آيات من القرآن الكريم

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا
ﭑﭒﭓﭔﭕ

أطاعه؛ كقوله: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)؛ وكقوله: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ)، ونحو ذلك مما يراد به: أولياؤه لا نفسه.
وقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٥٦) مبشرًا لمن أطاعه، ونذيرًا لمن عصاه.
والبشارة: هي الإعلام لما يلحق من السرور والفرح في العاقبة بالأعمال الصالحة.
والنذارة: هي الإعلام لما يلحق من المكروه والمحذور في العاقبة بالأعمال السيئة القبيحة.
وقوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٥٧) أي: ما أسألكم على الدِّين الذي أدعوكم إليه من أجر؛ كقوله: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ)، أي: لا أسألكم أجرًا على ذلك حتى يمنعكم ثقل الغرم عن إجابتي؛ فعلى ذلك قوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) كان فيه إضمار، أي: لا أسالكم عليه أجرًا إلا من شاء، ولكن إنما أسألكم أن تتخذوا إلى ربه سبيلا.
أو أن يقول: قوله: (إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) أي: ولكن من أراد أن يتخذ إلى ربه سبيلا أطاعني وأجابني.
ويحتمل قوله: (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ) على تبليغ الرسالة إليكم، وما أدعوكم إليه (مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) فيبرني.
أو أن يكون قوله: (إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا) فيوادني؛ كقوله: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى).
وقوله: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (٥٨) أي: توكل على اللَّه، والتوكل: هو الاعتماد عليه بكل أمر.
وقوله: (وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) أي: نزه ربك وبرئه عن الآفات كلها والعيوب، بثناء تثني عليه وهو التسبيح بحمده.
وقال أهل التأويل: أي صل بأمر ربك، لكن التأويل ما ذكرنا.
وقوله: (وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا) أي: كفى به علما بذنوب عباده، أي: لا أحد أعلم بها منه.
وقوله: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا... (٥٩) قد ذكرنا هذا.
وقوله: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا): قال قائلون: قوله: (فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) لما يسأل عنه مُحَمَّد، وذلك أن بعض كفار مكة قالوا: يا مُحَمَّد، إن كنت تعلم الشعر فنحن لك، فقال النبي: " أفشعر هذا؟! إن هذا كلام الرحمن "، فقالوا: أجل لعمر اللَّه إنه لكلام الرحمن

صفحة رقم 36
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية