آيات من القرآن الكريم

فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ

قوله: ﴿بِمَا تَقُولُونَ﴾ : هذه الجملةُ من كلامِ اللهِ تعالى اتفاقاً، فهي على إضمارِ القولِ والالتفاتِ. قال الزمخشري: «هذه المفاجأةُ بالاحتجاجِ والإِلزامِ حسنةٌ رائعةٌ، وخاصةً إذا انضمَّ إليها الالتفاتُ وحَذْفُ القولِ. ونحُوها قولُه عَزَّ وجَلَّ ﴿يَا أَهْلَ الكتاب قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل أَن تَقُولُواْ مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ﴾ [المائدة: ١٩] وقولُ القائل:

٣٤٧٨ - قالوا خُراسانُ أَقْصى ما يُرادُ بنا ثم القُفُوْلُ فقد جِئْنا خُرسانا
انتهى. يريد: أن الأصلَ في الآيةِ الكريمة: فقُلْنا: قد كَذَّبوكم، وفي البيت فقلنا: قد جِئْنا. والخطابُ في» كَذَّبوكم «للكفارِ، فالمعنى: فقد كَذَّبكم المعبودون بما تقولون مِنْ أنَّهم أَضَلُّوكم. وقيل: المعنى: فقد كَذَّبوكم فيما تقولون من الافتراءِ عليهم أنَّهم أَضَلُّوكم وقيل: هو خطابٌ للمؤمنين في الدنيا أي: فقد كَذَّبكم أيَّها المؤمنون الكفارَ بما تقولون من التوحيدِ في الدنيا.
وقرأ أبو حيوة وقنبل في رواية ابن أبي الصلت عنه بالياءِ مِنْ تحتُ

صفحة رقم 467

أي: فقد كَذَّبكم الآلهةُ بما يقولون ﴿سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ﴾ إلى آخِرِه. وقيل: المعنى: فقد كَذَّبكم أيها المؤمنونَ الكفَّارُ بما يقولون من الافتراءِ عليكم.
قوله: ﴿فَمَا تَسْتَطِيعُونَ﴾ قرأ حفص بتاءِ الخطاب والمرادُ عبادُها. والباقون بياءِ الغَيْبة. والمرادُ الآلهةُ التي كانوا يعبُدونها مِنْ عاقلٍ وغيرِه؛ ولذلك غَلَّب العاقَل فجيْءَ بواوِ الضميرِ.
قوله: ﴿نُذِقْهُ﴾ العامَّةُ بنونِ العظمةِ، وقرىء بالياءِ وفي الفاعلِ وجهان، أظهرهُما: أنَّه اللهُ تعالى لدلالةِ قراءةِ العامَّةِ على ذلك. والثاني: أنه ضميرُ الظلمِ المفهومِ من الفعل. وفيه تَجَوُّزُ بإسناد إذاقةِ العذابِ إلى سببِها وهو الظلمُ.

صفحة رقم 468
الدر المصون في علوم الكتاب المكنون
عرض الكتاب
المؤلف
أبو العباس، شهاب الدين، أحمد بن يوسف بن عبد الدائم المعروف بالسمين الحلبي
تحقيق
أحمد بن محمد الخراط
الناشر
دار القلم
عدد الأجزاء
11
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية