آيات من القرآن الكريم

الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

[الشورى: ١٩]. وسمعت أبي رحمه الله يقول: أرجى آيةٌ في كتاب الله عندي قوله تعالى:
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً [الأحزاب: ٤٧]. وقال بعضهم: أرجى آية قولَهُ تعالى: وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى [الضحى: ٥].
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ... الآيةَ: قال ابن جبير: هذه الآية خاصَّةٌ في رُمَاةِ عائشة «١»، وقال ابن عباس «٢» وغيره: بل ولجميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم لمكانهن من الدِّينِ ولم يقرن بآخر الآية توبة.
قال ع «٣» : وقاذف غَيْرهِنَّ له اسم الفسق، وذكرت له التوبةُ، ولعن الدنيا:
الإِبعاد، وضربُ الحَدِّ، والعامل في قوله: يَوْمَ فعل مُضمَرٌ تقديره: يُعَذَّبُونَ يومَ أو نحو هذا، والدين في هذه الآية: الجزاء، وفي مصحف ابن مسعود «٤» وأُبَيٍّ: يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ الحَقُّ دِينَهُمْ بتقديم الصفة على الموصوف.
وقوله: وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ يُقِوِّي قولَ مَنْ ذهب: أَنَّ الآية في المنافقين عَبْدِ الله بن أبيّ وغيره.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]
الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٢٧) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكى لَكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨)

(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٩٠) برقم (٢٥٨٨١)، وذكره البغوي (٣/ ٣٣٤)، وابن عطية (٤/ ١٧٤)، وابن كثير (٣/ ٢٧٦)، والسيوطي (٥/ ٦٤)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني عن خصيف.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٩١) برقم (٢٥٨٨٥)، وذكره البغوي (٣/ ٣٣٤)، وابن عطية (٤/ ١٧٤)، وابن كثير (٣/ ٢٧٦)، والسيوطي (٥/ ٦٤)، وعزاه لسعيد بن منصور، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧٤).
(٤) ونسبها ابن خالويه إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلّم. ولكنه ضبطها برفع كلمة «الحق».
ينظر: «المختصر» ص (١٠٣)، و «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧٤).

صفحة رقم 179

وقوله تعالى: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ... الآية: قال ابن عباس «١» وغيره: الموصوف بالخُبْثِ والطيب: الأقوال والأفعال، وقال ابن زيد «٢» : الموصوفُ بالخُبْث والطيب، النساءُ والرجال، ومعنى هذا التفريقَ بَيْنَ حكم ابن أبيّ وأشباهه وبين حكم النبي صلى الله عليه وسلّم وفضلاء أصحابه وأمّته.
وقوله تعالى: أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ إشارة إلى الطيبين المذكورين، وقيل:
الإشارة ب أُولئِكَ إلى عائشة- رضي الله عنها- ومَنْ في معناها.
وقوله تعالى: لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا سبب هذه الآية فيما روى الطبريُّ «٣» : أَنَّ امرأة من الأنصار قالت: يا رسولَ الله، إنِّي أَكونُ في منزلي على الحال الَّتي لاَ أُحِبُّ أَنْ يراني أحدٌ عليها، لاَ وَالَدٌ ولا وَلَد، وإنَّهُ لا يزالُ يدخلُ عليَّ رجلٌ مِنْ أهلي، وأنا على تلك الحال فنزلت هذه «٤» الآية، ثم هي عامَّةٌ في الأُمَّةِ غَابِرَ الدهر، وبيت الإنسان: هو الذي لا أحد معه فيه، أوِ البيتَ الذي فيه زوجته أو أَمَتُهُ، وما عدا هذا ٣٧ أفهو غير بيته، وتَسْتَأْنِسُوا معناه: تستعملوا/ مَنْ في البيت، وتستبصروا، تقول:
آنستُ: إذا علمَتُ عن حِسٍّ وإذا أبصرتُ ومنه قوله تعالى: آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [النساء: ٦].
و «استأنس» وزنه: استفعل، فكأنَّ المعنى في تَسْتَأْنِسُوا: تطلبوا أنْ تعلموا ما يؤنسكم ويؤنس أهل البيت منكم، وإذا طلب الإنسان أن يعلم أمر البيت الذي يريد دخوله، فذلك يكون بالاستئذان على من فيه، أو بأنْ يتنحنح ويشعر بنفسه بأي وجه أمكنه، ويتأنّى قَدْرَ ما يتحفظ منه، ويدخل إثر ذلك.
وذهب الطبريُّ «٥» في: تَسْتَأْنِسُوا إلى أَنَّه بمعنى حتى تؤنسوا أهل البيت بأنفسكم بالتنحنح والاستئذان ونحوه، وتؤنسوا نفوسكم بأن تعلموا أنْ قد شعر بكم.

(١) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٩٣) برقم (٢٥٨٩١)، وذكره ابن عطية (٤/ ١٧٤)، وابن كثير (٣/ ٢٨٧)، والسيوطي (٥/ ٦٦)، وعزاه لابن جرير، ولابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عن ابن عباس.
(٢) أخرجه الطبريّ (٩/ ٢٩٥) برقم (٢٥٩٠٥)، وذكره البغوي (٣/ ٣٣٥)، وابن عطية (٤/ ١٧٤)، وابن كثير (٣/ ٢٧٨).
(٣) ينظر: «الطبريّ» (٩/ ٢٩٧).
(٤) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (٩/ ٢٩٧) رقم (٢٥٩٢١) عن عدي بن ثابت.
(٥) ينظر: «الطبريّ» (٩/ ٢٩٨).

صفحة رقم 180
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية