آيات من القرآن الكريم

وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ
ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إثبات النبوة المحمدية بذكر أخبار الغيب التي لا تعلم إلاّ من طريق الوحي.
٢- تقرير التوحيد بذكر دعوة الرسل أقوامهم إليه.
٣- بيان سنة من سنن البشر وهي أن دعوة الحق أول من يردها الكبراء من أهل الكفر.
٤- بيان كيف يرد الظالمون دعوة الحق بإتهام الدعاة بما هم براء منه كالجنون وغيره من الاتهامات كالعمالة لفلان والتملق لفلان.
فَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاء أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (٢٧) فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنتَ وَمَن مَّعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٨) وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (٢٩) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ وَإِن كُنَّا لَمُبْتَلِينَ (٣٠)
شرح الكلمات:
فأوحينا إليه أن أصنع: أي أعلمناه بطريق سريع خفي أي اصنع الفلك.
بأعيننا ووحيينا: أي بمرأى منا ومنظر، وبتعليمنا إياك صنعها.
وفار التنور: تنور الخباز فار منه الماء آية بداية الطوفان.
فاسلك فيها: أي أدخل في السفينة.
وأهلك: أولادك ونساءك.
ولا تخاطبني في الذين ظلموا: أي لا تكلمني في شأن الظالمين فإني حكمت بإغراقهم.
وقل رب: أي وادعني قائلاً يا رب أنزلني منزلاً مباركاً من الأرض.
إن في ذلك لآيات: أي لدلائل وعبر.

صفحة رقم 513

وإن كنا لمبتلين: أي لمختبرين.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر قصة نوح عليه السلام مع قومه فقد جاء في الآيات السابقة أن نوحاً عليه السلام دعا ربه مستنصراً إياه لينصره على قومه الذين كذبوه قائلاً: ﴿رب انصرني١ بما كذبون﴾ فاستجاب الله تعالى دعاءه فأوحى إليه أي أعلمه بطريق الوحي الخاص ﴿أن اصنع الفلك﴾ أي السفينة ﴿بأعيننا ووحينا﴾ أي بمرأى منا ومنظر وبتعليمنا إياك وجعل له علامة على بداية هلاك القوم أن يفور التنور تنور طبخ الخبز بالماء وأمره إذا راى تلك العلامة أن يدخل في السفينة من كل زوج أي ذكر وأنثى اثنين من سائر الحيوانات التي أمكنه ذلك منه وأن يركب فيها أيضاً أهله من زوجة وولد إلاّ من قضى الله بهلاكه ونهاه أن يكلمه في شأن الظالمين لأنهم مغرقون قطعاً. هذا ما تضمنته الآية الأولى (٢٧) ﴿فأوحينا إليه أن أصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا﴾ أي بإهلاك الظالمين المشركين ﴿وفار التنور، فاسلك فيها﴾ أي في السفينة ﴿من كل زوجين٢ اثنين٣، وأهلك﴾ أي أزواجك وأولادك ﴿إلاّ من سبق عليه القول منهم﴾ أي بإهلاكهم كامرأته، ﴿ولا تخاطبني في الذين٤ ظلموا﴾ أي لا تسألني عنهم فإني مهلكهم.
وقوله تعالى: ﴿فإذا استويت٥ أنت ومن معك على الفلك﴾ أي إذا ركبت واستقررْت على متن السفينة أنت ومن معك من المؤمنين فاحمدنا فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين٦ وادعنا ضارعاً إلينا قائلاً ﴿رب أنزلني منزلاً مباركاً٧﴾ أي من الأرض، وَأَثْن علينا

١ الباء سببية في موضع الحال من النصر المأخوذ في فعل الدعاء، وجملة ﴿أن اصنع﴾ جملة مفسرة لجملة: ﴿أوحينا﴾ لأنّ الوحي فيه معنى القول دون حروفه، فأن تفسيرية قطعاً.
٢ الزوج: اسم لكل شيء له شيء آخر متصل به بحيث يجعله شفعا في حالة ما، والمراد به هنا: أزواج الحيوانات لحفظ نوعها حتى لا تنقرض بالطوفان.
٣ قرأ حفص ﴿من كلٍّ﴾ بتنوين كل، وقرأ نافع وغيره بلا تنوين أي: بإضافة اثنين إلى كل، وتنوين كل تنوين عوض أي: من كل ما أمرتك أن تحمله في السفينة.
٤ أي: في شأنهم فإنهم قد قضى بإهلاكهم ولا رادٌ لقضائه تعالى.
٥ استويت: أي علوت فوقها واستقررت فيها، وحرف الجر ﴿على﴾ مؤذن بالاستقرار والتمكن منه.
٦ الظالمين: أي المشركين، لأن الظلم هو الشرك، والتنجية: الإنجاء من شرهم وأذاهم وشركهم وكفرهم.
٧ المنزل بضم الميم: وفتح الزاي: مصدر الذي هو الإنزال، وبفتح الميم وكسر الزاي هو مكان النزول أي: أنزلني موضعاً مباركاً، والمنزل بفتح الميم والزاي معاً: مصدر نزل نزولا ومنزلاً.

صفحة رقم 514

خيراً فقل ﴿وأنت خير المنزلين﴾ ١، وقوله تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات﴾ أي المذكور من قصة نوح لدلائل على قدرة الله وعلمه ورحمته وحكمته ووجوب الإيمان به وتوحيده في عبادته. وقوله: ﴿وإن كنا لمبتلين﴾ أي مختبرين عبادنا بالخير والشر ليرى الكافر من المؤمن، والمطيع من العاصي ويتم الجزاء حسب ذلك إظهاراً للعدالة الإلهية والرحمة الربانية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- إثبات الوحي الإلهي وتقرير النبوة المحمدية.
٢- تقرير حادثة الطوفان المعروفة لدى المؤرخين.
٣- بيان عاقبة الظلم وأنه هلاك الظالمين.
٤- سنية قول بسم الله والحمد لله سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون عند ركوب الدابة أو السفينة ونحوها كالسيارة والطيارة.
٥- استحباب الدعاء وسؤال الله تعالى ما العبد في حاجة إليه من خير الدنيا.
٦- بيان سر ذكر قصة نوح وهو ما فيها من العظات والعبر.
ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (٣١) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (٣٢) وَقَالَ الْمَلا مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ

١ في الآية تعليم للمؤمنين إذا ركبوا أو نزلوا أن يدعوا بهذا الدعاء بل حتى إذا دخلوا بيوتهم وسلموا فقد كان عليّ رضي الله عنه إذا دخل المسجد دعا بهذا الدعاء: ﴿ربّ أنزلني..﴾ الخ.

صفحة رقم 515
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية