آيات من القرآن الكريم

قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝ ﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨ

وقد قال ابن زيد: معناه: خلق الإنسان على عجل. خلق آدم آخر النهار من يوم الجمعة، فخلقه الله على عجل وجعله عجولاً.
وقال الأخفش: إنما خلق الإنسان من عجل، لأنه خلق على تعجيل من الأمر، لأنه إنما قال له كن فكان. فخلق على استعجال وقال جماعة من النحويين: هو مقلوب. والمعنى: خلق العجل من الإنسان.
وقيل: المعنى: خلق الإنسان من طين، لأن العجل من الطين.
ثم قال: ﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾.
أي: سأوريكم أيها المستعجلون ربهم بالآيات، القائلون لنبيه " فليأتنا بآية " فلا تستعجلون بالآيات فستأتيكم.
قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد﴾ إلى قوله: ﴿ياويلنآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾.
أي: ويقول المشركون متى يأتنا هذا الذي تعدنا يا محمد والوعد بمعنى الموعود. كما قيل: الخلق بمعنى المخلوق. والوزر بمعنى الموزور. ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ يخاطبون النبي ﷺ والمؤمنين.
و" متى " في موضع رفع عند البصريين. وفي موضع نصب عند الكوفيين

صفحة رقم 4757

وكذلك الجواب عند الكوفيين إذا كان معرفة، نصب. يقول: متى وعدك؟ فالجواب عندهم يوم الجمعة بالنصب، فإن كان الجواب نكرة، كان نكرة مرفوعاً. لو قلت يوم قريب ونحوه رفعت.
وحكى الفراء: اجتمع الجيشان: المسلمون جانب، والكفار جانب صاحبهم برفع الأولى لأنه نكرة. ونصب الثاني لأنه معرفة. والرفع عند البصريين، في جميع هذا الوجه، إذا كان الظرف متمكناً تقول: موعدك غُدْوة وبُكْرَة فترفع. فإن قلت موعدك بَكْرَاً. نصبت لأن بكراً غير متمكن. ويدل على صحة البصريين إجماع القراء المشهورين على الرفع في قوله: ﴿مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزينة﴾ [طه: ٥٩].
ثم قال تعالى: ﴿لَوْ يَعْلَمُ الذين كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النار﴾.
أي: لو يعلم هؤلاء المستعجلون عذاب الله ماذا لهم من البلاء حين تلفح وجوههم النار وظهورهم ولا يقدرون أن يكفوا ذلك عن أنفسهم، ففي " يكفون " ضمير " المشركين ". ﴿وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ أي: ولا ناصر لهم من عذاب الله يستنقذهم منه/.
وفي الكلام حذف. قيل: التقدير: لو علموا ذلك، ما أقاموا على كفرهم.

صفحة رقم 4758

وقيل: التقدير: لو علموا ذلك ما سألوا العذاب واستعجلوه. فقالوا: متى هذا الوعد، فهو جواب " لو " محذوف لعلم السامع.
وقيل: التقدير: لو يعلمون ذلك، لا تعظوا وازدجروا عن كفرهم.
وقيل: هو تنبيه على تحقيق وقوع الساعة.
فالمعنى: لو يعلمون ذلك علم يقين، لعلموا أن الساعة آتية لا ريب فيه. ودل على هذا المعنى قوله: " بل تأتيهم بغتة " هذا قول الكسائي ومثله، ﴿لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين﴾ [التكاثر: ٥].
أي: لو علمتم ذلك يقينً ما ألهاكم التكاثر.
ثم قال تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِّن دُونِنَا﴾.
أي: ألهؤلاء المستعجلون ربهم بالعذاب آلهة تمنعهم من دون الله إن حل عليهم العذاب.
ثم وصف تعالى ذكره الآلهة بالضعف، فقال: ﴿لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ فمن لا يقدر أن ينصر نفسه، فكيف يقدر أن ينصر غيره.

صفحة رقم 4759

وقوله: ﴿وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾.
أي: لا تصحب آلهتهم من الله تعالى بخير. قاله قتادة.
وقال مجاهد: ﴿يُصْحَبُونَ﴾. أي: ينصرون.
وعن مجاهد أيضاً: ﴿يُصْحَبُونَ﴾ يحفظون.
وعن ابن عباس: ﴿يُصْحَبُونَ﴾ يمنعون.
وعن ابن عباس: ﴿وَلاَ هُمْ مِّنَّا يُصْحَبُونَ﴾ أي: ولا الكفار منا يجارون من قوله: ﴿وَهُوَ يُجْيِرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ﴾ وهذا القول: اختيار الطبري ليكون الضمير يعود على الكفار.
ويحتمل قول من قال: يحفظون ويمنعون وينصرون أن يكون الضمير يعود على الكفار.
ثم قال تعالى: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هؤلاء وَآبَآءَهُمْ حتى طَالَ عَلَيْهِمُ العمر﴾.
أي: متعناهم بالحياة، ومتعنا آباءهم من قبلهم، حتى طال عليهم العمر. وهم على كفرهم مقيمون.
﴿أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾.
أي: أفلا يرى هؤلاء المشركون أنا نأتي الأرض نخربها من نواحيها بقهرنا أهلها

صفحة رقم 4760

وقتلهم بالسيف، فيتعظوا بذلك، ويحذروا أن ينزل بهم مثل ذلك.
وقال قتادة: ﴿نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ﴾ يعني بالموت.
وقال الحسن والضحاك: يعني فتح البلدان والأرض، يراد بها أرض مكة.
ثم قال تعالى: ﴿أَفَهُمُ الغالبون﴾.
هذا تقريع وتوبيخ: أي: ليس هم الغالبون. ولكن رسول الله ﷺ الغالب.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي﴾.
أي: بالقرآن.
﴿وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعآء﴾.
أي: من أصم الله قلبه عن قبول الذكر، فليس يسمع سماعاً ينتفع به، إنما ينتفع به المؤمن. فعُني بالصم هنا المعرضون عن ذكر الله. فمن أعرض عن قبول شيء، فهو بمنزلة من لا يسمعه، وقت ما ينذر به.
ثم قال تعالى: ﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ﴾.
أي: ولئن مسهم نصيب وحظ من عذاب ربك، " يقال: نفخ فلان لفلان من عطائه إذا أعطاه قسماً أو نصيباً من المال.

صفحة رقم 4761
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية