
قلت إن كل واحدة مستغنية بنفسها يجوز الوقوف عليها فإن نصبها كنصب قوله «١» : قمت ثمّت جلست، وبمنزلة قول الشاعر «٢» :
ماويّ بَلْ رُبَّتما غارةٍ | شَعْوَاءَ كاللذْعة بالميِسَم |
وقوله: فَجَعَلْناهُمْ غُثاءً [٤١] كغُثَاء الوادي يُبَّسًا «٥» بالعذاب.
وقوله: ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا [٤٤] أكثر العرب عَلَى ترك التنوين، تنزل بمنزلة تقوى ومنهم من نون فيها وجعلها ألفًا كألف الإعراب، فصارت فِي تغير «٦» واوها بمنزلة التراث والتُجاه. وإن شئت جعلت بالياء منها كأنها أصلية «٧» فتكون بمنزلة المعزَى تنون ولا تنون «٨».
ويكون الوقوف «٩» عليها حينئذ بالياء وإشارة «١٠» إلى الكسر. وإن جعلتها ألف إعراب لَمْ تُشر لأنك لا تشير إلى ألفات الإعراب بالكسر، ولا تَقُولُ رأيت زيدي «١١» ولا عمري.
وقوله: وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ [٥٠] الربوة: ما ارتفع من الأرض. وقوله: (ذاتِ قَرارٍ)
(٢) هو ضمرة بن ضمرة النهشلي كما فى شواهد العيني فى مبحث حروف الجر. وماوى مرخم ماوية اسم امرأة.
والغارة الشعواء: الفاشية المتفرقة. والميسم: الأداة يكوى بها
(٣) ا: «فنصبت» [.....]
(٤) فى ا: «وكان الكسائي يختار الوقوف على الهاء، وأنا أختار التاء فى الوقف على هيهات».
(٥) جمع يابس
(٦) يريد أن التاء أصلها واو فأبدلت تاء كما فى تاءى التراث والتجاه أصلهما واو
(٧) أي ملحقة
(٨) إنما يترك التنوين إذا قدرت الألف للتأنيث ولم تجعل كالأصلية.
(٩) ا: «الوقف»
(١٠) يريد الإماتة
(١١) كتبت الألف فيهما ياء للامالة كما يكتب الفتى والندى. ورسما فى ا: «زيدا وعمرا» وكتب فوق كل «منهما: بمال»

منبسطة وقوله (وَمَعِينٍ) : الماء الظاهر والجاري. ولك أن تَجعل المعين مفعولًا من العيون، وأن تجعله فَعيلًا من الماعون ويكون أصله المعن. قَالَ الفراء: (المعنُ «١» الاستقامة)، وقال عُبَيْد بن الأبرص:
واهية أو معين مَعْنٍ... أو هضبة دونَها لُهُوب «٢»
وقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [٥١] أراد النَّبِيّ «٣» فجمع كما يُقال فِي الكلام للرجل الواحد: أيّها ١٢٤ ب القوم كفوا عنا أذاكم. ومثله (الَّذِينَ «٤» قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) الناس واحد (معروف كَانَ «٥» رجلًا من أشجع يقال له نعيم ابن مسعود).
وقوله: وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ [٥٢] قرأها عَاصِم «٦» والأعمش بالكسر عَلَى الائتناف «٧».
وقرأها أهل الحجاز والحسن (وأنّ هَذِه أمتكم) والفتحُ على قوله (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وعليم «٨» بأن هَذِه أمتكم. فموضعها خفض لأنها مردودة عَلَى (مَا) وإن شئت كانت منصوبة بفعل مضمر كأنك قلت: واعلم هَذَا.
وقوله: فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [٥٣] : فرَّقوه. تفرقوا يهود ونصارى. ومن قَالَ (زُبُراً)
(٢) من معلقته. وقبله فى وصف دمعه:
عيناك دمعاهما سروب... كأن شأنيهما شعيب
وسروب: جار.. والشأن: مجرى الدمع. والشعيب: القربة المنشقة، فقوله: «واهية» وصف «شعيب» واللهوب جمع لهب وهو مهواة ما بين الجبلين. يشبه مجارى دمعه بقربة واهية منشقة أو ماء حار أو ماء هضبة عالية ودونها مهاو ومهابط
(٣) فى الطبري أنه عيسى عليه السلام
(٤) الآية ١٧٣ سورة آل عمران
(٥) فى ا: «وهو نعيم بن مسعود كان رجلا من أشجع» :
(٦) وكذلك حمزة والكسائي وخلف [.....]
(٧) ا: «الاستئناف»
(٨) سقط فى ا