آيات من القرآن الكريم

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ
ﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ

تَعَالَى: إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [النَّجْمِ: ٢٨].
[سورة النور (٢٤) : آية ١٣]
لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ (١٣)
النوع الثاني وَهَذَا مِنْ بَابِ الزَّوَاجِرِ، وَالْمَعْنَى هَلَّا أَتَوْا عَلَى مَا ذَكَرُوهُ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ يَشْهَدُونَ عَلَى مُعَايَنَتِهِمْ فِيمَا رَمَوْهَا بِهِ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ أَيْ فَحِينَ لَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالُوا، فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّه أَيْ فِي حُكْمِهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ، فَإِنْ قِيلَ: أَلَيْسَ إِذَا لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَوْنُهُمْ صَادِقِينَ كَمَا يَجُوزُ كَوْنُهُمْ كَاذِبِينَ فَلِمَ جَزَمَ بِكَوْنِهِمْ كَاذِبِينَ؟ وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الَّذِينَ رَمَوْا عَائِشَةَ خَاصَّةً وَهُمْ كَانُوا عِنْدَ اللَّه كَاذِبِينَ الثَّانِي: الْمُرَادُ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّه فِي حُكْمِ الْكَاذِبِينَ فَإِنَّ الْكَاذِبَ يَجِبُ زَجْرُهُ عَنِ الْكَذِبِ، وَالْقَاذِفُ إِنْ لَمْ يَأْتِ بِالشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ زَجْرُهُ فَلَمَّا كَانَ شَأْنُهُ شَأْنَ الْكَاذِبِ فِي الزَّجْرِ لَا جَرَمَ أُطْلِقَ عليه لفظ الكاذب مجازا.
[سورة النور (٢٤) : آية ١٤]
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٤)
النوع الثالث وَهَذَا مِنْ بَابِ الزَّوَاجِرِ أَيْضًا، وَلَوْلَا هَاهُنَا لِامْتِنَاعِ الشَّيْءِ لِوُجُودِ غَيْرِهِ، وَيُقَالُ أَفَاضَ فِي الْحَدِيثِ وَانْدَفَعَ وَخَاضَ، وَفِي الْمَعْنَى وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: وَلَوْلَا أَنِّي قَضَيْتُ أَنْ أَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الدُّنْيَا بِضُرُوبِ النِّعَمِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِمْهَالُ لِلتَّوْبَةِ، وَأَنْ أَتَرَحَّمَ عَلَيْكُمْ فِي الْآخِرَةِ بِالْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ لَعَاجَلْتُكُمْ بِالْعِقَابِ عَلَى مَا خُضْتُمْ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ الْإِفْكِ وَالثَّانِي: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مَعًا، فَيَكُونُ فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَالْخِطَابُ لِلْقَذَفَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُقَاتِلٍ، وَهَذَا الْفَضْلُ هُوَ حُكْمُ اللَّه تَعَالَى مِنْ تَأْخِيرِهِ الْعَذَابَ وَحُكْمِهِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ لِمَنْ تَابَ.
[سورة النور (٢٤) : آية ١٥]
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)
النوع الرابع وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الزَّوَاجِرِ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» إذ ظرف لمسكم أو لأفضتم وَمَعْنَى تَلَقَّوْنَهُ يَأْخُذُهُ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ يُقَالُ تَلَقَّى الْقَوْلَ وَتَلَقَّنَهُ وَتَلَقَّفَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [الْبَقَرَةِ: ٣٧] وَقُرِئَ على الأصل تتلقونه واتلقونه بِإِدْغَامِ الذَّالِ فِي التَّاءِ وَتَلَقَّوْنَهُ مِنْ لَقِيَهُ بِمَعْنَى لَفِقَهُ وَتُلْقُونَهُ مِنْ إِلْقَائِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بعض وتلقونه، وتألقونه من الولق والألف وَهُوَ الْكَذِبُ، وَتَلِقُونَهُ مَحْكِيَّةٌ عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سُفْيَانَ: سَمِعْتُ أُمِّي تَقْرَأُ إِذْ تَثَقَّفُونَهُ، وَكَانَ أَبُوهَا يَقْرَأُ بِحَرْفِ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِارْتِكَابِ ثَلَاثَةِ آثَامٍ وَعَلَّقَ مَسَّ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ بِهَا أَحَدُهَا: تَلَقِّي الْإِفْكِ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ لَهُ مَا وَرَاءَكَ؟
فَيُحَدِّثُهُ بِحَدِيثِ الْإِفْكِ حَتَّى شَاعَ وَاشْتَهَرَ فَلَمْ يَبْقَ بَيْتٌ وَلَا نَادٍ إِلَّا طَارَ فِيهِ، فَكَأَنَّهُمْ سَعَوْا فِي إِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ

صفحة رقم 342
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية