
وقوله: سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ [٢٦] معناه: بَلْ هم عبادٌ مكرمون. ولو كانت: بَلْ عبادًا مكرمين مردودة عَلَى الولد أي لَمْ نتَّخذهم ولدًا ولكن اتخذناهم عبادًا مكرمين (قالَ صَواباً).
وقوله: أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما [٣٠] فُتِقت السماء بالقطر والأرض بالنبت (وقال «١» ) (كانَتا رَتْقاً) ولم يقل: رتقين (وهو) كما قال (ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً).
وقوله: (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) خفض ولو كانت «٢» : حيّا كَانَ صَوَابًا أي جعلنا كل شيء حيًّا من الماء.
وقوله: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً [٣٢] ولو «٣» قيل: محفوظا يُذهب بالتأنيث إلى السماء وبالتذكير إلى السقف كما قَالَ (أَمَنَةً نُعاساً تَغْشى) و (يَغْشى) وقيل (سَقْفاً) وهي سموات لأنها سقف عَلَى الأرض كالسقف عَلَى البيت. ومعنى قوله (مَحْفُوظاً) : حُفظت (مِنَ الشَّياطِينِ «٤» ) بالنجوم.
وقوله: (وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ) فآياتها قمرها وشمسها ونجومها. قد قرأ مجاهد (وهم عَن آيتها معرضون) فَوَحد (وجعل «٥» ) السماء بِما فيها آية وكلٌّ صواب.
وقال «٦» : فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [٣٣] لغير الآدميين للشمس والقمر «٧» والليل والنهار، وَذَلِكَ أن السباحة من أفعال الآدميين فقيلت بالنون كما قيل: (وَالشَّمْسَ «٨» وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) لأن السجود من أفعال الآدميين. ويُقال: إن الفلك موج مكفوف «٩» يجرين فيه.
(٢) ا: «نصب».
(٣) الجواب محذوف أي لكان صوابا مثلا.
(٤) فى اتأخير ما بين القوسين عما بعده. [.....]
(٥) ا: «فجعل».
(٦) ش، ب: «قوله».
(٧) سقط فى ا.
(٨) الآية ٤ سورة يوسف.
(٩) كأن المراد أنه محفوظ من التسفل.

وقوله أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [٣٤] دخلت «١» الفاء فِي الجزاء وهو (إن) وَفِي جوابه لأن الجزاء متصل بقرآن قبله. فأدخلت فِيهِ ألف الاستفهام عَلَى الفاء من الجزاء. ودخلت الفاء فِي قوله (فهم) لأنه جواب للجزاء. ولو حُذفت الفاء من قوله (فهم) كَانَ صوابًا من وجهين أحدهما أن تريد الفاء فتضمرها، لأنها لا تغير (هم) عَن رفعها فهناك يصلح الإضمار. والوجهُ الآخر أن يراد تقديم (هم) إلى الفاء فكأنّه ١١٦ ب قيل: أفهم الخالدون إن مت.
وقوله: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [٣٥] ولو نوَّنت فِي (ذائقة) ونصبت (الموت) كَانَ صوابًا.
وأكثر ما تختار العرب التنوين والنصب فِي المستقبل. فإذا كَانَ معناهُ ماضيًا لَمْ يكادوا يقولون إلا بالإضافة. فأمّا المستقبل فقولك: أنا صائم يوم الخميس إذا كَانَ خميسًا مستقبلًا. فإن أخبرت عَن صوم يوم خميس ماض قلت: أنا صائم يوم الخميس فهذا وجه العمل. ويختارون أيضًا التنوين. إذا كَانَ مع الجحد. من ذَلِكَ قولهم: ما هُوَ بتارك حقّه، وهو غير تارك حقه، لا يكادونَ يتركونَ التنوين.
وتركه كَثِير جائز وينشدونَ قول أبي الأسود:
فألفيته غير مستعتب... ولا ذاكرِ الله إلا قليلَا «٢»
فمن حذف النون ونصب قَالَ: النية التنوين مع الجحد، ولكني أسقطت النون للساكن الَّذِي لقيها وأعملت معناها. ومن خفض أضاف.
وقوله: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ [٣٦] يريد: يعيب آلهتكم. وكذلك قوله: سمعنا «٣» فثى
(٢) كان أبو الأسود تزوج امرأة فلم ير فيها ما يرضيه فقال شعرا لذويها منه هذا البيت يذكر فى شعره أن خال امرأ لم يبله فخانه وأفشى سره فما جزاؤه أليس. جزاؤه الصوم والهجران فقالوا: نعم فقال: تلك صاحبتكم وهى طالق.
وانظر الأغانى ١٢/ ٣١٠ من طبعة الدار.
(٣) الآية ٦٠ سورة الأنبياء.

يذكرهم يقال له إبراهيم) أي يعيبهم. وأنت قائل للرجل: لئن ذكرتني لتند منّ وأنت تريد: بسوء قَالَ عنترة:
لا تذكري مُهْرِي وما أطعمتُهُ | فيكونَ جِلْدُكِ مثل جلدِ الأشهبِ «١» |
وقوله: خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ [٣٧] وَعَلَى عجلٍ «٢» كأنك قلت: بنيته وخلقته من العجلة وَعَلَى العجلة.
وقوله: وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ [٣٨] (مَتى) فِي موضع نصب، لأنك لو أظهرت جوابها رأيته منصوبًا فقلت: الوعد يوم كذا وكذا (ولو «٣» ) جعلت (متى) فِي موضع رفع كما تَقُولُ: متى الميعاد؟ فيقول: يومُ الخميس وَيَوْمَ الخميس. وقال الله (مَوْعِدُكُمْ «٤» يَوْمُ الزِّينَةِ) فلو نصبت «٥» كَانَ صوابًا. فإذا جعلت الميعاد فِي نكرة من الأيام والليالي والشهور والسنين رفعت فلقت: ميعادك يوم أو يومان، وليلة وليلتان كما قال الله (غُدُوُّها «٦» شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) والعربُ تَقُولُ: إنّما البرد شهران وإنما الصيف شهران. ولو جاء «٧» نصبًا كَانَ صوابًا. وإنما اختاروا الرفع لأنك أبهمت الشهرين فصارا جميعًا كأنهما وقت للصيف.
وإنما اختاروا النصب فِي المعرفة لأنها حينٌ معلومٌ مسند إلى الَّذِي بعده، فحسنت الصفة، كما أنك تَقُولُ:
عبد الله دونٌ من الرجال، وعبد الله دونكَ فتنصب. ومثله اجتمع الجيشان فالمسلمون جانبٌ والكفار
«الأجرب» فى مكان «الأشهب». والأشهب من الشهبة وهى بياض يصدعه سواد، وقد يكون من الجرب. يريد أنك إن دمت على هذا نفرت منك وكان جلدك كجلد الأجرب فلا أقربك.
(٢) يريد أنه يقال فى اللغة ما فى الآية وهذا أيضا. ولا يريد أن هذا قراءة.
(٣) :«فلو».
(٤) الآية ٥٩ سورة طه.
(٥) ا: «نصب».
(٦) الآية ١٢ سورة سبا. [.....]
(٧) ا: «كان».