آيات من القرآن الكريم

قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ
ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ ﰿ ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

وفعلاً لما خرجوا إلى عيد لهم يقضون يوماً خارج المدينة أتى تلك التماثيل فكسرها فجعلها قطعاً متناثرة هنا وهناك إلا صنماً كبيراً لهم تركه١ ﴿لعلهم إليه يرجعون﴾ أي يرجعون إلى إبراهيم فيعبدون معه ربّه سبحانه وتعالى عندما يتبيّن لهم بطلان عبادة الأصنام لأنها لم تستطع أن تدفع عن نفسها فكيف تدفع عن غيرها.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- مظاهر إنعام الله وإكرامه لمن أصطفى من عباده.
٢- تقرير النبوة والتوحيد، والتنديد بالشرك والمشركين.
٣- ذم التقليد وأنه ليس بدليل ولا برهان للمقلد على ما يعتقد أو يفعل.
٤- مشروعية الشهادة وفضلها في مواطن تعز فيها ويحتاج إليها.
٥- تغيير المنكر باليد لمن قدر عليه مقدم على تغييره باللسان والجمع بينهما أفضل.
قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (٥٩) قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (٦٠) قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (٦١) قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (٦٢) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ (٦٣) فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ (٦٤) ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاء يَنطِقُونَ (٦٥)
شرح الكلمات:
بآلهتنا: أي بأصنامهم التي سموها آلهة لأنهم يعبدونها ويؤلهونها.

١ تركه لم يكسره وعلّق الفأس في عنقه. وقوله: ﴿لعلهم إليه يرجعون﴾ : جائز أن يكون المراد بالرجوع إلى الصنم في تكسيرها، وما في التفسير أولى وأصوب.

صفحة رقم 422

فتى يذكرهم: أي بالعيب والانتقاص.
على أعين الناس: أي ظاهراً يرونه بأعينهم.
يشهدون: أي عليه بأنه الذي كسر الآلهة، ويشهدون العقوبة التي ننزلها به.
أأنت فعلت هذا: هذه صيغة الاستنطاق والاستجواب.
بل فعله كبيرهم هذا: أشار إلى إصبعه نحو الصنم الكبير الذي علق به الفأس قائلاً بل فعله كبيرهم هذا وَوَرَّى بإصبعه تحاشيا للكذب.
يرجعوا إلى أنفسهم: أي بعد التفكر والتأمل حكموا على أنفسهم بالظلم لعبادتهم مالا ينطق.
نكسوا على رؤوسهم: أي بعد اعترافهم بالحق رجعوا إلى إقرار الباطل فكانوا كمن نكس فجعل رأسه أسفل ورجلاه أعلى.
ما هؤلاء ينطقون: فكيف تطلب منا أن نسألهم.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم فيما دار بين إبراهيم الخليل وقومه من حوار حول العقيدة انه لما استغل إبراهيم فرصة خروج القوم إلى عيدهم خارج البلد ودخل البهو فكسر الآلهة فجعلها قطعاً متناثرة وعلق الفأس بكبير الآلهة المزعومة وعظيمها وخرج فلما جاء المساء وعادوا إلى البلد ذهبوا إلى الآلهة المزعومة لأخذ الطعام الموضوع بين يديها لتباركه في زعمهم واعتقادهم الباطل وجدوها مهشمة مكسرة صاحوا قائلين: ﴿من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين﴾ فأجاب بعضهم بعضاً قائلاً: ﴿سمعنا١ فتى يذكرهم﴾ أي شاباً يذكر الآلهة بعيب وازدراء، واسمه إبراهيم، وهنا قالوا إذاً ﴿فأتوا به على أعين٢ الناس﴾ لنشاهده ونحقق معه فإذا ثبت أنه هو عاقبناه وتشهد الناس عقوبته فيكون ذلك نكالاً لغيره، وجاءوا به عليه السلام وأخذوا في استنطاقه فقالوا ما أخبر تعالى به عنهم: ﴿أأنت فعلت هذا﴾

١ جائز أن يكون إبراهيم لما قال: متوعداً أصنامهم ﴿تالله لأكيدن أصنامكن﴾ كان هناك من سمعه من ضعفة القوم أو سمعه من سمعه يعيب الآلهة قبل أن يتوعدها بالكسر.
٢ في هذا دليل على أنه كان لا يؤاخذ أحد بدعوى أحد قد لا تثبت بل لابد من التحري حتى تثبت أو لا تثبت كما هو في شرعنا الإسلامي.

صفحة رقم 423

أي التكسير والتحطيم ﴿يا إبراهيم﴾ ؟ فأجابهم بما أخبر تعالى به عنه بقوله: ﴿قال بل فعله١ كبيرهم هذا﴾ يشير بإصبعه إلى كبير الآلهة تورية، ﴿فاسألوهم إن كانوا ينطقون﴾ تقريعاً لهم وتوبيخاً وهنا رجعوا إلى أنفسهم باللائمة فقالوا: ﴿إنكم أنتم الظالمون﴾ أي حيث تألهون مالا ينطق ولا يجيب ولا يدفع عن نفسه فكيف عن غيره، وقوله تعالى: ﴿ثم نكسو على رؤوسهم٢﴾ أي قلبهم الله رأساً على عقب فبعد أن عرفوا الحق ولاموا على أنفسهم عادوا إلى الجدال بالباطل فقالوا: ﴿لقد علمت﴾ أي يا إبراهيم ما ﴿هؤلاء ينطقون﴾ فكيف تطلب منا أن نسألهم وأنت تعلم أنهم لا ينطقون. كما أن اعترافهم بعدم نطق الآلهة المدعاة إنتكاس منهم إذ اعترفوا ببطلان تلك الآلهة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الظلم معروف لدى البشر كلهم ومنكر بينهم ولولا ظلمة النفوس لما أقروه بينهم.
٢- إقامة البينة على الدعاوي أمر مقرر في عرف الناس وجاءت به الشرائع من قبل.
٣- أسلوب المحاكمة يعتمد على الاستنطاق والاستجواب أولا.
٤- مشروعية التورية خشية القول بالكذب٣.
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٧) قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ

١ قوله: ﴿بل فعله كبيرهم هذا﴾ قاله من أجل أن يقولوا: إنهم لا ينطقون ولا ينفعون ولا يضرّون فيقول لهم: فلم تعبدونهم إذاً؟! فتقوم له الحجة عليهم من أنفسهم ولذا يجوز فرض الباطل مع الخصم حتى يرجع إلى الحق من ذات نفسه فإنه أقطع للشبهة وأقرب في الحجة.
٢ قال ابن عباس رضي الله عنهما: أدركهم الشقاء فعادوا إلى كفرهم.
٣ الكذب: هو الإخبار بما يخالف الواقع، والتورية: أن يقول أو يفعل شيئاً ويوري بغيره تجنباً للكذب، وفي الحديث الصحيح: "لم يكذب إبراهيم النبي في شيء قط إلا في ثلاث: قوله: إني سقيم، وقوله لسارة: أختي، وقوله: بل فعله كبيرهم" وهي في الواقع معاريض وليست بالكذب الصريح، وكانت في ذات الله تعالى.

صفحة رقم 424
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية