
المفسرون (١).
٥ - قوله: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ قال أبو إسحاق: ﴿أَسَاطِيرُ﴾ خبر ابتداء محذوف. المعنى: وقالوا: الذي جاء به أساطير الأولين، معناه: ما سطَّره الأولون (٢). قال المفسرون: يعني قول النضر: هذا القرآن أحاديث الأولين حديث رستم واسفنديار (٣).
﴿اكْتَتَبَهَا﴾ انتسخها محمد من: عداس، وجبر، ويسار. ومعنى ﴿اكْتَتَبَهَا﴾ هنا: أمر أن تكتب له، كما يقال: احتجم، وابتنى، إذا أمر بذلك. وقد يكون اكتتب بمعنى: كتب، وليس هاهنا بمعنى: كتب بنفسه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن كاتبًا، ولكنهم نسبوه إلى أنه أمر هؤلاء بأن ينسخوا له ويكتبوه له.
قوله تعالى: ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ فأبدلت اللام الأخيرة ياءً هربًا من التضعيف (٤).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٨، بتصرف.
(٣) "تفسير ابن جرير" ١٨/ ١٨٢، وقد ذكر خبر النضر مطولاً من طريق محمد بن إسحاق، وفيه مجهول. وانظر "تفسير الطوسي" ٧/ ٤٧٢، حيث ورد ذكر: اسفنديار، في خبر ذكره. و"تفسير الثعلبي" ٨/ ٩٦ ب، عن علي -رضي الله عنه- في شأن أهل الرس، وفيه: وكانت أعظم مداينهم اسفنديار، وهي التي ينزلها ملكهم، وكان يسمى: فركور بن عامور.
(٤) "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٥٨، بنصه. وفيه: وقد جاء القرآن باللغتين جميعاً، قال تعالى: ﴿فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥] وقال عز اسمه: قال =

كقولهم: تَظَنَّيْتُ (١)، و:
تَقَضِّيَ البازي....... (٢)
قال المفسرون، وأهل المعاني: فهي تقرأ عليه؛ ابن عباس، ومقاتل، وأبو عبيدة، وغيرهم (٣). والإملاء المعروف يستعمل مع الكتابة، يُملِي الرجلُ على من يكتب، وهاهنا استعمل لا مع الكتابة؛ لأن النبي لم يكن يكتب، والمعنى: يُملَى عليه ليحفظ كما يُملَى على الكاتب ليكتب، فلما كان الإملاء هاهنا مع الحفظ فُسر بالقراءة.
(١) التظنِّي: إعمال الظن، وأصله: التظنُّن، أُبدل من إحدى النونات ياء. "اللسان" ١٣/ ٢٥٧. و"القاموس" ١٥٦٦.
(٢) جزء شطر وتمامه: تَقَضِّيَ البازي إذا البازي كسر. وصدره: دانَى جناحيه من الطور فمرْ "ديوان العجاج" ٥٢، قال محققه: دانى جناحيه من الطور، وهو الجبل، ولكنه عني هاهنا: الشام، إنما هذا مثل، يقول: انقض ابن معمر انقضاضةً من الشام، والطور بالشام، يقول: انقض انقضاض البازي ضم جناحيه، فكأن مجيئه من سرعته انقضاضُ بازٍ إذا البازي كسر، وإذا كسر ضم جناحيه. وفي "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٧٥٩: تقضي: تفعُّل من الانقضاض، وأصله: تقضُّض، فأبدلت الضاد الآخرة ياءً.
والبازي: واحد البُزاة التي تصيد؛ ضرب من الصقور. "لسان العرب" ١٤/ ٧٢ (بزا)، و"القاموس" ١٦٣٠.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب التفسير معلقاً بصيغة الجزم. "فتح الباري" ٨/ ٤٩٠. ولم أجده بهذا اللفظ عند مقاتل، في تفسيره، والذي فيه ٤٣ أ: هؤلاء النفر الثلاثة يعلمون محمداً -صلى الله عليه وسلم- طرفي النهار بالغداة والعشي. و"مجاز القرآن"، لأبي عبيدة ٢/ ٧١، وفيه: "وهي من أمليته عليه، وهي في موضع آخر أمللت عليه". وذكره ابن جرير ١٨/ ١٨٣، ولم ينسبه لأحد.