آيات من القرآن الكريم

وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ
ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡ ﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯ ﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

فرجها، وكانت من القانتين، جعلناهما آية للناس، وحجة قاطعة على قدرته الكاملة فإنه على ما يشاء قدير، والله- سبحانه- قد خلق عيسى من غير أب وجعل مريم تلد عيسى من غير أب فذلك آية الله على القدرة القادرة.
وآويناهما إلى ربوة ذات استقرار للناس إذ هي طيبة الإنبات كثيرة الخيرات فيها الماء المعين الظاهر للعيون الذي لا ينضب أبدا، وأين هذه الربوة؟ إنها في بيت المقدس، والله أعلم.
المبادئ العامة في الرسالات [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥١ الى ٥٦]
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤) أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥)
نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦)
المفردات:
زُبُراً جمع زبور والمراد: الكتب التي وضعوها وألفوها، وهذه الكلمة فيها معنى الضم والجمع، ولذا قيل: زبرت الكتاب أى: جمعت حروفه وضممت بعضه إلى بعض، وزبر الحديد قطع الحديد المجتمعة حِزْبٍ أى: جماعة وأمة غَمْرَتِهِمْ المراد: في حيرتهم وضلالهم وغفلتهم. والمادة تدل على الستر، ولهذا قيل الغمر للماء الكثير الذي يغطى ويستر الأرض نُمِدُّهُمْ نعطيهم نُسارِعُ نسرع.

صفحة رقم 629

المعنى:
يأمر الله- تبارك وتعالى- الرسل جميعا بالأكل من الحلال والطيبات من الرزق، وبالعمل الصالح، ثم يحذرهم ويخوفهم من حسابه فإنه عليم خبير.
روى عن أبى هريرة- رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «أيّها النّاس إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّبا، وإنّ الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال:
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ «١»
، ثم ذكر الرسول:
«الرّجل يطيل السّفر أشعث أغبر يمدّ يديه إلى السّماء يا رب، ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذّى بالحرام فإنّى يستجاب له» ؟؟
وهذا يدل على أن أكل الحلال عون على عمل الصالح من الأعمال، وعلى ما للأكل من أثر في توجيه النفس ناحية الخير أو ناحية الشر، إذ الأكل غذاء للبدن وقوة له، فإذا كان الغذاء طاهرا نقيا، طيبا حلالا كان وقودا نظيفا يدفع صاحبه إلى العمل الطيب، وبالعكس إذا كان الغذاء حراما خبيثا دفع صاحبه إلى السيئ من الأعمال.
وهذا الأمر للرسل جميعا وبخاصة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولأنه المخاطب أولا وبالذات وفي هذا دليل على عظم المأمور به، وأنه أمر عام أمر به جميع الرسل لخطورته.
وقد سوى الله بين الأنبياء جميعا، وبين المؤمنين في وجوب أكل الحلال وتجنب الحرام. ثم شمل الكل بوعيده لما ذكرنا.
واعلموا أيها الناس أن هذا الذي تقدم ذكره في قصص الأنبياء سابقا هو دينكم وملتكم إذ كل الأنبياء أرسلت تدعو إلى الإيمان بالله وحده. وعدم الإشراك به شيئا فالله يقول: اعلموا هذا، ولا تظنوا أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم أتى بجديد، والحال أنى أنا ربكم فاتقونى، ولا تخالفوا أمرى.
هكذا كانت الأمم، وبمثل هذا أرسلت الرسل، ولكن بعد ذلك افترقت الأمم فرقا وأحزابا كل حزب بما لديهم فرحون، وصار لكل جماعة كتاب ثم حرفوه وبدلوه، وآمنوا به وكفروا بما سواه.

(١) سورة البقرة الآية ١٧٢.

صفحة رقم 630
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية