آيات من القرآن الكريم

قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ۖ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ ﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ

أو للجواب عنه إذا سئلت أو للإيمان فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ كان عرشها قد وصل قبلها إلى سليمان فأمر بتنكيره، وأن يقال لها أهكذا عرشك؟ أي أمثل هذا عرشك؟
لئلا تفطن أنه هو، فأجابته بقولها: كأنه هو. جوابا عن السؤال، ولم تقل هو تحرزا من الكذب أو من التحقيق في محل الاحتمال وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِها هذا من كلام سليمان وقومه لما رأوها قد آمنت قالوا ذلك اعترافا بنعمة الله عليهم، في أن آتاهم العلم قبل بلقيس، وهداهم للإسلام قبلها، والجملة معطوفة على كلام محذوف تقديره: قد أسلمت هي وعلمت وحدانية الله وصحة النبوّة وأوتينا نحن العلم قبلها وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ هذا يحتمل أن يكون من كلام سليمان وقومه، أو من كلام الله تعالى، ويحتمل أن يكون «ما كانت تعبد» فاعلا أو مفعولا، فإن كان فاعلا، فالمعنى صدها ما كانت تعبد عن عبادة الله والدخول في الإسلام حتى إلى هذا الوقت، وإن كان مفعولا: فهو على إسقاط حرف الجر، والمعنى صدها الله أو سليمان عن ما كانت تعبد من دون الله فدخلت في الإسلام.
لَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ ساقَيْها
الصرح في اللغة هو القصر، وقيل: صحن الدار، روي أن سليمان أمر قبل قدومها فبنى له على طريقها قصرا من زجاج أبيض، وأجرى الماء من تحته، وألقى فيه دواب البحر من السمك وغيره ووضع سريره في صدره فجلس عليه فلما رأته حسبته لجة، واللجة الماء المجتمع كالبحر، فكشفت عن ساقيها لتدخله لما أمرت بدخوله، وروي أن الجن كرهوا تزوج سليمان لها، فقالوا له:
إن عقلها مجنون، وإن رجلها كحافر الحمار فاختبر عقلها بتنكير العرش فوجدها عاقلة، واختبر ساقها بالصرح فلما كشفت عن ساقيها وجدها أحسن الناس ساقا، فتزوجها وأقرها على ملكها باليمن، وكان يأتيها مرة في كل شهر، وقيل: أسكنها معه بالشام الَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
لما ظنت أن الصرح لجة ماء وكشفت عن ساقيها لتدخل الماء قال لها سليمان:
إنه صرح ممرّد والممرّد الأملس، وقيل الطويل، والقوارير جمع قارورة وهي الزجاجة.
لَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي
تعني بكفرها فيما تقدم أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ
هذا ضرب من ضروب التجنيس فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ الفريقان من آمن ومن كفر واختصامهم: اختلافهم وجدالهم في الدين لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ أي لم تطلبون العذاب قبل الرحمة، أو المعصية قبل الطاعة
قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ أي تشاءمنا بك، وكانوا قد أصابهم

صفحة رقم 103

القحط قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي السبب الذي يحدث عنه خيركم أو شركم: هو عند الله وهو قضاؤه وقدره، وذلك رد عليهم في تطيرهم، ونسبتهم ما أصابهم من القحط إلى صالح عليه السلام وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ يعني مدينة ثمود يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ قيل: إنهم كانوا يقرضون الدنانير والدراهم ولفظ الفساد أعم من ذلك تَقاسَمُوا بِاللَّهِ أي حلفوا بالله، وقيل: إنه فعل ماض وذلك ضعيف، والصحيح أنه فعل أمر قاله بعضهم لبعض، وتعاقدوا عليه لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ أي لنقتلنه وأهله بالليل، وهذا هو الفعل الذي تحالفوا عليه ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي نتبرأ من دمه إن طلبنا به وليه، ومهلك يحتمل أن يكون اسم مصدر أو زمان أو مكان، فإن قيل: إن قولهم: ما شهدنا مهلك أهله يقتضي التبري من دم أهله، دون التبري من دمه، فالجواب من ثلاثة أوجه: الأول أنهم أرادوا ما شهدنا مهلكه ومهلك أهله، وحذف مهلكه لدلالة قولهم لنبيتنه وأهله، والثاني أن أهل الإنسان قد يراد به هو وهم لقوله «وأغرقنا آل فرعون» يعني فرعون وقومه، الثالث: أنهم قالوا مهلك أهله خاصة ليكونوا صادقين، فإنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا، وأرادوا التعريض في كلامهم لئلا يكذبوا.
وَإِنَّا لَصادِقُونَ يحتمل أن يكون قولهم: وإنا لصادقون مغالطة مع اعتقادهم أنهم كاذبون، ويحتمل أنهم قصدوا وجها من التعريض ليخرجوا به عن الكذب وقد ذكرناه في الجواب الثالث عن مهلك أهله، وهو أنهم قصدوا أن يقتلوا صالحا وأهله معا، ثم يقولون:
ما شهدنا مهلك أهله وحدهم وإنا لصادقون في ذلك بل يعنون أنهم شهدوا مهلكه ومهلك أهله معا. وعلى ذلك حمله الزمخشري أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ روي أن الرهط الذين تقاسموا على قتل صالح اختفوا ليلا في غار، قريبا من داره ليخرجوا منه إلى داره بالليل، فوقعت عليهم صخرة فأهلكتهم، ثم هلك قومهم بالصيحة ولم يعلم بعضهم بهلاك بعض، ونجا صالح ومن آمن به وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ قيل: معناه تبصرون بقلوبكم أنها معصية وقيل:
تبصرون بأبصاركم لأنهم كانوا ينكشفون بفعل ذلك ولا يستتر بعضهم من بعض، وقيل:
تبصرون آثار الكفار قبلكم وما نزل بهم من العذاب «يتطهرون» «والغابرين» «وأمطرنا» قد ذكر.

صفحة رقم 104
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية