
سورة المؤمنون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١ الى ١١]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ (٢) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (٣) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ (٤)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٨) وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ (٩)
أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١)
سورة المؤمنين مكية في قول الجميع.
(١٠١٢) روى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «لقد أُنزلت علينا عشر آيات من أقامهنَّ دخل الجنة، ثم قرأ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) إِلى عشر آيات»، رواه الحاكم أبو عبد الله في «صحيحه».
(١٠١٣) وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إِن الله تعالى حاط حائط الجنّة
ضعيف. أخرجه البزار ٣٥٠٨ وأبو نعيم في «حلية الأولياء» ٦/ ٢٠٤ وفي «صفة الجنة» ١/ ١٣٧/ ١٤٠ والبيهقي في «البعث» ٢٣٦ من حديث أبي سعيد وضعفه البزار بقوله: لا نعلم رفعه إلا عدي بن الفضل، وليس هو بالحافظ، وكذا ضعفه البيهقي. وجاء في «الميزان» : عدي بن الفضل، قال ابن معين وأبو حاتم:
متروك الحديث، وقال يحيى: لا يكتب حديثه، وقال غير واحد: ضعيف اه. فالرجل ضعيف جدا. وله شاهد: أخرجه الحاكم ٢/ ٣٩٢ والبيهقي في «الصفات» ٢/ ٤٧ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ١٧ من حديث أنس، وإسناده ضعيف لضعف علي بن عاصم الواسطي. وذكره الذهبي في «الميزان» بهذا الحديث وحديث آخر، وقال: هذان باطلان اه. والحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: بل ضعيف اه. وله شاهد من حديث ابن عباس، أخرجه الطبراني في ١١٤٣٩ وفي «الأوسط» ٤٧٦ وأبو نعيم في «صفة الجنة» ١٦.
وقال المنذري في «الترغيب والترهيب» ٥٤٦٨: رواه الطبراني في الكبير والأوسط بإسنادين أحدهما جيد.
وتبعه على ذلك الهيثمي في «المجمع» ١٨٦٣٩، وأما ابن كثير- رحمه الله- فأعلّه بضعف رواية بقية عن الحجازيين والمعروف أن إسماعيل بن عياش هو الذي بهذه الصفة، وإنما علّة الحديث هي أن بقية مدلس، وقد عنعن، قال أحمد: توهمت أن بقية، لا يحدث المناكير إلا عن المجاهيل، فإذا هو يحدث المناكير عن المشاهير. وللحديث علة أخرى ابن جريج أيضا مدلس، وقد عنعن، لكن الحمل فيه على بقية أولى. والله أعلم.
تنبيه: وقع في الأوسط تصريح بقية بالتحديث، وهو خطأ من شيخ الطبراني أو من هشام بن خالد فإنه كان يجعل ما رواه بقية ب «عن» «حدثنا» توهما، راجع ذلك في الميزان، وانظر «تفسير ابن كثير» ٣/ ٢٩٩ والشوكاني ١٦٨٩ بتخريجنا.

لَبِنَة من ذهب ولَبِنَة من فضة، وغرس غرسها بيده فقال لها: تكلَّمي، فقالت: قد أفلح المؤمنون، فقال لها: طوبى لكِ منزل الملوك».
قال الفرّاء: «قد» ها هنا يجوز أن تكون تأكيداً لفلاح المؤمنين. ويجوز أن تكون تقريباً للماضي من الحال، لأن «قد» تقرِّب الماضي من الحال حتى تُلحقَه بحكمه، ألا تراهم يقولون: قد قامت الصلاة، قبل حال قيامها، فيكون معنى الآية: إِن الفلاح قد حصل لهم وإِنهم عليه في الحال. وقرأ أُبيّ بن كعب، وعكرمة، وعاصم الجحدري، وطلحة بن مصرِّف: «قد أُفْلِحَ» بضم الألف وكسر اللام وفتح الحاء، على ما لم يُسمَّ فاعله. قال الزجاج: ومعنى الآية: قد نال المؤمنون البقاء الدائم في الخير. ومن قرأ: «قد أُفْلِحَ» بضم الألف، كان معناه: قد أُصيروا إِلى الفلاح. وأصل الخشوع في اللغة: الخضوع والتواضع. وفي المراد بالخشوع في الصلاة أربعة أقوال: «١» أحدها: أنه النظر إِلى موضع السجود.
(١٠١٤) روى أبو هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إِذا صلى رفع بصره إِلى السماء، فنزلت:
«الذين هم في صلاتهم خاشعون» فنكس رأسه. وإِلى هذا المعنى ذهب مسلم بن يسار، وقتادة.
والثاني: أنه تركُ الالتفات في الصلاة، وأن تُلين كنفك للرجل المسلم، قاله عليّ بن أبي طالب.
صحيح على شرط الشيخين لولا خلاف فيه على محمد، فقد قيل عنه مرسلا. وصوب الذهبي الإرسال، وهو كما قال كذا رواه الثقات عند الطبري، ومع ذلك لا يصح رفعه. فقد أخرجه الطبري عن ابن سيرين قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم... ليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فالصواب موقوف. وأخرجه الطبري ٢٥٤١٤ بسند صحيح عن ابن سيرين مرسلا، والمرسل من قسم الضعيف. وكرره ٢٥٤١٦ من وجه آخر عن ابن سيرين قال: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم... وهذا ضعيف لجهالة المنبئ لابن سيرين. وانظر «أحكام القرآن» ١٥٢٣، و «تفسير الشوكاني» ١٦٩٣، والله الموفق.
__________
(١) قال الطبري رحمه الله ٩/ ١٩٨: الخشوع: التذلل والخضوع، ولم يكن الله تعالى ذكره دلّ على أن مراده من ذلك معنى دون معنى في عقل ولا خبر، فكان معلوما أن معنى مراده من ذلك العموم، وتأويل الكلام على ذلك أنه: والذين هم في صلاتهم متذللون لله بإدامة ما ألزمهم من فرضه وعبادته، وإذا تذلل لله فيها العبد رؤيت ذلة خضوعه في سكون أطرافه، وشغله بفرضه وتركه ما أمر بتركه فيها.