يا صفية عمة رسول الله، إنى لا أملك لكم من الله شيئا، سلوني من مالى ما شئتم «١» ». وروى أنه جمع بنى عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا: الرجل منهم يأكل الجذعة، ويشرب العس «٢» على رجل شاة وقعب من لبن، فأكلوا وشربوا حتى صدروا، ثم أنذرهم فقال:
«يا بنى عبد المطلب، لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدّقى؟ قالوا: نعم. قال:
فإنى نذير لكم بين يدي عذاب شديد»، وروى أنه قال «يا بنى عبد المطلب، يا بنى هاشم، يا بنى عبد مناف، افتدوا أنفسكم من النار فإنى لا أغنى عنكم شيئا» ثم قال: «يا عائشة بنت أبى بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا فاطمة بنت محمد، ويا صفية عمة محمد، اشترين أنفسكنّ من النار فإنى لا أغنى عنكنّ شيئا «٣» ».
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ٢١٥ الى ٢١٦]
وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢١٥) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢١٦)
الطائر إذا أراد أن ينحط للوقوع كسر جناحه وخفضه، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه، فجعل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا في التواضع ولين الجانب. ومنه قول بعضهم:
(٢). قوله «ويشرب العس» هو القدح العظيم، كما في الصحاح. (ع)
(٣). أما أوله فأخرجه ابن إسحاق في المغازي والبيهقي في الدلائل من طريقه من رواية ابن عباس مطولا.
وأخرجه البزار وأبو نعيم في الدلائل من طريق عباد بن عبد الله الأسدى عن على قال «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: اصنع لي رجل شاة على صاع من طعام. وأعد قعبا من لبن.
ففعلت. ثم قال لي: اجمع لي بنى عبد المطلب فجمعتهم وهم يومئذ أربعون رجلا. فوضعت الطعام بينهم، فأكلوا حتى شبعوا وإن فيهم لمن يأكل الجذعة ويشرب العس، ثم جئت بالعس فشربوا حتى رووا» وأما بقيته فمتفق عليه من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال «لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ خرج رسول الله ﷺ حتى صعد الصفا، فنادى: يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال: يا بنى عبد مناف، يا بنى عبد المطلب، أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم تصدقونني؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: فانى نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك؟ ألهذا جمعتنا فنزلت هذه السورة تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ».