آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚ ﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦ ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔ

لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها الحسيس صوت يحس به اى لا يسمعون صوتها سمعا ضعيفا كما هو المعهود عند كون المصوت بعيدا وان كان صوته فى غاية الشدة لا انهم لا يسمعون صوتها الخفي فى نفسه فقط قال الصادق كيف يسمعون حسيسها والنار تخمد لمطالعتهم وتتلاشى برؤيتهم وفى الحديث (تقول النار للمؤمن يوم القيامة جز يا مؤمن فقد اطفأ نورك لهبى: وفى المثنوى

ز آتش مؤمن ازين رو اى صفى ميشود دوزخ ضعيف ومنطفى «١»
كويدش بگذر سبك اى محتشم ور نه ز آتشهاى تو مرد آتشم
وفى التأويلات النجمية ومن آثار سبق العناية الازلية ان لا يسمعون حسيس جهنم القهر وحسيسها مقالات اهل الأهواء والبدع وادلة الفلاسفة وبراهينهم بالعقول المشوبة بالوهم والخيال وظلمة الطبيعة وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ دائمون فى غاية التنعم والاشتهاء والشهوة طلب النفس اللذة وتقديم الظرف للقصر والاهتمام وهو بيان لفوزهم بالمطالب اثر بيان خلاصهم من المهالك قال ابن عطاء للقلوب شهوة وللارواح شهوة وللنفوس شهوة وقد يجمع الله لهم فى الجنة جميع ذلك فشهوة الأرواح القرب وشهوة القلوب المشاهدة والرؤية وشهوة النفوس الالتذاذ بالراحة والاكل والشرب والزينة لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ بيان لنجاتهم من الافزاع بالكلية بعد بيان نجاتهم من النار لانهم إذا لم يحزنهم اكبر الافزاع لا يحزنهم ما عداه بالضرورة والفزع انقباض ونفار يعترى الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ولا يقال فزعت من الله كما يقال خفت منه قال الراغب الفزع الأكبر هو الفزع من دخول النار وقال بعضهم ذبح الموت بمرأى من الفريقين وأطباق جهنم على أهلها اى وضع الطبق عليها بعد ما اخرج منها من اخرج فيفزع أهلها حينئذ فزعا شديدا لم يفزعوا فزعا أشد منه وقال بعض ارباب الحقيقة هو قوله تعالى فى الأزل (هؤلاء فى الجنة ولا أبالي) وذلك لان نفوسهم المطمئنة فى الجنة المضافة الى الحضرة كما قال تعالى وَادْخُلِي جَنَّتِي فافهم جدا وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ اى تستقبلهم ملائكة الرحمة مهنئين لهم هذا يَوْمُكُمُ على ارادة القول اى قائلين هذا اليوم يومكم الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فى الدنيا وتبشرون بما فيه من فنون المثوبات على الايمان والطاعة قال الكاشفى [عابدانرا كويند اين روز جزاى شماست عارفانرا خطاب رسد كه اين روز تماشاى شماست]
نيك مردانرا نعيم اندر نعيم عشق بازان را لقا اندر لقاء
حصه آنها وصال حور عين بهره اينها جمال كبريا
فليجتهد العاقل فى الطاعات حتى يصل الى القربات وليبعد نفسه عن المخالفات ليأمن من العقوبات واعلم ان الدار الآخرة وثوابها انما ينال إليها بترك الدنيا وزخارفها كما ان وصلة المولى لا تحصل الا بترك الكونين فمن كان مشتهاه الجنة ونعيمها فليترك اللذة فى الدنيا ومن كان مشتهاه المشاهدات فليقطع نظره عن غير الله تعالى قال فى الفتوحات الملكية اجمع اهل كل ملة على ان الزهد فى الدنيا مطلوب وقالوا ان الفراغ من الدنيا أحب لكل عاقل خوفا على نفسه من الفتنة التي حذرنا الله منها بقوله أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ
انتهى كلامه قال الشيخ عبد الوهاب الشعراوى
(١) در اواخر دفتر ششم در بيان حديث جز يا مؤمن فان نورك اطفأ نارى

صفحة رقم 525

رحمه الله ومن فوائد الرهبان انهم لا يدخرون قوتا لغد لا يكنزون فضة ولا ذهبا قال ورايت شخصا قال لراهب انظر لى هذا الدينار هو من ضرب أي الملوك فلم يرض وقال النظر الى الدنيا منهى عنه عندنا قال ورأيت الرهبان مرة وهم يسحبون شخصا ويخرجونه من الكنيسة ويقولون له اتلفت علينا الرهبان فسألت عن ذلك فقالوا رأوا على عمامته نصفا مربوطا فقلت لهم ربط الدرهم مذموم فقالوا نعم عندنا وعند نبيكم ﷺ قال بعض الحكماء ان فى الجنة راحة لا يجدها الا من لم يكن له فى الدنيا راحة وفيها غنى لا يجده الا من ترك الفضول فى الدنيا واقتصر على اليسير منها وفيها أمن لا يجده الا اهل الخوف والفزع فى الدنيا

لا تخافوا هست نزل خائفان هست در خور از براى خائف آن «١»
وفيها ما تشتهى الأنفس لا يجده الا اهل الزهد وعن بعض الزهاد انه كان يأكل بقلا وملحا من غير خبز فقال له رجل اقتصرت على هذا قال نعم لانى انما جعلت الدنيا للجنة وأنت جعلت الدنيا للمزبلة يعنى تأكل الطيبات فتصير الى المزبلة وانى آكل لا قامة الطاعات لعلى أصير الى الجنة نسأل الله الفيض والجود والتوفيق لطريق الشهود يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ منصوب با ذكر والطى ضد النشر كَطَيِّ السِّجِلِّ وهى الصحيفة اى طيا كطى الطومار لِلْكُتُبِ متعلقة بمحذوف هو حال من السجل اى كائنا للكتب عبارة عن الصحائف وما كنت فيها فسجلها بعض اجزائها وبه يتعلق الطى حقيقة وقال الامام السهيلي ذكر محمد بن حسن المقري عن جماعة من المفسرين ان السجل ملك فى السماء الثالثة ترفع اليه اعمال العباد ترفعها اليه الحفظة الموكلون بالخلق فى كل خميس واثنين وكان من أعوانه فيما ذكروا هاروت وماروت وفى السنن لابى داود السجل كاتب كان للنبى عليه السلام وهذا لا يعرف فى كتاب النبي ولا فى أصحابه من اسمه السجل ولا وجد الا فى هذا الخبر انتهى كلام السهيلي رحمه الله قال فى انسان العيون لم يذكر فى القرآن من الصحابة رضى الله عنهم أحد باسمه الا زيد بن حارثة رضى الله عنه الذي تبناه رسول الله ﷺ كما لم يذكر امرأة باسمها الا مريم قال ابن الجوزي الا ما يروى فى بعض التفاسير ان السجل الذي فى قوله تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ الى آخره اسم رجل كان يكتب لرسول الله عليه السلام انتهى وفى القاموس السجل اسم كاتب للنبى عليه السلام واسم ملك كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ما كافة تكف الكاف عن العمل وأول مفعول لبدأنا اى نعيد ما خلقناه مبتدأ إعادة مثل بدئنا إياه فى كونها إيجادا بعد العدم وهو لا ينافى الاعادة من عجب الذنب قال فى البحر اى نعيد أول الخلق كما بدأناه تشبيها للاعادة بالابداء فى تناول القدرة القديمة لهما على السواء وَعْداً اى وعدنا الاعادة وعدا عَلَيْنا اى علينا إنجازه وبالفارسية [بر ماست وفا كردن بدان] إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ذلك لا محالة وفى التأويلات النجمية يشير الى طى سماء الوجود الإنساني بتجلى صفة الجلال فى إفناء مراتب الوجود من الانتهاء الى الابتداء كما بدأنا أول حلق من ابتداء النطفة بالتدريج من خلق النطفة علقة ومن خلق العلقة مضغة ومن خلق المضغة عظاما الى انتهاء خلق الانسانية ومن وصف النباتية الى وصف المركبية ومن وصف المركبية الى وصف مفردات العنصرية ومن وصف المفردية الى وصف الملكوتية ومن وصف الملكوتية الى وصف الروحانية
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان يافتن رسول قيصر عمر را خفته در زير خرما بن

صفحة رقم 526
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية