آيات من القرآن الكريم

قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ
ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

وذلك إنما يكون في الدنيا لا في الآخرة.
ثم اختلف في العادين: قَالَ بَعْضُهُمْ: هم الملائكة الذين يكتبون أعمالهم في هذه الدنيا ويرقبونهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: هم ملك الموت وأعوانه.
وقوله: (قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)
أي: ما لبثتم إلا قليلا لو كنتم تعلمون، ولكن لا تعلمون.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: (سِخْرِيًّا) بكسر السين، أي: يسخرون منهم، و (سُخْرِيًّا): بضمها، أي: يتسخرونهم من السخرية عبثًا.
وقوله: (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي)، أي: شغلكم أمرهم عن ذكري، والوجه فيه ما ذكرنا فيما تقدم.
وقوله: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (١١٥)
قوله: (أَفَحَسِبْتُمْ): يحتمل وجهين:
أحدهما: (أَفَحَسِبْتُمْ): قد حسبتم أنما خلقناكم عبثًا.
والثاني: (أَفَحَسِبْتُمْ)، أي: لا تحسبوا أنا إنما خلقناكم عبثًا.
(وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).
صير خلقه الخلق لا للرجوع والبعث عبثا؛ لوجهين:
أحدهما: لأن خلقه إياهم لا لعاقبة تتأمل أو لمنافع تقصد؛ للهلاك خاصة وللفناء - عبث؛ كبناء المباني لا لمنفعة تقصد به، ولكن للنقض يكون عبثًا في الشاهد، وهو ما قال في آية أخرى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا): سفهها في غزلها للنقض خاصة لا لمنفعة قصدت به، ونهانا أن نفعل مثل فعلها؛ فلو لم يكن المقصود من خلق الخلق إلا الموت والفناء خاصة، لا لعاقبة تقصد - كان سفهًا وعبثًا.
والثاني: ما أخبر أنه إنما أنشأ هذا العالم غير البشر لهذا البشر، وله سخر ذلك كله؛ حيث قال: (وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)؛ إذ ليس لغير البشر منفعة بهذه النعم التي أنشأها لهم، من نحو الجن والملائكة ونحوهم؛ إذ لهم قوام بدون ذلك: من الشمس، والقمر، ونحوه من النعم؛ إنما ذلك للبشر خاصة، فإذا كان

صفحة رقم 500
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية