
- قَوْله تَعَالَى: وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه خسر الدُّنْيَا والآخره ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين يَدْعُو من دون الله مَا لَا يضرّهُ وَمَا لَا يَنْفَعهُ ذَلِك هُوَ الضلال الْبعيد يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه لبئس الْمولى ولبئس العشير إِن الله يدْخل الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار ان الله يفعل مَا يُرِيد
أخرج البُخَارِيّ وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يقدم الْمَدِينَة فَإِن ولدت امْرَأَته غُلَاما ونتجت خيله قَالَ: هَذَا دين صَالح وَإِن لم تَلد امْرَأَته وَلم تنْتج خيله قَالَ: هَذَا دين سوء
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه بِسَنَد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ نَاس من الْأَعْرَاب يأْتونَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيسلمون فَإِذا رجعُوا إِلَى بِلَادهمْ فَإِن وجدوا عَام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قَالُوا: إِن ديننَا هَذَا صَالح فَتمسكُوا بِهِ وَإِن وجدوا عَام جَدب وعام ولاد سوء وعام قحط قَالُوا: مَا فِي ديننَا هَذَا خير
فَأنْزل الله ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْآيَة قَالَ: كَانَ أحدهم إِذا قدم الْمَدِينَة - وَهِي أَرض وبيئة - فَإِن صَحَّ بهَا

جِسْمه ونتجبت فرسه مهْرا حسنا وَولدت امْرَأَته غُلَاما رَضِي بِهِ وَاطْمَأَنَّ اليه وَقَالَ: مَا أصبت مُنْذُ كنت على ديني هَذَا إِلَّا خيرا وَإِن رَجَعَ الْمَدِينَة وَولدت امْرَأَته جَارِيَة وتأخرت عَنهُ الصَّدَقَة أَتَاهُ الشَّيْطَان فَقَالَ: وَالله مَا أصبت مُنْذُ كنت على دينك هَذَا إِلَّا شرا
وَذَلِكَ الْفِتْنَة
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عَطِيَّة عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: أسلم رجل من الْيَهُود فَذهب بَصَره وَمَاله وَولده فتشاءم بِالْإِسْلَامِ فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أَقلنِي
فَقَالَ: إِن الْإِسْلَام لَا يُقَال
فَقَالَ: لم أصب فِي ديني هَذَا خيرا
ذهب بَصرِي وَمَالِي وَمَات وَلَدي
فَقَالَ: يَا يَهُودِيّ الْإِسْلَام يسبك الرِّجَال كَمَا تسبك النَّار خبث الْحَدِيد وَالذَّهَب وَالْفِضَّة
وَنزلت: ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَابْن أبي شيبَة وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾ قَالَ: على شكّ
وَفِي قَوْله ﴿فَإِن أَصَابَهُ خير﴾ قَالَ: رخاء وعافية ﴿اطْمَأَن بِهِ﴾ قَالَ: اسْتَقر ﴿وَإِن أَصَابَته فتْنَة﴾ قَالَ: عَذَاب ومصيبة ﴿انْقَلب على وَجهه﴾ قَالَ: ارْتَدَّ على وَجهه كَافِرًا
وَأخرج عبد بن حميد عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾ قَالَ: كَانَ الرجل يَأْتِي الْمَدِينَة مُهَاجرا فَإِن صَحَّ جِسْمه وَتَتَابَعَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَة وَولدت امْرَأَته غُلَاما وأنتجت فرسه مهْرا قَالَ: وَالله لنعم الدّين وجدت دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا مَا زلت أعرف الزِّيَادَة فِي جَسَدِي وَوَلَدي وَإِن سقم بهَا جِسْمه واحتبست عَلَيْهِ الصَّدَقَة وأزلقت فرسه وأصابته الْحَاجة وَولدت امْرَأَته الْجَارِيَة قَالَ: وَالله لبئس الدّين دين مُحَمَّد هَذَا وَالله مَا زلت أعرف النُّقْصَان فِي جَسَدِي وَأَهلي وَوَلَدي وَمَالِي
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَعبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله ﴿وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف﴾ قَالَ: على شكّ ﴿فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه﴾ يَقُول: إِن أصَاب خصباً وسلوة من عَيْش وَمَا يَشْتَهِي اطْمَأَن إِلَيْهِ وَقَالَ: أَنا على حق وَأَنا أعرف الَّذِي أَنا عَلَيْهِ ﴿وَإِن أَصَابَته فتْنَة﴾ أَي بلَاء ﴿انْقَلب على وَجهه﴾ يَقُول: ترك مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْحق

فَأنْكر مَعْرفَته خسر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
يَقُول: خسر دُنْيَاهُ الَّتِي كَانَ لَهَا يحزن وَبهَا يفرح وَلها يسْخط وَلها يرضى وَهِي همه وسدمه وطلبته وَنِيَّته ثمَّ أفْضى إِلَى الْآخِرَة وَلَيْسَ لَهُ حَسَنَة يعْطى بهَا خيرا ﴿ذَلِك هُوَ الخسران الْمُبين﴾
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ فِي قَوْله ﴿يَدْعُو من دون الله مَا لَا يضرّهُ﴾ إِن عَصَاهُ فِي الدُّنْيَا ﴿وَمَا لَا يَنْفَعهُ﴾ إِن أطاعه وَهُوَ الصَّنَم ﴿يَدْعُو لمن ضره أقرب من نَفعه﴾ يَقُول: ضره فِي الْآخِرَة من أجل عِبَادَته إِيَّاه فِي الدُّنْيَا ﴿لبئس الْمولى﴾ يَقُول: الصَّنَم
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد ﴿لبئس الْمولى ولبئس العشير﴾ قَالَ: الصاحب