف ما عليه مصاحف المسلمين، وذلك أن في: بلى، زيادة ياء في قراءته ليست في المصاحف، وهي مع ذلك قراءة لا نعلمها قرأ بها أحد من قراء الأمصار. وقال عنها النحاس: إسناده صحيح. "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٨. وذكر هذه القراءة ابن خالويه، ونسبها لابن عباس، وأبي حيوة، وكتبت هكذا: [بَلْ أدْرَكَ] "شواذ القراءات" ١١١، كما ذكرها ابن جني، "المحتسب" ٢/ ١٤٢، وكتبت هكذا: [بَلى ادْرَكَ] ممدودًا.
(٤) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٤ (درك). وقد كتبت القراءة عنده هكذا: بلى أأدرك. وأما =

صفحة رقم 285

وروى شعبة عن أبي حمزة (١) عن ابن عباس: ﴿بَلى أدَّارَكَ﴾ بقطع الألف؛ لأنه استفهام، فحذف ألف الوصل (٢).
قال الفراء: وهو وجه جيد؛ لأنه أشبه بالاستهزاء بأهل الجحد، كقولك للرجل تكذبه: بلى لعمري لقد أدركتَ السلف، فأنت تروي ما لا نروي، وأنت تُكذِّبُه (٣). فهذا وجهٌ عليه أهل المعاني. والأول عليه أهل التفسير.
قال شمر: ورُوي لنا حرفٌ عن الليث، ولم أسمعه لغيره، ذَكر أشبه يقال: أدركَ الشيءُ إذا فَنِيَ (٤)، فإن صح فهو في التأويل: فني علمهم عن معرفة الآخرة. هذا كلامه (٥). و ﴿فِي الْآخِرَةِ﴾ على هذا القول يكون أيضًا بمعنى: بالآخرة، كما ذكره أبو علي. وقرأ عاصم في بعض الروايات

= عند الفراء ٢/ ٢٩٩، وابن قتيبة، في "تأويل مشكل القرآن" ٣٤٥، فقد كتبت كما عند ابن جرير.
(١) أبو حمزة، عمران بن أبي عطاء الواسطي، سمع ابن عباس، ومحمد بن الحنفية، وهو قليل الحديث، صدوق له أوهام، وحدث عنه سفيان، وشعبة وأبو عوانة، وغيرهم. "سير أعلام النبلاء" ٥/ ٣٨٧، وتقريب التهذيب ٧٥١.
(٢) يعني أن أصل الفعل: ادارك، خماسي أوله همزة وصل، ثم دخلت همزة الاستفهام فسقطت همزة الوصل لفظًا ورسما.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٩٩، قال ابن قتيبة عن هذه القراءة: وهذه القراءة أشد إيضاحًا للمعنى؛ لأنه قال: وما يشعرون متى يبعثون، ثم قال: بل تداركت ظنونهم في علم الآخرة؛ فهم يحدسون ولا يدرون. "تأويل مشكل القرآن" ٣٥٤.
(٤) "العين" ٥/ ٣٢٨ (درك).
(٥) "تهذيب اللغة" ١٠/ ١١٤ (درك). وقال بعده الأزهري: وهذا غير صحيح، ولا محفوظ عن العرب، وما علمت أحدًا قال: أدرك الشيء إذا فني، ولا يعرج على هذا القول، ولكن يقال: أدركتِ الثمارُ، إذا انتهى نضجها.

صفحة رقم 286

(أدرَكَ) على افتعل، وهو بمعنى: أدرك وتدارك، كما حكينا عن شمر.
قوله تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾ [قال مقاتل: بل هم اليوم في الدنيا في شك منها] (١) يعني: من الساعة (٢).
وقال أبو علي: ﴿مِنْهَا﴾: من علمها وحدوثها. يعني: علم الآخرة (٣).
﴿بَلْ هُمْ مِنْهَا﴾ من علمها (٤) ﴿عَمُونَ﴾ في الدنيا (٥). والعمي عن علم الشيء أبعد منه من الشاك فيه؛ لأن الشك قد يَعرض عن ضرب من النظر، والعمي عن الشيء: الذي لم يدرك منه شيئًا (٦).
وقال الكلبي في قوله: ﴿بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ﴾ يقول: هم جهلة بها (٧).
وقال المبرد: ﴿عَمُونَ﴾ جمع عمٍ، وأكثر ما يستعمل في القلب، وأنشد:
ولكنني عن علم ما في غدٍ عَمِ (٨)
قال ابن عباس في هذه الآية: أعمى قلوبهم عما أعد لأوليائه من النعيم، وعما أعد لأعدائه من العذاب. والكلام في العمي قد تقدم عند

(١) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (ج).
(٢) "تفسير مقاتل" ٦١ ب.
(٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠١.
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ٣٥٤.
(٥) "تفسير مقاتل" ٦١ ب.
(٦) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠١.
(٧) ذكر الهواري ٣/ ٢٦٢، عن الكلبي: أي: لا يدرون ما الحساب فيها وما العذاب.
(٨) البيت لزهير من معلقته، وصدره:
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله
ديوان زهير ٨٦. وأنشد البيت الأزهري، ونسبه لزهير، وليس فيه النقل عن المبرد. "تهذيب اللغة" ٣/ ٢٤٥ (عمى).

صفحة رقم 287
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية
فوالله ما أدري أسلمى تفولت أم الحلم أم كل إلى حبيب