
هذه الآية التي كنتم وعدتم بها على لسان موسى، لأنهم قد وعدوا في التوراة والإنجيل بإنزال القرآن.
قال تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ﴾ أي: لعلك قاتل نفسك يا محمد لأجل تأخرهم عن الإيمان بك.
قال تعالى: ﴿إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السمآء آيَةً﴾، أي: إن نشأ يا محمد ننزل عليهم لأجل تكذيبهم لك من السماء آية.
﴿فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ﴾، أي: فظل القوم ختضعة أعناقهم لها. قال قتادة: معناه لو شاء الله لأنزل آية يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله.
قال ابن جريج: معناه لو شاء لأراهم أمراً من أمره، لا يعمل أحد بعده بمعصية.

وقيل: المعنى: لو نشاء لأنزلنا عليهم عليهم آية تلجئهم إلى الإيمان من غير أن يستحقوا على ذلك ثوابه ولا مدحاً، لأنهم اضطروا إلى ذلك، ولم يفعله الله بهم ليؤمنوا طوعاً. فيستحقوا على ذلك الثواب، إذ لو آمنوا كرهاً بآية لم يستحقوا على ذلك الثواب.
وقال مجاهد: أ'ناقهم: كبراؤهم.
وقال أبو زيد والأخفش: أعناقهم: جماعاتهم، يقال: جاءني عنق من الناس، أي: جماعة، ويقال: جاء في عنق من الناس أي: كبراؤهم. وهذا قول مجاهد.
وقال عيسى بن عمر: خاضعين، وخاضعة هنا واحد وهو اختيار المبرد. فمن قال: خاضعين رده على المضاف إليه. ومن قال: خاضعة رده على الأعناق لأنهم إذا ذلوا ذلت رقابهم، وإذا ذلت رقابهم ذلوا. ثم قال تعالى ذكره ﴿وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرحمن مُحْدَثٍ﴾، أي: ما يأتي هؤلاء المشركين من تذكير يحدثه الله