آيات من القرآن الكريم

قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ۚ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ ۖ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا طيرنا بك وبمن مَعَك﴾ أَي: تشاءمنا بك وبمن مَعَك، وَفِي سَبَب قَوْلهم هَذَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لتفرق كلمتهم، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لأَنهم أَصَابَهُم الجدب والقحط، فَقَالُوا فَقَالُوا لصالح: هَذَا من شؤمك.
وَاعْلَم أَن الطَّيرَة مَنْهِيّ عَنْهَا، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: " لَا عدوى

صفحة رقم 103

وَلَا طيرة ".
وَعنهُ: " أَنه كَانَ يحب الفأل وَيكرهُ الطَّيرَة ".
ووفي بعض المسانيد عَن النَّبِي قَالَ: " لَا ينج ابْن آدم من ثَلَاث: من الظَّن، والحسد، والطيرة، فَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق، وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ، وَإِذا تطيرت فامضه ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار: ﴿لَا ينجو من الطَّيرَة أحد، ويذهبها التَّوَكُّل على الله ".
وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة، يَتَطَيَّرُونَ، وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا خرج لحَاجَة فطار طَائِر، أَو لَقِي شَيْئا، أَو سمع كلَاما يتطير بِذَاكَ، إِمَّا فِي الِامْتِنَاع من ذَلِك الْفِعْل، أَو فِي الدُّخُول فِي ذَلِك الْفِعْل، وَقد قَالَ بعض الشُّعَرَاء شعرًا:

صفحة رقم 104

﴿قَالَ طائركم عِنْد الله بل أَنْتُم قوم تفتنون (٤٧) وَكَانَ فِي الْمَدِينَة تِسْعَة رَهْط يفسدون فِي الأَرْض وَلَا يصلحون (٤٨) قَالُوا تقاسموا بِاللَّه لنبيتنه وَأَهله ثمَّ لنقولن لوَلِيِّه مَا شَهِدنَا مهلك أَهله وَإِنَّا لصادقون (٤٩) ﴾
وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد فِي النُّجُوم:

(لعمرك مَا تدرى الطوارق بالحصى وَلَا زاجرات الطير مَا الله صانع﴾
(أبلغوا عني المنجم أَنِّي كَافِر بِالَّذِي قضته الْكَوَاكِب)
(عَالم أَن مَا يكون وَمَا كَانَ حتم من الْمُهَيْمِن وَاجِب)
وَقَوله: ﴿قَالَ طائركم عِنْد الله﴾ أَي: مَا يُصِيبكُم من الْخَيْر وَالشَّر من الله، وَيُسمى ذَلِك طائرا؛ لسرعة نُزُوله بالإنسان، فَإِنَّهُ لَا شَيْء أسْرع نزولا من قَضَاء محتوم، وَقيل: ﴿طائركم عِنْد الله﴾ أَي: عَمَلكُمْ عِنْد الله، وَسمي ذَلِك طائرا، لسرعة صُعُوده إِلَى السَّمَاء.
وَقَوله: ﴿بل أَنْتُم قوم تفتنون﴾ أَي: تبتلون وتختبرون، وَقيل: تعذبون.

صفحة رقم 105
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية