وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ [ونه دوستى مهربان وبا شفقت] كما يرى لهم أصدقاء والصديق من صدقك فى مودته وحميم قريب خاص وحامة الرجل خاصته كما فى فتح الرحمن قال الراغب هو القريب المشفق فكأنه الذي يحتد حماية لذويه وقيل لخاصة الرجل حامته قيل الحامة العامة وذلك لما قلنا واحتم فلان لفلان اى احتد وذلك ابلغ من اهتم لما فيه من معنى الاهتمام وقال الكاشفى [در قوت القلوب آورده كه حميم در اصل هميم بوده كه ها را بحا بدل كرده اند جهت قرب مخرج وهميم مأخوذ است از اهتمام لما فيه من معنى الاهتمام اهتمام كند در مهم كافران وشرط دوستى بجاى آرد] وجمع الشافع لكثرة الشفعاء عادة ألا ترى ان السلطان إذا غضب على أحد ربما شفع فيه جماعة كما ان افراد الصديق لقلته ولو قيل بعدمه لم يبعد قال الصائب
درين قحط هوادارى عجب دارم كه خاكستر
كه در هنكام مردن چشم مى پوشاند آتش را
- روى- فى بعض الاخبار انه يجيى يوم القيامة عبد يحاسب فتستوى حسناته وسيآته ويحتاج الى حسنة واحدة ترضى عنه خصومه فيقول الله عبدى بقيت لك حسنة ان كانت ادخلتك الجنة انظر واطلب من الناس لعل واحدا يهب منك حسنة واحدة فيأتى ويدخل فى الصفين ويطلب من أبيه وامه ثم من أصحابه فيقول لكل واحد فى باب فلا يجيبه أحد وكل يقول انا اليوم فقير الى حسنة واحدة فيرجع الى مكانه فيسأله الحق سبحانه ويقول ماذا جئت به فيقول يا رب لم يعطنى أحد حسنة من حسناته فيقول الله عبدى ألم يكن لك صديق فىّ فيذكر العبد صديقا له فيأتيه ويسأله فيعطيه ويجيىء الى موضعه ويخبر بذلك ربه فيقول الله قد قبلتها منه ولم انقص من حقه شيأ فقد غفرت لك وله. ففى هذا المعنى اشارة الى ان للصداقة فى الله اعتبارا عظيما وفوائد كثيرة وفى الحديث (ان الرجل ليقول فى الجنة ما فعل بصديقى فلان وصديقه فى الجحيم فيقول الله اخرجوا له صديقه الى الجنة) يعنى وهبته له قال الحسن استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فان لهم شفاعة يوم القيامة وقال الحسن ما اجتمع ملأ على ذكر الله فيهم عبد من اهل الجنة إلا شفعه فيهم وان اهل الايمان شفعاء بعضهم لبعض وهم عند الله شافعون مشفعون وفى الحديث (ان الناس يمرون يوم القيامة على الصراط والصراط وخص مزلة يتكفأ باهله والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم) اى تمطر عليهم مثل الثلج إذا وقع لها زفير وشهيق (فبيناهم كذلك إذ جاءهم نداء من الرحمن عبادى من كنتم تعبدون فيقولون ربنا أنت تعلم انا إياك كنا نعبد فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط عبادى حق علىّ ان لا أكلكم اليوم الى أحد غيرى فقد غفرت لكم ورضيت عنكم فيقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينجون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم فى النار فما لنا من شافعين ولا صديق حميم) فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً لو للتمنى وأقيم فيه لو مقام ليت لتلاقيها فى معنى التقدير اى تقدير المعدوم وفرضه كأنه قيل فليت لنا كرة اى رجعة الى الدنيا فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصب جواب التمني وهذا كلام التأسف والتحسر ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه فان من يضلل الله فما له من هاد ولو رجع الى الدنيا مرارا ألا ترى الى الأمم فى الدنيا فان الله تعالى
صفحة رقم 290
أخذهم بالبأساء والضراء كرارا ثم كشفه عنهم فلم يزيدوا الا اصرارا جعلنا الله وإياكم من المستمعين المعتبرين لا من المعرضين الغافلين إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من قصة ابراهيم مع قومه لَآيَةً لعبرة لمن يعبد غير الله تعالى ليعلم انه يتبرأ منه فى الآخرة ولا ينفعه أحد ولا سيما لاهل مكة الذين يدعون انهم على ملة ابراهيم وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ اكثر قوم ابراهيم مُؤْمِنِينَ كحال اكثر قريش. وقد روى انه ما آمن لابراهيم من اهل بابل الا لوط وابنة نمرود وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ [اوست غلبه كننده بر مشركان كه سطوت او مردود نكردد] الرَّحِيمُ [وبخشاينده كه توبه بندگان رد نكند وبى احتجاج بديشان عذاب نفرستد] ويمهل كما أمهل قريشا بحكم رحمة الواسعة لكى يؤمنوا هم او واحد من ذريتهم ولكنه لا يهمل فانه لا بد لكل عامل من المكافأة على عمله ان خيرا فخير وان شرا فشر هذا وقد جوز ان يعود ضمير أكثرهم الى قوم نبينا عليه السلام الذين يتلى عليهم الآية ليعتبروا ويؤمنوا وقد بين فى المجلس السابق فارجع وفى البحر النفس جبلت على الامارية بالسوء وهو الكفر ولئن آمنت وصارت مأمورة فهو خرق عادتها يدل على هذا قوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي) يعنى برحمة الحق تعالى تصير مأمورة مؤمنة على خلاف طبعها ولهذا قال (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى اصحاب النفوس (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ) ما هدى اكثر الخلق الى الايمان فضلا عن الحضرة (الرَّحِيمُ) فلرحمته هدى الذين جاهدوا فيه الى سبيل الرشاد بل هدى الطالبين الصادقين الى حضرة جلاله انتهى. فالهداية وان كانت من العناية لكن لا بد من التمسك بالأسباب الى ان تفتح الأبواب وملامة النفس عند مخالفتها الأوامر والآداب مما ينفع فى هذا اليوم دون يوم القيامة ألا ترى ان الكفار لاموا أنفسهم على ترك الايمان وتمنوا ان لو كان لهم رجوع الى الدنيا لقبلوا الايمان والتكليف فما نفعهم ذلك
امروز قدر پند عزيزان شناختيم
يا رب روان ناصح ما از تو شاد باد
عصمنا الله وإياكم من سطوته وغشينا برحمته وجعلنا من اهل القبور فى الدنيا والآخرة انه الموفق لخير الأمور الباطنة والظاهرة كَذَّبَتْ تكذيبا مستمرا من حين الدعوة الى انتهائها قَوْمُ نُوحٍ القوم الجماعة من الرجال والنساء معا او الرجال خاصة وتدخل النساء على التبعية ويؤنث بدليل مجيىء تصغيره على قويمة الْمُرْسَلِينَ اى نوحا وحده والجمع باعتبار ان من كذب رسولا واحدا فقد كذب الجميع لاجتماع الكل على التوحيد واصول الشرائع او لان كل رسول يأمر بتصديق جميع الرسل إِذْ قالَ لَهُمْ ظرف للتكذيب على انه عبارة عن زمان مديد وقع فيه ما وقع من الجانبين الى تمام الأمر أَخُوهُمْ فى النسب لئلا يجهل امره فى الصدق والديانة ولتعرف لغته فيؤدى ذلك الى القبول نُوحٌ عطف بيان لاخوهم أَلا تَتَّقُونَ الله حيث تعبدون غيره: وبالفارسية [آيا نمى ترسيد از خداى تعالى كه ترك عبادت او ميكنيد] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ من جهته تعالى أَمِينٌ مشهور بالامانة فيما بينكم ومن كان أمينا على امور الدنيا كان أمينا على الوحى والرسالة
صفحة رقم 291