
قوله: ﴿والتي أَحْصَنَتْ﴾ : يجوز أَنْ ينتصِبَ نَسَقاً على ما قبلَها، وأن ينتصِبَ بإضمارِ اذكُرْ، وأن يرتفعَ بالابتداء، والخبرُ محذوف أي: وفيما يُتْلى عليكم التي أحصنت. ويجوز أن يكونَ الخبرُ «فنفَخْنا» وزِيْدَت
صفحة رقم 194
الفاءُ على رأي الأخفش نحو: «زيدٌ فقائمٌ».
وفي كلامِ الزمخشري «فَنَفَخْنا الروحَ في عيسى فيها». قال الشيخ مؤاخِذاً له: «فاستعمل» نَفَخَ «متعدياً». والمحفوظُ أنه لا يتعدى فيحتاج في تَعَدِّيه إلى سماعٍ، وغيرَ متعدٍّ استعمله هو في قولِه «أي: نَفَخَتْ في المِزْمار» انتهى ما واخَذَه به. قلت: وقد سُمِعَ «نَفَخَ» متعدياً. ويَدُلُّ على ذلك ما قُرِىء في الشاذ «فأنفخها فيكونُ طائراً» وقد حكاها هو قراءةً فكيف يُنْكِرُها؟ فعليك بالالتفات إلى ذلك.
قوله: ﴿آيَةً﴾ إنما لم يطابِقْ المفعولَ الأولَ فيُثَنَّي الثاني؛ لأنَّ كلاً منهما آيةٌ بالآخر فصارا آيةً واحدة. أو نقولُ: إنَّه حُذِف من الأولِ لدلالةِ الثاني، أو بالعكس أي: وَجَعْلنا ابنَ مريمَ آيةً. وأمَّه كذلك. وهو نظيرُ الحذفِ في قولِه ﴿والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ﴾ [التوبة: ٦٢] وقد تقدَّم.