آيات من القرآن الكريم

لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ۚ فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
ﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟ ﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ إضراب عن اتخاذ الولد وإرادته كأنه قيل لكنا لا نريده بل شأننا ان تغلب الحق الذي من جملته الجد والايمان والقرآن ونحوها على الباطل الذي من جملته اللهو والكفر والأباطيل الاخر قال الراغب القذف الرمي البعيد ولاعتبار البعد فيه قيل منزل قذف وقذيف وبلدة قذوف طروح بعيدة والباطل نقيض الحق وهو الذي لا ثبات له عند الفحص عنه فَيَدْمَغُهُ فيهلكه ويعدمه قال اهل التفسير انما استعار لذلك اى للتعليب والتسليط وإيراد الحق على الباطل القذف وهو الرمي الشديد المستلزم لصلابة المرمى ولمحوه واعدامه الباطل وهو كسر الشيء الرخو الأجوف وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدى الى زهوق الروح تصويرا لابطاله به فشبه الحق بجرم صلب كالماس او الياقوت مثلا قذف به على جرم رخو أجوف من قزاز او تراب فمحقه وأعدمه قال صاحب المفتاح اصل استعمال القذف والدمغ فى الأجسام ثم استعير القذف لا يراد الحق على الباطل والدمغ لا ذهاب الباطل ومحوه فالمستعار منه حسى والمستعار له عقلى اى ففيه تشبيه المعقول بالمحسوس عبر عن الصورة المعقولة بما يدل على الهيئة المحسوسة لتتمكن تلك الهيئة المعقولة فى ذهن السامع فضل تمكن فَإِذا هُوَ [پس آنجا او] زاهِقٌ اى ذاهب بالكلية والزهوق ذهاب الروح ويقال زهقت نفسه خرجت من الأسف وفى إذا المفاجأة والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة فى الذهاب والبطلان ما لا يخفى فكأنه زاهق من الأصل وذكره لترشيح المجاز فان ذهاب الروح انما يلائم المستعار منه اى المعنى الأصلي للدمغ فان الدماغ مجمع الحواس وإذا بلغت الشجة اليه يموت الحيوان وفى التأويلات النجمية للحق ثلاث مراتب وكذا للباطل مرتبة افعال الحق ومرتبة صفات الحق ومرتبة ذات الحق تعالى فاما افعال الحق فهى ما امره الله به العباد فبها يدمغ باطل ما نهى الله عنه واما صفات الحق فبتجليها يدمغ باطل صفات العبد واما ذات الحق فاذا تجلى الله بذاته يدمغ باطل جميع الذوات كما قال تعالى كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ويدل عليه وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ ولعل من قال انا الحق انما قال عند تجلى ذات الحق او صفة حقيته لذاته الباطل إذ زهق باطل ذاته عند مجيئ الحق فاخبر الحق عن ذاته بلسان اتصف بصفة الحق فقال انا الحق: قال المغربي قدس سره

ناصر ومنصور ميكويد انا الحق المبين بشنو از ناصر كه آن كفتار از منصور نيست
وقال الخجندي قدس سره
هر كه بدار فنا جبه هستى بسوخت رمز سوى الله بخواند سر انا الحق شنود
وقال
اسرار انا الحق سخن نيك بلندست معنى چنين جز بسر دار نيابى
وَلَكُمُ الْوَيْلُ قال الأصمعي ويل قبوح وقد يستعمل فى التحسر وويس استصغار وويح ترحم ومن قال ويل واد فى جهنم فانه لم يرد ان ويلا فى اللغة هو موضوع لهذا وانما أراد ان من قال الله تعالى فيه ذلك فقد استحق مقرا من النار وثبت ذلك له. والمعنى استقر لكم الهلاك ايها المشركون مِمَّا تَصِفُونَ من تعليلية متعلقة بالاستقرار اى من أجل وصفكم له سبحانه

صفحة رقم 461

فعبادة اهل الحجاب لا تخلو عن فتور وكلفة بخلاف اهل الكشف الإلهي فان العبادة صارت لهم كالعادة لغيرهم فى سهولة المأخذ والقيام بها نسأل الله تعالى ان يخفف عنا الأوزار انه الكريم الغفار قال الراغب الفتور سكون بعد حدة ولين بعد شدة وضعف بعد قوة قال تعالى يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ اى سكون خال عن مجيئ رسول وقوله تعالى لا يَفْتُرُونَ اى لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة وفى الحديث (لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن فتر الى سنتى فقد نجا والا فقد هلك) فقوله (لكل شرة) فترة) اشارة الى ما قيل للباطل صولة ثم تضمحل وللحق دولة لا تزل وقوله (من فتر الى سنتى اى سكن إليها فالطرف الفاتر فيه ضعف مستحسن والفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة يقال فترته بفترى وشبرته بشبرى انتهى كلام الراغب الاصفهانى فى كتاب المفردات أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً أم منقطعة مقدرة ببل مع الهمزة ومعنى الهمزة انكار الوقوع لا انكار الواقع والضمير للمشركين والمراد بالآلهة الأصنام مِنَ الْأَرْضِ متعلق باتخذوا بمعنى ابتدأوا اتخاذها من الأرض بان صنعوها ونحتوها من بعض الحجارة او من بعض جواهرها كالشبة والصفر ونحوهما والمراد به تحقير المتخذ لا التخصيص هُمْ يُنْشِرُونَ يقال انشره الله أحياه اى يبعثون الموتى والجملة صفة الآلهة وهو الذي يدور عليه الإنكار والتجهيل والتشنيع لا نفس الاتخاذ فانه واقع لا محالة بل اتخذوا آلهة من الأرض هم خاصة مع حقارتهم وجماديتهم ينشرون الموتى كلا فان ما اتخذوها آلهة بمعزل عن ذلك وهم وان لم يقولوا بذلك صريحا فانهم لم يثبتوا الانشار لله تعالى كما قالوا من يحيى العظام وهى رميم فكيف يثبتونه للاصنام لكنهم حيث ادعوا لها الإلهية فكأنهم ادعوا لها الانشار ضرورة انه من الخصائص الالهية حتما لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ تنزيه لنفسه عن الشريك بالنظر العقلي والا بمعنى غير على انها صفة آلهة اى لو كان فى السموات والأرض آلهة غير الله كما هو اعتقادهم الباطل سواء كان الله معهم او لم يكن قال فى الاسئلة المقحمة كيف قال لو كان فيهما فجعل السموات ظرفا وهو تحديد والجواب لم يرد به معنى الظرف وانما هو كقوله وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ لَفَسَدَتا الفساد خروج الشيء عن الاعتدال قليلا كان الخروج عنه أم كثيرا ويضاده الصلاح ويستعمل ذلك فى النفس والبدن والأشياء الخارجة عن الاستقامة اى لخرجتا عن هذا النظام المشاهد لان كل امر بين الاثنين لا يجرى على نظام واحد والرعية تفسد بتدبير الملكين وحيث انتفى التالي تعين انتفاء المقدم قال فى التأويلات النجمية ان هذه الآلهة لا تخلو اما ان يكون كلهم متساويا فى الالوهية وكمال القدرة او بعضهم كامل وبعضهم ناقص واما ان يكون كلهم ناقصا يحتاج بعضهم الى بعض فى الالهية واما كمالية بعضهم وناقصية بعضهم فهو يقتضى استغناء الكامل عن الناقص فالناقص لا يصلح للالهية واما الناقصون الذين يحتاجون الى اعانة بعضهم لبعض فلا يصلحون للآلهية لانهم محتاجون الى مكمل واحد مستغن عما سواه وهو الله الواحد الأحد الصمد الغنى عما سواه وما سواه محتاج اليه ولو كان فيهما آلهة غيره لفسدتا لعدم مدبر كامل فى الالهية ولعجز آلهة اخرى فى المدبرية

صفحة رقم 463

در دو جهان قادر ويكتا تويى... جمله ضعيفند وتوانا تويى
چون قدمت بانك بر أبلق زند... جز تو كه يار وكه انا الحق زند
فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ اى نزهوه تنزيها عما يصفونه به من اتخاذ الشريك والصاحبة والولد لان ذلك من صفات الأجسام ولو كان الله جسما لم يفدر على خلق العالم وتدبير امره ولم يكن مبدأ له على ان الجسم مركب ومتحيز وذلك من امارات الحدوث وجواز الوجود وواجب الوجود متعال عن ذلك قال فى التأويلات النجمية نزه الله نفسه عن العجز والاحتياج لغيره فى الالهية واثبت انه خالق العرش الذي هو مصدر فيض الرحمانية الى المكونات لنفى الالهية عن غيره منزها عما يصفون باحتياجه الى العرش او بآلهة اخرى فى الالهية: وفى المثنوى
واحد اندر ملك او را يار نى... بندگانش را جز او سالارنى «١»
نيست خلقش را دكر كس مالكى... شركتش دعوى كند جز هالكى
قال بعض الكبار افترى العادلون عن الله الى غيره كالطبائعيين القائلين بان جميع التأثيرات الواقعة انما هى من مقتضيات الطبيعة كديمقراطيس واتباعه والسوفسطائيين المنكرين لجميع الموجودات حتى أنفسهم وانكارهم واما الثنوية اعنى القائلين بالهين اثنين أحدهما مصدر للخيرات والآخر مصدر لشرور فانهم قد لعنوا على لسان اهل الاشراف الكشفى والبرهاني ليس لجسد قلبان ولا لبدن نفسان ولا للسماء شمسان شهد الاخبار بواحد وهو منتهى الأعيان لو حصل شمسان لا نطمست الأركان ابى النظام شمسا اخرى فكيف لا يأبى الها آخر ان كان للقيوم شريك فاين شمسه لانها أكمل النيرات فخالقها أكمل ممن لم يخلق مثلها ومن غيره أكمل منه لا يكون واجبا لذاته لان الوجوب الذاتي من خصائص الكمال التام فحيث لم نجد شمسا اخرى عرفنا انه ليس فى الوجود اله آخر
يشهد الله أينما يبدو... انه لا اله الا هو
قال بعض ارباب الحقائق لو كان فى سماء الروحانية وارض البشرية مدبرات مثل العقل فى سماء الروحانية وفى الهوى ارض البشرية غير هداية الله تعالى بواسطة الأنبياء والشرائع لفسدتا كما فسدت بتدبير العقل والهوى سماء الروحانية الفلاسفة والطبائعية والدهرية والإباحية والملاحدة وارض بشريتهم فاما فساد سماء أرواحهم فبان زلت قدمهم عن جادة التوحيد وصراط الوحدانية حتى انبتوا لله الواحد القديم شريكا قديما وهو العالم فلم يقبلوا دعوة الأنبياء ولم يهتدوا بهداية الحق: وفى المثنوى
اى ببرده عقل هديه تا اله... عقل آنجا كمترست از خاك راه «٢»
واما فساد ارض بشريتهم فبان زلت قدمهم عن جادة العبودية وصراط الشريعة والمتابعة حتى عبدوا طاغوت الهوى والشيطان وآل امر فساد حالهم الى ان قال تعالى فيهم صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ قال الشيخ ابو عثمان المغربي قدس سره من امر السنة على نفسه أخذا وتركا وحبا وبغضا نطق بالحكمة ومن امر الهوى على نفسه نطق بالبدعة فعلى السالك ان يأخذ بالطريق الوسط وهو طريق الكتاب والسنة الموصل الى الجنة والقربة والوصلة ويجتهد فى تحصيل كمال الصدق والإخلاص إذ هو الزاد لاهل الاختصاص نسأل الله الفياض

(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان مجاوبات موسى كه صاحب عقل بود إلخ
(٢) در أوائل دفتر چهارم در بيان قصه هديه فرستادن بلقيسى إلخ

صفحة رقم 464
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية