
تمت سورة الفرقان فى سادس شهر رمضان المبارك يوم السبت من سنة ثمان ومائة والف
تفسير سورة الشعراء
مكية وهى اثنتان او سبع وعشرون آية بسم الله الرحمن الرحيم
طسم الحروف المقطعة فى أوائل السور يجمعها قولك (سرّ حصين قطع كلامه) واولى ما قال اهل التفسير فى حق هذه الحروف الله اعلم بمراده لانها من الاسرار الغامضة كما قال ابو بكر الصديق رضى الله عنه «ان لكل كتاب سرا وسر القرآن فى المقطعات» كما فى رياض الاذكار والمعاني المتعلقة بالاسرار والحقائق لا يعلمها الا الله ومن اطلعه الله عليها من الراسخين فى العلم وهم العلماء بالله فلا معنى للبحث عن مرتبة ليس للسان حظ منها ولا للقلم نصيب واما اللوازم التي تشير الى الحقائق فلبيانها مساغ فانها دون الحقائق وفى مرتبة الفهم والى الاول يشير قول ابن عباس رضى الله عنهما فى (طسم) عجزت العلماء عن تفسيرها كما فى فتح الرحمن والى الثاني يشير ما فى كشف الاسرار حيث قال بالفارسية [روايت كنند از على رضى الله عنه كه كفته آنكه كه (طسم) از آسمان فرود آمد رسول خدا عليه السلام كفت «طاء» طور سيناست و «سين» سكندريه و «ميم» مكه معنى آنست والله اعلم كه رب العزة سوكند ياد كرد باين بقاع شريف چنانكه] لا اقسم بهذا البلد. اما جبل طور سينا الذي بين الشام ومدين فهو محل مناجاة موسى عليه السلام وكلامه مع الله تعالى ومقام التجلي كما قال (فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ) وهذا الجبل إذا كسرت حجارته يخرج من وسطها صورة شجر العوسج على الدوام وتعظيم اليهود لشجرة العوسج لهذا المعنى ويقال لشجرة العوسج شجرة اليهود. واما الاسكندرية فهى آخر مدن المغرب ليس فى معمور الأرض مثلها ولا فى أقاصي الدنيا كشكلها وعدت مساجدها فكانت عشرين الف مسجد نقل ان المدينة كانت سبع قصبات متوالية وانما أكلها البحر ولم يبق منها الا قصبة واحدة وهى المدينة الآن وصار منار المرآة الاسكندرية فى البحر لغلبة الماء على قصبة المنار وقصة المرآة أنه كان فى أعلا المنار الذي ارتفاعه ثلاثمائة ذراع الى القبة مرآة غريبة قد عملها الحكماء للاسكندر يرى فيها المراكب من مسيرة شهر وكان بالمرآة اعمال وحركات تحرق المراكب فى البحر إذا كان فيها عدو بقوة شعاعها فارسل صاحب الروم يخدع صاحب مصر ويقول ان الإسكندر قد كنز على المنار كنزا عظيما من الجواهر النفيسة فان صدقت فبادر الى إخراجها وان شككت فانا أرسل لك مركبا مملوأ من ذهب وفضة وأقمشة لطيفة ومكننى من استخراجها ولك ايضا من الكنز ما تشاء فانخدع لذلك وظنه حقا فهدم القبة فلم يجد شيأ وفسد طلسم المرآة. واما مكة المشرفة المكرمة فهى مدينة قديمة غنية عن البيان وفيها كعبة الإسلام وقبلة المؤمنين والحج إليها أحد اركان الدين ويقال الطاء طوله اى قدرته. والسين سناؤه اى رفعته. والميم ملكه ومجده فاقسم الله بهذه ويقال يشير الى طاء طيران الطائرين بالله والى. سين السائرين الى الله. والى ميم مشى الماشين لله فالاول مرتبة اهل النهاية والثاني مرتبة اهل التوسط والثالث مرتبة اهل البداية ولكل

سالك خطوة ولكل طائر جناح ويقال الطاء اشارة الى طهارة اسرار اهل التوحيد. والسين اشارة الى سلامة قلوبهم عن مساكنة كل مخلوق. والميم اشارة الى منة الخالق عليهم بذلك وقال سيد الطائفة الجنيد قدس سره الطاء طرب التائبين فى ميدان الرحمن. والسين سرور العارفين فى ميدان الوصلة. والميم مقام المحبين فى ميدان القربة وقال نجم الدين قدس سره يشير الى طاء طهارة قلب نبيه عن تعلقات الكونين. والى سين سيادته على الأنبياء والمرسلين. والى ميم مشاهدة جمال رب العالمين وقال الامام جعفر الصادق رضى الله عنه اقسم الله بشجرة طوبى وسدرة المنتهى ومحمد المصطفى بالقرآن بقوله (طسم) فالطاء شجرة طوبى والسين سدرة المنتهى والميم محمد المصطفى عليه الصلاة والسلام. اما سر اصطفاء طوبى فان الله تعالى خلق جنة عدن بيده من غير واسطة وجعلها له كالقلعة للملك وجعل فيها الكثيب مقام تجلى الحق سبحانه وفيه مقام الوسيلة لخير البرية وغرس شجرة طوبى بيده فى جنة عدن وأطالها حتى علت فروعها سور جنة عدن ونزلت مظلة على سائر الجنان كلها وليس فى أكمامها ثمر الا الحلىّ والحلل لباس اهل الجنة وزينتهم ولها اختصاص فضل لكونها خلقها الله بيده ولذلك كانت اجمع الحقائق الجنانية نعمة وأعمها بركة فانها لجميع أشجار الجنة
كآدم عليه السلام لما ظهر من البنين وما فى الجنة نهر الا وهو يجرى من اصل تلك الشجرة وهى محمدية المقام. واما سر اجتباء سدرة المنتهى فهى شجرة بين الكرسي والسماء السابعة لافنانها حنين بانواع التسبيحات والتحميدات والترجيعات عجيبة الالحان تطرب بها الأرواح والقلوب وتزيد فى الأحوال وهى الحد البرزخى بين الدارين سماها المنتهى لان الأرواح إليها تنتهى وتصعد اعمال اهل الأرض من السعداء وإليها تنزل الاحكام الشرعية وأم فيها رسول الله ﷺ ملائكة السموات فى الوتر فكان امام الأنبياء فى بيت المقدس وامام الملائكة عند سدرة المنتهى فظهر بذلك فضله على اهل الأرض والسماء كما فى تفسير التيسير وهى مقام جبريل يسكن فى ذروتها كما ان مقر العقل وسط الدماغ وذلك لان جبريل سدرة العقل ومقامه اشارة الى مقام العقل وهو الدماغ ولذلك من رأى جبريل فانما رأى صورة عقله لان جبريل لا يرى من مقام تعينه لغير الأنبياء عليهم السلام. واخر الميم المشار به الى محمد المصطفى ﷺ لسر الختمية وكما ان ختم الأنبياء بسيد المرسلين كذلك ختم حروف الهجاء بالياء المشتمل عليها لفظ الميم فقد جمع الله فى القسم بقوله (طسم) ثلاث حقائق وهى اصول الحقائق كلها. الاولى حقيقة جنانية نعمية جامعة وهى شجرة طوبى ولذا أودعها الله فى المقام المحمدي لكونها جامعة للنعم الجنانية ومقسما لها كما ان النبي عليه السلام مقسم العلوم والمعارف وانواع الكمالات. والثانية حقيقة برزخية جامعة لحقائق الدارين وهى شجرة سدرة المنتهى فاغصانها نعيم لاهل الجنة وأصولها زقوم لاهل النار لانها فى مقعر فلك البروج وهو الفلك الأعظم ويسمى فلك الافلاك لانه يجمع الافلاك وايضا الفلك الأطلس لانه غير مكوكب كالثوب الأطلس الخالي عن النقش ومقعر سطحيه اى الفلك الأعظم يماس محدب الفلك الثوابت ومحدبه لا يماس شيأ إذ ليس وراءه شىء لا خلاء ولا ملاء بل عنده

ينقطع امتدادات العالم كلها وقيل فى ورائه أفلاك من أنوار غير متناهية ولا قائل بالخلاء فيما تحت الفلك الأعظم بل هو الملأ كذا فى كتب الهيئة وعند الصوفية المقام الذي يقال له لا خلاء ولا ملاء فوق عالم الأرواح لا فوق العرش قال فى شرح التقويم ولما كان المذكور فى الكتب الالهية السموات السبع زعم قوم من حكماء الملة ان الثامن هو الكرسي والتاسع هو العرش وهذا يناسب قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) والثالثة حقيقة الحقائق الكلية وهى الحقيقة المحمدية لقد اقسم الله فى (طسم) بأجمع الحقائق كلها لفضلها على جميع الحقائق لان الحقيقة المحمدية حقيقة الحقائق وروحها دنيا وبرزخا وآخرة ولهذا ختم به الحقائق
هر دو عالم بسته فتراك او | عرش وكرسى كرده قبله خاك او |
پيشواى اين جهان وآن جهان | مقتداى آشكارا ونهان |

دروغ ناكفتن وترك همز ولمز وغمز يعنى در پيش و پس بد ناكفتن وبچشم نازدن وغمازى ناكردن وبجماعات حاضر شدن وسلام را خاص كردن وبيكديكر هديه فرستادن وحسن خلق وحسن عهدى وسر نكاه داشتن ونكاح دادن وبنكاح كرفتن وحب اهل بيت وحب زنان وبوى خوش دوست داشتن وحب أنصار وتعظيم شعائر وترك عيش وبر مؤمن سلاح نداشتن وتجهيز مرده كردن وبر جنازه نماز كزاردن وبيمار پرسيدن وآنچهـ در راه مسلمانان زحمت باشد دور كردن وهر چهـ براى نفس خود دوست ميدارى براى هر يك از مؤمنان دوست داشتن وحق تعالى ورسول او را از همه دوستر داشتن وبكفر با زنا كشتن وبملائكة وكتب ورسل وهر چهـ ايشان از حق آورده اند ايمان داشتن] وغير ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة وهى كثيرة جدا وفى الحديث (الايمان بضع وسبعون شعبة أفضلها قول لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان) انتهى وهى خصال اهل الايمان ولم يرد تعديدها بأعيانها فى حديث واحد واهل العلم عدوا ذلك على وجوه وأقصى ما يتناوله لفظ هذا الحديث تسعة وسبعون قال الامام النسفي فى تفسير التيسير وانا أعدها على ترتيب اختاره وعلى الاجتهاد فاقول بدأ فيه بالتهليل والذي يليه التكبير والتسبيح والتحميد والتمجيد والتجريد والتفريد والتوبة والانابة والنظافة والطهارة والصلاة والزكاة والصيام والقيام والاعتكاف والحج والعمرة والقربان والصدقة والغزو والعتق وقراءة القرآن وملازمة الإحسان ومجانبة العصيان وترك الطغيان وهجر العدوان وتقوى الجنان وحفظ اللسان والثناء والدعاء والخوف والرجاء والحياء والصدق والصفاء والنصح والوفاء والندم والبكاء والإخلاص والذكاء والحلم والسخاء والشكر فى العطية والصبر فى البلية والرضى بالقضية والاستعداد للمنية واتباع السنة وموافقة الصحابة وتعظيم اهل الشيبة والعطف على صغار البرية والاقتداء بعلماء الامة والشفقة على العامة واحترام الخاصة وتعظيم اهل السنة وأداء الامانة واظهار الصيانة والإطعام والانعام وبر الأيتام وصلة الأرحام وافشاء السلام وصدق الاستسلام وتحقيق الاستعصام والزهد فى الدنيا والرغبة فى العقبى والموافقة للمولى ومخالفة الهوى والحذر من لظى وطلب جنة المأوى وبث الكرم وحفظ الحرم والإحسان الى الخدم وطلب التوفيق وحفظ التحقيق ومراعاة الجار والرفيق وحسن الملكة فى الرقيق وأدناها اماطة الأذى عن الطريق فمن استكمل الوفاء بشعب الايمان نال بوعد الله كمال الامان وهو الذي قال الله تعالى فيه (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ تلك مبتدأ خبره ما بعده اى هذه السورة آيات القرآن الظاهر اعجازه وصحة انه كلام الله ولو لم يكن كذلك لقدروا على الإتيان بمثله ولما عجزوا عن المعارضة فهو من ابان بمعنى بان او ظهر او المبين للاحكام الشرعية وما يتعلق بها وفى التأويلات النجمية يشير الى ان هذه الحروف المقطعة هاهنا وفى أوائل السور ليست من قبيل الحروف المخلوقة بل من قبيل آيات الكتاب المبين القديمة إذ كل حرف منها دال على معان كثيرة كالآيات لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ لعل للاشفاق اى الخوف والله تعالى
صفحة رقم 261