
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين﴾ وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: أَن جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ: " كنت وَاقِفًا عِنْد رَبِّي حِين قَالَ فِرْعَوْن هَذَا، فنشرت جناحي وتهيأت لعذابه إِذا أَمرنِي الرب، فَقَالَ: يَا جِبْرِيل، إِنَّمَا يعجل من يخَاف الْفَوْت ". وَالْخَبَر غَرِيب.
وَاعْلَم أَن سُؤال المائية - وَلَا يجوز على الله - وَإِنَّمَا هَذَا من أَوْصَاف المخلوقين؛ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن مُوسَى لم يجب سُؤال المائية، فَلم يقل: رَبِّي لَونه كَذَا، وَهُوَ

﴿قَالَ فِرْعَوْن وَمَا رب الْعَالمين (٢٣) قَالَ رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم موقنين (٢٤) قَالَ لمن حوله أَلا تَسْمَعُونَ (٢٥) قَالَ ربكُم وَرب آبائكم الْأَوَّلين (٢٦) قَالَ إِن رَسُولكُم الَّذِي أرسل إِلَيْكُم لمَجْنُون (٢٧) قَالَ رب الْمشرق من كَذَا، وريحه كَذَا، وَلَكِن أجَاب بِذكر أَفعاله الدَّالَّة عَلَيْهِ، فَقَالَ: {رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم موقنين﴾.
وَاعْلَم أَن سُؤال المائية سُؤال عَن جنس الشَّيْء، وَالله تَعَالَى منزه عَن الجنسية، وَيُقَال: إِن جَوَاب مُوسَى عَن معنى السُّؤَال، لَا عَن عين السُّؤَال؛ كَانَ معنى السُّؤَال: وَمن رب الْعَالمين؟ قَالَ: رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا بَينهمَا إِن كُنْتُم موقنين.
وَمعنى قَوْله: ﴿إِن كُنْتُم موقنين﴾ هَاهُنَا أَنكُمْ كَمَا توقنون الْأَشْيَاء الَّتِي [تعاينونها]، فَأَيْقنُوا أَن إِلَه الْخلق هُوَ الله تَعَالَى.