آيات من القرآن الكريم

رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
ﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ

علواً كبيراً وتنزه تنزهاً عظيماً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مشروعية توبيخ المتغافل المتجاهل وتأنيب المتعامي عن الحق وهو قادر على رؤيته.
٢- تقرير ربوبية الله تعالى وألوهيته.
٣- تنزيه الله تعالى عن الصاحبة والولد وإبطال ترهات المفترين.
٤- الاستدلال العقلي ومشروعيته والعمل به لإحقاق الحق وإبطال الباطل.
قُل رَّبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ (٩٣) رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٩٤) وَإِنَّا عَلَى أَن نُّرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ (٩٥) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ (٩٦) وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (٩٧) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ (٩٨) حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٠٠)
شرح الكلمات:
إما تريني ما يوعدون: أي إن تُريني من العذاب.
ادفع بالتي هي أحسن: أي ادفع بالخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإعراض عنهم.
من همزات الشياطين: أي من وساوسهم التي تخطر بالقلب فتكاد تفسده.
أن يحضرون: أي في أموري حتى لا يفسدوها علي.

صفحة رقم 536

جاء أحدهم الموت: أي رأى علاماته ورآه.
برزخ: أي حاجز يمنع وهو مدة الحياة الدنيا، وإن عاد بالبعث فلا عمل يقبل.
معنى الآيات:
في هذا السياق تهديد للمشركين الذين لم ينتفعوا بتلك التوجيهات التي تقدمت في الآيات قبل هذه، فأمر الله تعالى رسوله أن يدعوه ويضرع إليه إن هو أبقاه حتى يحين هلاك قومه، أن لا يهلكه معهم فقال: ﴿قل رب إما تريني١﴾ أي أن تريني ﴿ما يوعدون﴾ أي من العذاب، ﴿رب فلا تجعلني في القوم الظالمين﴾ أي أخرجني منهم وأبعدني عنهم حتى لا أهلك معهم. وقوله تعالى: ﴿وإنا على أن نريك٢ ما نعدهم لقادرون﴾ يخبر تعالى رسوله بأنه قادر على إنزال العذاب الذي وعد به المشركين إذا لم يتوبوا قبل حلوله بهم.
وقوله: ﴿ادفع بالتي٣ في أحسن﴾ هذا قبل أمره بقتالهم: أمره بأن يدفع ما يقولونه له في الكفر والتكذيب بالخُلَّة والخصلة التي هي أحسن وذلك كالصفح والإعراض عنهم وعدم الإلتفات إليهم. وقوله: ﴿نحن أعلم بما يصفون﴾ أي من قولهم لله شريك وله ولد، وأنه ما أرسل محمداً رسولاً، وأنه لا بعث ولا حياة ولا نشور يوم القيامة وقوله: ﴿وقل رب أعوذ بك من همزات٤ الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون﴾ لما علمه الاحتراز والتحصُّن من المشركين بالصفح والإعراض أمره أن يتحصن من الشياطين بالاستعاذة بالله تعالى فأمره أن يقول ﴿رب﴾ أي يا رب ﴿أعوذ٥ بك﴾ أي استجير بك من همزات الشياطين أي وساوسهم حتى لا يفتنوني عن ديني وأعوذ بك أن يحضروا أمري فيفسدوه على.
وقوله تعالى: ﴿حتى إذا جاء أحدهم الموت﴾ أي إذا حضر أحد أولئك المشركين الموت.

١ أصل إما: إن ما، إن شرطية، وما: صلة لتقوية الشرط، وجواب الشرط فلا تجعلني مع القوم الظالمين، علمه ربه هذا الدعاء ليدعو به. أي: إذا أردت بهم عقوبة فأخرجني عنهم وأبعدني عنهم. وفي الآية تهديد عظيم للمشركين.
٢ الجملة تحمل وعيداً آخر مؤكداً للأول الذي تضمنته جملة ﴿ربّ إما تريني ما يوعدون﴾.
٣ هذا بالنسبة إلى الأمة فهو محكم باق، وهو الصفح وعدم المؤاخذة فيما بينهم وأمّا بالنسبة للمشركين والكافرين، فهو موادعة لهم لا غير إلى أن يؤمر بقتالهم، وقد أمر به فيما بعد.
٤ جمع همزة، والهمزة في اللغة النخس والدفع، يقال: همزه ونخسه ودفعه، قال الليث: الهمز: كلام من وراء القفا، واللمز: مواجهة والشيطان يوسوس بوساوسه في صدر ابن آدم، الهمس لغة: الكلام الخفي يقال: همس في أذنه بكذا: أسرّ به إليه.
٥ هذا التعوذ، وإن خوطب به الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو لأمته معه معه بل هي أحوج منه إليه، وهمزات الشيطان: هي سورات الغضب التي لا يملك الإنسان بها نفسه وقد شكا خالد بن الوليد للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن كان يؤرق من الليل فأمره أن يقول: "أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأعوذ بك ربّ أن يحضرون".

صفحة رقم 537

أي رأى ملك الموت وأعوانه وقد حضروا لقبض روحه ﴿قال رب ارجعون١﴾ أي أخروا موتي كي أعمل صالحاً فيما تركت العمل فيه بالصلاح، وفيما ضيعت من واجبات قال تعالى رداً عليه ﴿كلا﴾ ٢ أي لا رجوع أبداً، ﴿إنها كلمة هو قائلها﴾ لا فائدة منها ولا نفع فيها، ﴿ومن ورائهم برزخ﴾ أي حاجز مانع من العودة إلى الحياة وهو أيام الدنيا كلها حتى إذا انقضت عادوا إلى الحياة، ولكن ليست حياة عمل وإصلاح ولكنها حياة حساب وجزاء هذا معنى قوله: ﴿ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون﴾ ٣.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مشروعية الدعاء والترغيب فيه وإنه لذو جدوى للمؤمن.
٢- استحباب دفع السيء من القول أو الفعل بالصفح والإعراض عن صاحبه.
٣- مشروعية الاستعاذة بالله تعالى من وساوس الشياطين ومن حضورهم أمر العبد الهام حتى لا يفسدوه عليه بالخواطر السيئة.
٤- موعظة المؤمن بحال من يتمنى العمل الصالح عند الموت فلا يُمكن منه فيموت بندمه وحسرته ويلقى جزاء تفريطه حرماناً وخسراناً في الدار الآخرة.
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءلُونَ (١٠١) فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (١٠٣) تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (١٠٤)

١ ﴿ربّ ارجعون﴾ هذا تمنّ للحياة الدنيا بعد ذهابها، وهيهات هيهات أن تعود!! وقوله: ﴿ارجعون﴾ : خاطب الربّ تعالى بضمير التعظيم وتعظيم المخاطب شائع في كلام العرب.
٢ كلا: ردع للسامع ليعلم يقينا إبطال ما يطلبه الكافر من الرجوع.
٣ البرزخ: هو ما بين الدنيا والآخرة إذ كل ما حجز بين شيئين قيل فيه: برزخ.

صفحة رقم 538
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية