
بسوء. و (من) في قوله: ﴿مِنَ الْقَوْمِ﴾ (١) من صلة معنى النصر (٢).
قال المبرد: وكأن تقديره: ونصرناه من مكروه القوم (٣).
وقال أبو عبيدة (من) بمعنى على (٤). والأول الوجه.
وقوله تعالى: ﴿فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [قال الكلبي] (٥): يعني الصغير والكبير (٦)، فلم يبق منهم أحد (٧).
٧٨ - قوله تعالى: ﴿وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ أكثر المفسرين على أن الحرث كان كرمًا قد نبتت عناقيده (٨).
وهو قول ابن مسعود (٩)، ومسروق (١٠)،
(٢) وعلى هذا الوجه (نصرناه) ضمن معنى منعناه، وقدره بعضهم بعضمناه أو أنجيناه، ولما ضمن هذا المعنى عدي تعديته، فعدى بـ (من). انظر: "البحر المحيط" لأبي حيان ٦/ ٣٣٠، "الدر المصون" للسمين الحلبي ٨/ ١٨٤، "أضواء البيان" للشنقيطي ٤/ ٥٣٠. قال ابن عاشور ١٧/ ١١٣: وهو أبلغ من تعديته بـ (على) لأنه يدل على نصر قوي تحصل به المنعة والحماية فلا يناله العدو بشيء، وأما نصره عليه فلا يدل إلا على المدافعة والمعونة. أهـ.
(٣) ذكره الرازي ٢٢/ ١٩٤ عن المبرد.
(٤) ذكره عنه الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٣ أ، ولم أقف عليه في مجال القرآن.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ع).
(٦) (والكبير) ساقط من (د)، (ع).
(٧) ذكره القرطبي ١١/ ٣٠٦ من غير نسبة لأحد. وانظر: "تفسير ابن كثير" ٣/ ١٨٥.
(٨) في (د)، (ع): (عنبًا قيده).
(٩) رواه الطبري ١٧/ ٥١، والحاكم ٢/ ٨٨٥، والبيهقي في "السنن الكبرى" ١٠/ ١١٨، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٥/ ٥٤٦، وعزاه لابن جرير وابن مردويه والحاكم والبيهقي في "سننه".
(١٠) رواه سفيان الثوري في "تفسيره" ص ٢٠٥، وعبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٦، =

ومعمر (١)، وشريح (٢)، وابن عباس في رواية عطاء (٣).
وقال قتادة: كان زرعا (٤).
وقوله تعالى: ﴿إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ﴾ أي: رعت ليلًا. في قول جميع المفسرين (٥).
قال ابن السكيت: النَّفْشُ: أن تنتشر (٦) الغنم بالليل ترعى بلا راعٍ.
وقد أنفشها صاحبها، إذا أرسلها بالليل ترعى بلا راعٍ. وهي غنم نُفَّاش (٧) وَنَفَاش ونَفَش (٨). وأنشد:
(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٦.
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" ١٧/ ٥١، وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٣ أ.
(٣) ذكره عن ابن عباس: البغوي ٥/ ٣٣١ من غير نص على أنه من رواية عطاء.
(٤) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٢٦، والطبري ١٧/ ٥٠. وذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٣٣ أ.
قال الطبري ١٧/ ٥١: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قال الله تبارك وتعالى ﴿إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ﴾ والحرث: إنما هو حرث الأرض. وجائز أن يكون ذلك كان زرعًا، وجائز أن يكون غرسًا، وغير ضائر الجهل بأي ذلك كان.
(٥) انظر: "الطبري" ١٧/ ٥١ - ٥٣، و"الدر المنثور" للسيوطي ٥/ ٦٤٦ - ٦٤٧.
(٦) في (أ): (إذ ينتشر)، وفي (ع): (أو ينشر)، والتصويب من "تهذيب اللغة" و"إصلاح المنطق".
(٧) كرُمَّان. كذا ضبطها الزبيدي في "تاج العروس" ١٧/ ٤٢٢ (نفش).
(٨) بالتحريك كذا ضبطها الجوهري في "الصحاح" ٣/ ١٠ (نفش)، والفيروزآبادي في "القاموس المحيط" ٢/ ٢٩٠ (نفش). وذكر الزبيدي في "تاج العروس" ١٧/ ٤٢٢ (نفش) وجهًا آخر وهو: نفَّش، كَسْكَّر.

فما لها الليلة من إنفاش (١)
وقال الليث. إبلٌ نَافِشَةٌ ونَوَافِشٌ، وهي التي تردد بالليل في المرعى (٢) بلا راعٍ (٣).
وكانت هذه القصة على ما ذكره المفسرون: أن رجلين (٤) دخلا على
أجرس لها يا ابن أبي كباش
والشطر المستشهد به ليس في إصلاح المنطق لابن السكيت (ص ٤١) وإنما فيه الشطر الأول: أجرس..
لكن ذكر الشطرين أبو البقاء العكبري في كتابه "المشوف المعلم في ترتيب الإصلاح على حروف المعجم" ٢/ ٧٨٣، ونسب الرجز لرجل من بني فقعس، قال: ويقال: هو لمسعود عبد بني الحارث بن حجر الفزاري.
والشطر في "التكملة" للصاغاني ٣/ ٣٣١ منسوبًا لمسعود عبد بني الحارث. وفي "تاج العروس" ١٧/ ٤٠٦ (نجش) منسوبًا لأبي محمد الفقعسي، أو مسعود. ومن غير نسبة في: "الصحاح" ٣/ ١٠٢٢ (نفش)، "اللسان" ٦/ ٣٦ (جرس)، ٦/ ٣٥١ (نفش)، ٦/ ٣٥٨ (نفش). وكلام ابن السكيت في "تهذيب اللغة" للأزهري (١١ - ٣٧٦ - ٣٧٧) (نفش) مع اختلاف في العبارة، وليس في التهذيب: ونفاش ونفش. وهو أيضًا في "إصلاح المنطق" لابن السكيت ص ٤١.
(٢) في (د)، (ع): (المراعي).
(٣) "العين" ٦/ ٢٦٨ (نفش): (وإبل نوافش): ترددت بالليل في المراعي بلا راعٍ. وفي "مقاييس اللغة" لابن فارس ٥/ ٤٦١ (نفش): (نفشت الإبل: ترددت وانشرت بلا راع، وفعلها نفش، وإبل نُفَّاش ونوافش.
(٤) ذكر ابن عاشور ١٧/ ١١٩: أن ما ورد في الروايات عن ذكر رجلين، فإنما يحمل على أن الذين حضرا للحصومة هما راعي الغنم وعامل الحرث، وإلا فإن الغنم كانت لجماعة من الناس كما يؤخذ ذلك من قوله تعالى (غنم القوم)، وكذلك كان الحرث شركة بين أناس كما يؤخذ ذلك مما أخرجه ابن جرير من كلام مرة ومجاهد وقتادة، وما ذكره ابن كثير من رواية ابن أبي حاتم عن مسروق.. أهـ. بتصرف.

داود، أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الحرث: إن هذا (١) أنفلتت (٢) غنمه ليلاً فوقعت في حرثي ولم (٣) تبق منه شيئًا، فقال (٤): لك رقاب الغنم، فقال سليمان -وهو عنده: أو غير ذلك؟: ينطلق أصاب الكرم (٥) بالغنم فيصيبوا من ألبانها ومنافعها، ويقوم أصحاب الغنم على الكرم حتى إذا كان كليلة نفشت فيه دفع هؤلاء إلى هؤلاء غنمهم، ودفع هؤلاء إلى هؤلاء كرمهم، فقال داود: القضاء ما قضيت، وحكم بذلك، فهو قوله: ﴿وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ﴾ (٦).
قال ابن عباس: يريد لم يغب عني من أمرهم شيئًا.
قال الفراء: جمع اثنين فقال (لحكمهم) وهو يريد داود وسليمان؛ لأن الاثنين جمع (٧)، وهو مثل قوله: ﴿فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ﴾ (٨) [النساء: ١١] يريد: أخوين (٩).
وقال غيره: إنما جمع لذكر القوم الذين تحاكموا إليه، والحكم لا
(٢) في (أ): (انفتلت)، وفي (د): (انقلبت)، وفي (ع): (انقلب) مهملة. والتصويب من "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣٣ أفالنص منقول عنه. وانفلتت: من الانفلات وهو التخلص من الشيء فجأة من غير تمكث. "لسان العرب" لابن منظور ٢/ ٦٦ (فلت).
(٣) في (د)، (ع): (فلم).
(٤) يعني داود عليه السلام.
(٥) الكرم: العنب. "الصحاح" للجوهري ٥/ ٢٠٢٠ (كرم).
(٦) "الكشف والبيان" للثعلبي ٣/ ٣٣ أ- ب، و"تفسير الطبري" ١٧/ ٥١ - ٥٤.
(٧) عند الفراء: إذ جمع اثنين.
(٨) في جميع النسخ: (وإن)، وهو خطأ.
(٩) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٠٨ مع تصرف في العبارة. وفيه: أخوين فما زاد.