آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا
ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ

٢٩ - قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ قال الكلبي: صرفني. وقال مقاتل: ردني (١). وكل ما أضلك عن شيء حتى لا تجده فقد صرفك وردك عنه.
﴿عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ قال ابن عباس: يريد القرآن، وما فيه من المواعظ. وقال الكلبي: يعني القرآن، والإيمان ﴿بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي﴾ مع الرسول (٢).
وقال مقاتل: عن الإيمان بالقرآن (٣). وقيل: عن الرسول؛ حكاه الفراء (٤). وتمَّ الكلام هاهنا ثم قال: ﴿وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا﴾ وهذا من قول الله تعالى لا من الإخبار عن قول الظالم (٥). يقول: وكان

= خليل إبراهيم، وإبراهيم خليل الله، ولا يجوز أن يقال: الله خليل إبراهيم من الخلة التي هي الحاجة.
(١) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ.
(٢) "تنوير المقباس" ص ٣٠٢. وأخرج ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٧، عن عمرو بن ميمون، يعني: الإسلام.
(٣) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦٧. واقتصر في: "الوسيط" ٣/ ٣٣٩، على: القرآن والإيمان به. وفي:"الوجيز" ٢/ ٧٧٨، على: القرآن. وليس بين هذه الأقوال تعارض، فهي من باب اختلاف التنوع، لا اختلاف التضاد. قال ابن عطية: الذكر ما ذَكر به الإنسان أمر آخرته من قرآن أو موعظة، ونحوه.
(٥) اقتصر الواحدي -رحمه الله- على هذا القول، مع أنه يحتمل أن يكون من كلام الظالم، وذلك من شدة ما يجد من الحسرة، ولوضوح الحقيقة عنده في ذلك الموقف. انظر: "تفسير الزمخشمري" ٣/ ٢٦٩، حيث ذكر هذا الاحتمال. وكذا ابن عطية ١١/ ٣٥. والأطهر عند الشنقيطي ٦/ ٣٠٥، أنه من كلام الله، وليس من كلام الكافر النادم يوم القيامة.

صفحة رقم 480

الشيطان في الآخرة خذولًا للإنسان، يعني: الكافر، يتبرأ منه (١). هذا قول مقاتل (٢). وأما قول ابن عباس، وهو (٣): أن هذا الخذلان من الشيطان للكافرين في الآخرة (٤).
وقال الكلبي: يعني خذلان إبليس للمشركين ببدر، وكان معهم في صورة سراقة بن مالك، فلما عاين الملائكة تبرأ منهم. وهو قوله تعالى: ﴿نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ﴾ [الأنفال: ٤٨] (٥). وقُتل عقبة بن أبي معيط، يوم بدر صبرًا (٦) ولم يقتل من الأسارى غيره، وغير النضر بن الحارث (٧).

(١) أخرج نحوه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٧، عن قتادة. قال الثعلبي ٨/ ٩٥ ب: وحكم هذه الآيات عام في كل متحابين اجتمعا على معصية الله -عَزَّ وَجَلَّ- وذكر البغوي ٦/ ٨٢، بعد تفسيره لهذه الآيات جملة من الأحاديث النبوية في الجليس الصالح، والجليس السوء.
(٢) يوهم صنيع الواحدي -رحمه الله- هنا أن مقاتل يقول بالعموم، وليس الأمر كذلك، بل قيد الإنسان كما في تفسيره ٤٥ أ، بعقبة. ثم قال: ونزل فيهما: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾ [الزخرف: ٦٧]. ونحوه في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٦٨، عن ابن عباس رضي الله عنهما، من طريق: مِقْسَم.
(٣) في جميع النسخ: (وهو)، والمناسب للسياق: فهو.
(٤) في "تنوير المقباس" ص ٣٠٢، جعله عامًا في خذلانه عندما يحتاج إليه.
(٥) ليس هناك تعارض فيما ذكره الواحدي -رحمه الله- وليس في هذه الأمثلة ما يدل على أن هذا من كلام الكافر. وقد اقتصر في: "الوسيط" ٣/ ٣٣٩، و"الوجيز" ٢/ ٧٧٨، على أن الإنسان في الآية: الكافر.
(٦) يقال: قُتل فلانٌ صبرًا، معناه: حبسًا، ومن ذلك الصوم، سمي صبرًا، لانه حبس للنفس عن المطاعم، والنكاح، والملتذ من الشهوات. "الزاهر في معاني كلمات الناس" ٢/ ٢٠١.
(٧) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ. وأخرج ابن إبي حاتم ٨/ ٢٦٨٧، عن السدي أنهما قتلا =

صفحة رقم 481
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية