آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓ ﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟ

هَضِيمٌ، وَقِيلَ الْهَضِيمُ اللَّيِّنُ النَّضِيجُ كَأَنَّهُ قَالَ: وَنَخْلٌ قَدْ أَرْطَبَ ثَمَرُهُ وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ قَرَأَ الْحَسَنُ وتنحتون بفتح الحاء، وقرئ فرهين وفارِهِينَ وَالْفَرَاهَةُ الْكَيْسُ وَالنَّشَاطُ، فَقَوْلُهُ: فارِهِينَ حَالٌ مِنَ النَّاحِيَتَيْنِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ هَذِهِ الْآيَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ عَلَى قَوْمِ هُودٍ هُوَ اللَّذَّاتُ الْحَالِيَّةُ، وَهِيَ طَلَبُ الِاسْتِعْلَاءِ وَالْبَقَاءِ وَالتَّفَرُّدِ وَالتَّجَبُّرِ، وَالْغَالِبُ عَلَى قَوْمِ صَالِحٍ هُوَ اللَّذَّاتُ الْحِسِّيَّةُ، وَهِيَ طَلَبُ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْمَسَاكِنِ الطَّيِّبَةِ الْحَصِينَةِ وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الِاكْتِفَاءُ مِنَ الدُّنْيَا بِقَدْرِ الْكَفَافِ، وَلَا يَجُوزُ التَّوَسُّعُ فِي طَلَبِهَا وَالِاسْتِكْثَارُ مِنْ لَذَّاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا، فَإِنْ قِيلَ مَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ:
وَلا يُصْلِحُونَ جَوَابُهُ: فَائِدَتُهُ بَيَانُ أَنَّ فَسَادَهُمْ فَسَادٌ خَالِصٌ لَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّلَاحِ، كَمَا يَكُونُ حَالُ بَعْضِ الْمُفْسِدِينَ مَخْلُوطَةً بِبَعْضِ الصَّلَاحِ، ثُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ أَجَابُوهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُمْ: إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ وَفِيهِ وُجُوهٌ: أَحَدُهَا: الْمُسَحَّرُ هُوَ الَّذِي سُحِرَ كَثِيرًا حَتَّى غَلَبَ عَلَى عَقْلِهِ وَثَانِيهَا: مِنَ الْمُسَحَّرِينَ أَيْ مَنْ لَهُ/ سِحْرٌ، وَكُلُّ دَابَّةٍ تَأْكُلُ فَهِيَ مُسَحَّرَةٌ، وَالسِّحْرُ أَعْلَى الْبَطْنِ، وَعَنِ الْفَرَّاءِ الْمُسَحَّرُ مَنْ لَهُ جَوْفٌ، أَرَادَ أَنَّكَ تَأْكُلُ الطَّعَامَ وَتَشْرَبُ الشَّرَابَ وَثَالِثُهَا: عَنِ الْمُؤَرِّجِ الْمُسَحَّرُ هُوَ الْمَخْلُوقُ بِلُغَةِ بَجِيلَةَ وَثَانِيهِمَا:
قَوْلُهُمْ: مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّكَ بَشَرٌ مِثْلُنَا فَكَيْفَ تَكُونُ نَبِيًّا؟ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا كَانُوا يَذْكُرُونَ فِي الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا صَادِقِينَ، لَكَانُوا مِنْ جِنْسِ الْمَلَائِكَةِ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إِنَّكَ بَشَرٌ مِثْلُنَا، فَلَا بُدَّ لَنَا فِي إِثْبَاتِ نُبُوَّتِكَ مِنَ الدَّلِيلِ، فَقَالَ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَقُرِئَ بِالضَّمِّ،
رُوِيَ أَنَّهُمْ قَالُوا: نُرِيدُ نَاقَةً عُشَرَاءَ تَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الصَّخْرَةِ فَتَلِدُ سَقْبًا، فَقَعَدَ صَالِحٌ يَتَفَكَّرُ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَلْ رَبَّكَ النَّاقَةَ، فَفَعَلَ فَخَرَجَتِ النَّاقَةُ وَبَرَكَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَحَصَلَ لَهَا سَقْبٌ مِثْلُهَا فِي الْعِظَمِ،
وَوَصَّاهُمْ صَالِحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قَالَ قَتَادَةُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ شِرْبِهَا شَرِبَتْ مَاءَهُمْ كُلَّهُ، وَشِرْبُهُمْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لَا تَشْرَبُ هِيَ وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ أَيْ بِضَرْبٍ أَوْ عَقْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ عَظَّمَ الْيَوْمَ لِحُلُولِ الْعَذَابِ فِيهِ، وَوَصْفُ الْيَوْمِ بِهِ أَبْلَغُ مِنْ وَصْفِ الْعَذَابِ، لِأَنَّ الْوَقْتَ إِذَا عُظِّمَ بِسَبَبِهِ كَانَ مَوْقِعُهُ مِنَ الْعِظَمِ أَشَدَّ، ثُمَّ إِنَّ اللَّه تَعَالَى حَكَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَقَرُوهَا. روي أن (مصدعا) «١» ألجأها إلى مضيق [في شعب] «٢» فرماها بسهم [فأصحاب رجلها] «٣» فَسَقَطَتْ، ثُمَّ ضَرَبَهَا قُدَارٌ، فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَقَدْ نَدِمُوا جَوَابُهُ: مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَدَمُهُمْ نَدَمَ التَّائِبِينَ، لَكِنْ نَدَمَ الْخَائِفِينَ مِنَ الْعَذَابِ الْعَاجِلِ الثَّانِي: أَنَّ النَّدَمَ وَإِنْ كَانَ نَدَمَ التَّائِبِينَ، وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ وَقْتِ التَّوْبَةِ، بَلْ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْعَذَابِ، وَقَالَ تَعَالَى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ [النِّسَاءِ: ١٨] الْآيَةَ. وَاللَّامُ فِي العذاب إشارة إلى عذاب يوم عظيم.
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٦٠ الى ١٧٥]
كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (١٦٠) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٦١) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٦٢) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٦٣) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٤)
أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ (١٦٦) قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (١٦٧) قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ (١٦٨) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩)
فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٧٠) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٧١) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٧٢) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (١٧٣) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٤)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٧٥)
القصة السادسة- قصة لوط عليه السلام

(١) في الكشاف (مسطعا) ٣/ ١٢٣ ط. دار الفكر. [.....]
(٢) زيادة من الكشاف.
(٣) زيادة من الكشاف.

صفحة رقم 525

أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ فَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إِلَى الْآتِي: أَيْ أَنْتُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِينَ صِرْتُمْ مَخْصُوصِينَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَهِيَ إِتْيَانُ الذُّكْرَانِ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إِلَى الْمَأْتِيِّ، أَيْ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ لَا الْإِنَاثَ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: مِنْ أَزْواجِكُمْ فَيَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ تَبْيِينًا لِمَا خَلَقَ وَأَنْ يَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ، وَيُرَادُ بِمَا خَلَقَ الْعُضْوُ الْمُبَاحُ مِنْهُنَّ، وَكَأَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ مِثْلَ ذَلِكَ بِنِسَائِهِمْ، وَالْعَادِي هُوَ الْمُتَعَدِّي فِي ظُلْمِهِ، وَمَعْنَاهُ أَتَرْتَكِبُونَ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ عَلَى عِظَمِهَا بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ فِي جَمِيعِ الْمَعَاصِي فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ ذَاكَ، أَوْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ أَحِقَّاءُ بِأَنْ تُوصَفُوا بِالْعُدْوَانِ حَيْثُ ارْتَكَبْتُمْ مِثْلَ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ، فَقَالُوا له عليه السلام: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ أَيْ لَتَكُونَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ أَخْرَجْنَاهُ مِنْ بَلَدِنَا، وَلَعَلَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَ مَنْ أَخْرَجُوهُ عَلَى أَسْوَأِ الْأَحْوَالِ، فَقَالَ لَهُمْ لُوطٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ الْقِلَى الْبُغْضُ الشَّدِيدُ، كَأَنَّهُ بُغْضٌ يَقْلِي الْفُؤَادَ وَالْكَبِدَ، وَقَوْلُهُ: مِنَ الْقالِينَ أَبْلَغُ مِنْ أَنْ يَقُولَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ قَالٍ، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ قَوْلِكَ فُلَانٌ عَالِمٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ مِنَ الْكَامِلِينَ فِي قِلَاكُمْ، ثم قال تَعَالَى: فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ وَالْمُرَادُ: فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنْ عُقُوبَةِ عَمَلِهِمْ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ فَإِنْ قِيلَ: فِي الْغابِرِينَ صِفَةٌ لَهَا كَأَنَّهُ قِيلَ إِلَّا عَجُوزًا غَابِرَةً، وَلَمْ يَكُنِ الْغُبُورُ صِفَتَهَا وَقْتَ تَنْجِيَتِهِمْ جَوَابُهُ: مَعْنَاهُ إِلَّا عَجُوزًا مُقَدَّرًا غُبُورُهَا، قِيلَ إِنَّهَا هَلَكَتْ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْقَرْيَةِ

صفحة رقم 526
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية