آيات من القرآن الكريم

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶ ﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ

يا عائشة) قال الراوي فلما سمعت عائشة وكانت فى البيت بكت وقالت «والذي بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب الىّ من سرورى» فتبسم رسول الله ضاحكا وقال (ابنة صديق) ومنها غاية كرم الله ورحمته وفضله على عباده حيث يتفضل عليهم ويرحمهم ويزكيهم عن اوصافهم الذميمة مع استحقاقهم العذاب الأليم فى الدنيا والآخرة فانه خلق الخلق للرحمة لا للعذاب ولو كان للعذاب لكان من جهتهم بسوء اختيارهم عصمنا الله وإياكم من الأوصاف الذميمة الموجبة للعذاب الأليم وشرفنا بالأخلاق الحميدة الباعثة على الدرجات والتنعمات فى دار النعيم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ جمع خطوة بضم الخاء وهى ما بين القدمين اى ما بين رجلى الخاطي وبالفتح المرة الواحدة من الخطو ثم استعمل اتباع الخطوات فى الاقتداء وان لم يكن ثمة خطو يقال اتبع خطوات فلان ومشى على عقبه إذا استن بسنته والمراد هاهنا سيرة الشيطان وطريقته. والمعنى لا تسلكوا الطرق التي يدعوكم إليها الشيطان ويوسوس بها فى قلوبكم ويزينها لاعينكم ومن جملتها اشاعة الفاحشة وحبها وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فقد ارتكب الفحشاء والمنكر فقوله فَإِنَّهُ اى الشيطان يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ علة للجزاء وضعت موضعه والفحشاء والفاحشة ما عظم قبحه عرفا وعقلا سواء كان فعلا او قولا والمنكر ما ينكره الشرع وقال ابو الليث المنكر ما لا يعرف فى شريعة ولا سنة وفى المفردات المنكر كل شىء تحكم العقول الصحيحة بقبحه او تتوقف فى استقباحه العقول وتحكم بقبحه الشريعة واستعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تحقيرا لشأنهم وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بهذه البيانات والتوفيق للتوبة الماحية للذنوب وشرع الحدود المكفرة لها ما زَكى ما طهر من دنس الذنوب مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ من الاولى بيانية والثانية زائدة واحد فى حيز الرفع على الفاعلية أَبَداً آخر الدهر لا الى نهاية وَلكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي يطهر مَنْ يَشاءُ من عباده بافاضة آثار فضله ورحمته عليه وحمله على التوبة ثم قبولها منه كما فعل بكم وفيه حجة على القدرية فانهم زعموا ان طهارة النفوس بالطاعات والعبادات من غير توفيق من الله وَاللَّهُ سَمِيعٌ مبالغ فى سمع الأقوال التي من جملتها ما قالوه من حديث الافك وما أظهروه من التوبة منه عَلِيمٌ بجميع المعلومات التي من جملتها نياتهم وفيه حث لهم على الإخلاص فى التوبة
كر نباشد نيت خالص چهـ حاصل از عمل
وفى الآية امور منها ان خطوات الشيطان كثيرة وهى جملة ما يطلق عليه الفحشاء والمنكر ومن جملته القذف والشتم والكذب وتفتيش عيوب الناس وفى الحديث (كلام ابن آدم كله عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكر الله تعالى) وفى الحديث (كثرت خيانة ان تحدث أخاك حديثا هو لك به مصدق وأنت له كاذب) وفى الحديث (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط اهل الفقه والحكمة وجانب اهل الجهل والمعصية وعن بعضهم خطوات الشيطان النذور فى معصية الله كما فى تفسير ابى الليث فيخرج منها النذور فى طاعة الله كالصلاة والصوم ونحوهما مما ينهى عن الفحشاء

صفحة رقم 131

وفى الآية دليل على ان من حلف على امر فرأى الحنث أفضل منه فله ان يحث ويكفر عن يمينه ويكون له ثلاثة أجور أحدها ائتماره بامر الله تعالى والثاني اجر بره وذلك فى صلة قرابته والثالث اجر التكفير ثم فى الآية فوائد منها ان العلماء استدلوا بها على فضل الصديق رضى الله عنه وشرفه من حيث نهاه مغايبة ونص على فضله وذكره بلفظ الجمع للتعظيم كما يقال لرئيس القوم وكبيرهم لا يفعلوا كيت وكيت والمنكرون يحملون الفضل على فضل المال لكن لا يخفى ان يستفاد من قوله (وَالسَّعَةِ) فيلزم التكرير فثبت كونه أفضل الخلق بعد رسول الله عليه السلام قال فى انسان العيون وصف الله تعالى الصديق باولى الفضل موافق لوصفه عليه السلام بذلك فقد جاء ان عليا كرم الله وجهه دخل على النبي ﷺ وابو بكر رضى الله عنه جالس عن يمين رسول الله فتنحى ابو بكر عن مكانه واجلس عليا بينه وبين النبي عليه السلام فتهلل وجه النبي فرحا وسرورا وقال (لا يعرف الفضل لاهل الفضل الا أولوا الفضل) : قال الحكيم سنايى

بود چندان كرامت وفضلش كه أولوا الفضل خواند ذو الفضلش
صورت وسيرتش همه جان بود زان ز چشم عوان پنهان بود
روز وشب سال وماه در همه كار ثانى اثنين إذ هما فى الغار
ومنها انها كفت داعيه الى المجاملة والاعراض عن مكافاة المسيء وترك الاشتغال بها وعن انس رضى الله عنه بينما رسول الله ﷺ جالس إذ ضحك حتى بدت نواجذه فقال عمر رضى الله عنه بابى أنت وأمي ما الذي اضحك قال (رجلان من أمتي جثيا بين يدى رب العزة فقال أحدهما خذلى مظلمتى من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق من حسناتى شىء فقال يا رب فليحمل عنى من أوزاري) ثم فاضت عينا رسول الله بالبكاء فقال (ان ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس الى ان يحمل عنهم أوزارهم) قال (فيقول الله تعالى للمتكلم ارفع بصرك فانظر فى الجنان فقال يا رب ارى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأى نبى هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى لمن اعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال الله تعالى أنت تملكه قال بماذا يا رب قال الله تعالى بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه قال الله تعالى خذ بيد أخيك فادخله الجنة)
من كان يرجو عفو من فوقه فليعف عن ذنب الذي دونه
در عفو لذتيست كه در انتقام نيست
ومنها بيان تأديب الله للشيوخ والأكابر ان لا يهجروا صاحب الزلات واهل العثرات من المريدين ويتخلقوا بخلق الله حيث يغفر الذنوب ولا يبالى وأعلمهم ان لا يكفوا اعطاءهم عنهم ويخبروهم ما وقع لهم من احكام الغيب فان من له استعداد لا يحتجب بالعوارض البشرية عن احكام الطريقة ابدا والله المعين على كل حال وبيده العفو عن سيآت الأعمال إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ قد سبق معنى الرمي فى أوائل السورة الْمُحْصَناتِ العفائف مما رمين من الفاحشة والزنى الْغافِلاتِ [بيخبران] عنها على الإطلاق بحيث لم يخطر ببالهن شىء منها ولا من

صفحة رقم 133
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية