آيات من القرآن الكريم

أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ ﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀ ﰂﰃﰄﰅﰆ ﰈﰉﰊﰋﰌ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ

ماعوناً، لأنها شيء قليل من المال، إذا هي ربع عشرة في العين.
قوله تعالى ذكره: ﴿يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات﴾ إلى قوله: ﴿إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.
معناه وكلوا من الحلال الطيب دون الحرام ﴿واعملوا صَالِحاً﴾ أي: بما أمرتكم به.
وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ قال: " إن الله جل ذكره طيب لا يقبل إلا طيباً "، وإن الله أمر الأنبياء بما أمر به المؤمنين فقال: ﴿يا أيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ﴾ وقال: ﴿يا أيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات﴾.
وقد قيل: إن قوله يا أيها الرسل مخاطبة للنبي وحده كما قال: " الذين قال لهم الناس " يعني نعيم بن مسعود وحده.
وقيل: إنما قيل للنبي وحده ﴿يا أيها الرسل﴾ " لتدل بذلك على أن الرسل كلهم أمروا بأكل الطيبات وهو الحلال الذي طيبه الله تعالى لآكله.
وقيل: هو مخاطبة لعيسى، وهو قل الزجاج وهو اختيار الطبري.

صفحة رقم 4972

روى: أن عيسى كان يأكل من غزل أمه.
ثم قال: " وإن هذه أمتكم أمة واحدة " فتح " إن " في هذا على معنى " ولأن هذه ". هذا قول البصريين.
وقال الكسائي والفراء: هي في موضع خفض عطف على ما قوله: إني بما تعلمون.
وقال الفراء أيضاً: تكون في موضع نصب على إضمار فعل، والتقدير: واعلموا أن هذه أمة: نصب عل الحال.
وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق: " أمة واحدة "، بالرفع على إضمار مبتدأ، أي: هي أمة وعلى البدل من أمتكم، أو على أنها خبر بعد خبر، والمعنى أن الأمة هنا الدين: أي: وأن هذا دينكم دين واحد قاله ابن جريج.
ثم قال تعالى: ﴿وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فاتقون﴾.

صفحة رقم 4973

أي فاتقون بطاعتي، تأمنوا عقابي.
ثم قال: ﴿فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً﴾.
أي: فتفرق القوم الذين أمروا بالإيمان/ واتباع عيسى ليجتمعوا على الدين الواحد وزيراً، أي كتباً قد بان كل فريق منهم بكتاب غير الكتاب الذي بان به الفريق الآخر، كاليهود الذين زعموا أنهم دانوا بحكم التوراة، وكذبوا بحكم الإنجيل والقرآن وكالنصارى الذين دانوا بالإنجيل وكذبوا بحكم القرآن.
قال قتادة: " براً " كتباً.
وقال مجاهد: كتباً لله فرقوها قطعاً.
والزبر: جمع زبور، كعمود وعمد.
وقيل: المعنى، فتفرقوا دينهم بينهم كتباً أحدثوها يحتجون بها لمذابهم.
قال ابن زيد: هو ما اختلفوا فيه من الأديان والكتب، وكل واحد منهم كان له أمر وكتب، وكل قوم يعجبون برأيهم، ليس أهل هوى إلا وهم يعجبون برأيهم وبصاحبهم الذي اخترق ذلك لهم وقرأ الأعمش " زُبراً " بفتح الباء جعله جمع زبرة، ومعناه: فتفرقوا عن دينهمه بينهم قطعاً كزبر الحديد، فصار بعضهم يهود، وبعضهم

صفحة رقم 4974

نصارى.
وقوله: ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾.
أي: كل فريق من تلك الأمم بما اختاره من الدين لأنفسهم فرحون معجبون به لا يرون أن الحق سواه.
ثم قال: ﴿فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ﴾.
أي: فذر هؤلاء الذين تقطعوا أمرهم بينهم زبراً في غمرتهم، أي: في ضلالتهم وغيهم.
قال ابن زيد: الغمرة العمى.
﴿حتى حِينٍ﴾: أي إلى حين ما يأتيهم ما وعدوا به العذاب، وقال مجاهد " حتى حين " حتى الموت.
ثم قال تعالى: ﴿أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ * نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات﴾.
أي: أيحسب هؤلاء الأحزاب الذين تفرقوا في دينهم زبراً أن الذي نعطيهم في عاجل الدنيا من مال وبنين " فسارع لهم " " أي نسابق لهم في خيرات الآخرة ونبادر

صفحة رقم 4975

فيها ثم أكذبهم فيما يحسبون، فقال: ﴿بَل لاَّ يَشْعُرُونَ﴾ أي: بل لا يعلمون أن امدادنا إياهم ما نمدهم به من ذلك إنما هو إملاء واستدراج لهم.
وقوله: ﴿فِي الخيرات﴾ معه إضمار، أي: نسارع لهم به في الخيرات، قاله الزجاج.
وقال هشام: تقديره: نسارع لهم فيه، ثم أطهر فقال: " في الخيرات " كما قال: ولا أدى الموت سبق الموت بشيء. وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن الخبر لا بد أن يكون فيه ضمير يعود على اسم " أن ".
وقرأ عبد الرحمن بن أبي بكرة: " يُسارع " بالياء رده على الإمداد، فلا يحتاج هذا إلى ضمير محذوف، لأن ما والفعل مصدره ففي " يسارع " ضمير اسم أن، وهو ضمير المصدر.
ومذهب الكسائي أن " إنما " حرف واحد، فلا يحتاج الكلام إلى شيء، من الإضمار والحذف، ويقف على مذهبه على " نبين " ولا يقف عليه على مذهب غيره.
وتقدير الآية أيحسبون الذين نمدهم به من مامل وبنين في الدنيا نسارع لهم به في الخيرات، أي: نجعله لهم ثواباً، فليس الأمر كذلك، إنما هو استدراج ومحنة لهم.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّ الذين هُم مِّنْ خَشْيةِ رَبِّهِمْ مُّشْفِقُونَ﴾.

صفحة رقم 4976

أي: من خوف عذاب ربهم مشفقون، فهم دائمو على طاعته جادون في طلب مرضاته.
ثم قال: ﴿والذين هُم بِآيَاتِ رَبَّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾.
أي بكتابه يصدقون ﴿والذين هُم بِرَبِّهِمْ لاَ يُشْرِكُونَ﴾.
أي: يخلصون عبادتهم لربهم، لا يشركون به فيها أحداً.
ثم قال تعالى: ﴿والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾.
أي: يعدون أهل سهمان الصدقة، ما فرض الله لهم من أموالهم فما أتوا معناه: ما أعطوهم إياه من صدقة.
﴿وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ أي: خائفة من أنهم إلى ربهم راجعون، فيخافون ألا ينجيهم ذلك من عذابه.
قال الحسن: إن المؤمن جمع إحساناً وشفقة، وأن المنافق جمع إساءة وأمناً، ثم تلا هذه الآية إلى ﴿إلى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾.
وقال الحسن: يعملون ما عملوا من أعمال البر وهم خائفون ألا ينجيهم ذلك من عذاب الله.

صفحة رقم 4977

وقال ابن عباس: مال المؤمن ينفق يتصدق به وقلبه وجل أنه إلى ربه راجع.
وسئلت عائشة: عن هذه الآية فقالت: كانوا يقرأونها، يأتون ما أتوا بألف.
وكذلك روى عنها أنها كانت تقرأه من المجيء، تعني إتياه الذنوب، أي: يأتون الذنوب وهم خائفون.
وقال ابن عمر: " يؤتون ما أتوا ": الزكاة.
وقال مجاهدك المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل.
وقال ابن جبير: / يفعلون ما فعلوا وهم يعلمون أنهم صائرون إلى الموت وهي من المبشرات.
وقال قتادة: يعطون ما أعطوا، ويعملون ما عملوا من خير، وقلوبهم وجلة خائفة.
" وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قلت يا رسول الله.
﴿والذين يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾ أهم الذين يذنبون وهم مشفقون؟ فقال: لا بل هم الذين يصلون وهم مشفقون، ويصدقون وهم مشفقون، ويوصومون وهم مشفقون ".

صفحة رقم 4978
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية