
وخدمته ويشرفنا بجنته ووصلته لِكُلِّ أُمَّةٍ معينة من الأمم الماضية والباقية والامة جماعة أرسل إليهم رسول جَعَلْنا [معين ساختيم] مَنْسَكاً مصدر مأخوذ من النسك وهو العبادة اى شريعة خاصة لا لامة اخرى منهم على معنى عينا كل شريعة لامة معينة من الأمم بحيث لا تتخطى امة منهم شريعتها المعينة لها الى شريعة اخرى لا استقلالا ولا اشتراكا هُمْ ناسِكُوهُ صفة لمنسكا مؤكدة للقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور على الفعل والضمير لكل امة باعتبار خصوصها اى تلك الامة المعينة ناسكوه والعاملون به لامة اخرى فالامة التي كانت من مبعث موسى الى مبعث عيسى عليهما السلام منسكهم التوراة هم ناسكوها والعاملون بها لا غيرهم والامة التي من مبعث عيسى الى مبعث النبي عليه السلام منسكهم الإنجيل هم ناسكوه والعاملون به لا غيرهم واما الامة الموجودة عند بعث النبي عليه السلام ومن بعدهم من الموجودين الى يوم القيامة فهم امة واحدة منسكهم الفرقان ليس الا فَلا يُنازِعُنَّكَ اى من يعاصرك من اهل الملل يقال نزع الشيء جذبه من مقره كنزع القوس عن كبده والمنازعة المخاصمة فِي الْأَمْرِ اى فى امر الدين زعما منهم ان شريعتهم ما عين لآبائهم الأولين من التوراة والإنجيل فانهما شريعتان لمن مضى من الأمم قبل انتساخهما وهؤلاء امة مستقلة منسكهم القرآن المجيد فحسب: وبالفارسية [بس بايد كه نزاع نكنند سائر ارباب أديان با تو در كار دين چهـ امر دين توازان ظاهر ترست كه تصور نزاع در ان توان كرد در نور آفتاب چهـ جاى تأمل است] وَادْعُ الناس كافة ولا تخص امة دون امة بالدعوة فان كل الناس أمتك إِلى رَبِّكَ الى توحيده وعبادته حسبما بين لهم فى منسكهم وشريعتهم إِنَّكَ لَعَلى هُدىً مُسْتَقِيمٍ اى طريق موصل الى الحق سوىّ وهو الدين وَإِنْ جادَلُوكَ وخاصموك بعد ظهور الحق ولزوم الحجة وأصله من جدلت الحبل اى حكمت فتله فكأن المجادلين يفتل كل واحد.
منهما الآخر عن رأيه فَقُلِ لهم على سبيل الوعيد اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ من الأباطيل التي من جملتها المجادلة فيجازيكم عليها اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يفصل بين المؤمنين منكم والكافرين يَوْمَ الْقِيامَةِ بالثواب والعقاب كما فصل فى الدنيا بالحجج والآيات فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ من امر الدين أَلَمْ تَعْلَمْ الاستفهام للتقرير اى قد علمت أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ فلا يخفى عليه شىء من الأشياء التي من جملتها ما يقول الكفرة وما يعملونه إِنَّ ذلِكَ اى ما فى السماء والأرض فِي كِتابٍ هو اللوح قد كتب فيه قبل حدوثه فلا يهمنك أمرهم مع علمنا به وحفظنا له إِنَّ ذلِكَ اى ما ذكر من العلم والإحاطة به وإثباته فى اللوح عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ سهل: وبالفارسية [آسانست] فان علمه وقدرته مقتضى ذاته فلا يخفى عليه شىء ولا يعسر عليه مقدور وفى الآيات إشارات منها ان لكل فريق من الطلاب شرعة هم واردوها ولكل قوم طريقة هم سالكوها ومقاماهم سكانه ومحلاهم قطانه ربط كل جماعة بما أهلهم وأوصل كل ذوى رتبة الى ما جعله محلهم فبساط التعبد موطوء باقدام العابدين ومشاهد الاجتهاد معمورة باصحاب

الكلف من المجتهدين ومجالس اصحاب المعارف مأنوسة بلوازم العارفين ومنازل المحبين مأهولة بحضور الواجدين ولتفاوت مقامات السلوك والموصول تفاوتت الدعوة الى الله تعالى فمنهم من يدعو الخلق من باب الفناء فى حقيقة العبودية وهو قوله تعالى (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة العبودية وهو الذلة والافتقار وما يقتضيه مقام العبودية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق الرحمانية ومنهم من يدعوهم من باب ملاحظة الأخلاق بالقهرية ومنهم من يدعوهم من باب الأخلاق الالهية وهو ارفع باب واجله وقد قالوا الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلائق وبعدد الأنفاس الالهية فان الشؤون المتجددة من الله تعالى فى كل مظهر أنفاس الالهية ومنها ان اهل المجادلة هم اهل التأبي والإنكار والاعتراض والله اعلم بأحوالهم ويحكم يوم القيامة بين كل فريق بما يناسب حاله اما الأجانب فيقول لهم (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) واما الأولياء فقوم منهم يحاسبهم حسابا يسيرا وصنف منهم يؤتون أجورهم بغير حساب واما الأحباب فيقعدون فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ومنها ان السماء سماء القلب وقيه نور اليقين والصدق والإخلاص والمحبة والأرض ارض البشرية والنفس الامارة وفيها ظلمة الشك والكذب والشرك وحرص الدنيا فيزيل الله عن ارباب القلوب البلوى ويجمل لهم النعمى وتنزل بأرباب النفوس البلوى ولا يسمع منهم الشكوى ان ذلك فى كتاب مكتوب بقلم التقدير فى القدم كما قال الشيخ سعدى
كرت صورت خال بد يا نكوست | نكاريده دست تقدير اوست |
قضا كشتى آنجا كه خواهد برد | وكر ناخدا جامه بر تن درد |